عرب لندن

تستمر الأزمة في مدينة برمنغهام مع استمرار إضراب عمال جمع النفايات لليوم الرابع على التوالي، مما يترك الشوارع مليئة بأكياس القمامة وحاويات النفايات الممتلئة. ومع هذا التكدس، يوجه السكان اللوم إلى المجلس المحلي، مبدين استياءهم من الوضع المتدهور الذي يهدد صحتهم وسلامتهم.

ونقل موقع صحيفة "الغارديان" Guardian قصة أحد المتضررين من الأزمة، وهو سهيل صادق، صاحب مشروع لإصلاح السيارات، الذي أشار إلى أن العديد من السيارات التي تصل إليه قد تعرضت للتلف بسبب القوارض التي تهاجمها، خاصةً أسلاك البطارية، ويعزو ذلك إلى تراكم القمامة في الشوارع. وقال صادق: "العدد الذي نراه من السيارات المتضررة أمر لا يُصدق. الجرذان أصبحت مسؤولة عن تدمير أسلاك البطاريات"، مضيفًا: "إذا تمكنا من تجنب هذه الفوضى، لكان وضعنا أفضل بكثير".

ويُظهر هذا الاستياء الشعبي مدى السخط العام تجاه الإضراب، حيث طالب صادق بحل سريع، قائلاً: "يجب إقالة المجلس بأكمله. لسنا في دولة من دول العالم الثالث، نحن في إنجلترا".

هذا وتدور جذور الإضراب الحالي حول خطة المجلس لإلغاء وظيفة مسؤول إعادة التدوير وجمع النفايات (WRCO) بهدف تقليل التكاليف. بينما تسعى نقابة "يونايت" لإنقاذ هذه الوظائف، فإن الأزمة تنطوي على أبعاد أعمق تتعلق بتخفيضات الوظائف والتفاوتات في الأجور داخل المجلس المحلي.

ويُعد هذا الإضراب هو الثاني من نوعه في برمنغهام، ويعود إلى الإضراب الأول الذي حدث في عام 2017 احتجاجًا على نفس القضايا، مما أسفر عن تراكم أكياس القمامة لمدة سبعة أسابيع. في ذلك الوقت، تم تقديم حل مؤقت بتعديل ظروف العمل، وإنشاء وظيفة WRCO. ولكن تطور الأمور بشكل معقد بسبب التمييز بين العمال، إذ اتُهم المجلس بممارسة التمييز ضد النساء العاملات في وظائف منخفضة الأجر لصالح الرجال العاملين في وظائف مثل جمع النفايات.

ودفع هذا الصراع الذي تفجر على السطح في الآونة الأخيرة حزب العمال إلى التدخل مع اقتراب الانتخابات المحلية في إنجلترا. وقد برز الخلاف بين كير ستارمر ونقابة "يونايت" Unite حول التعامل مع الإضراب، حيث طلبت الحكومة من النقابة التفاوض بجدية بدلاً من التصعيد. وفي المقابل، ردت الأمينة العامة لنقابة “يونايت” Unite، شارون غراهام، مؤكدة أن العديد من العمال في بريطانيا يشككون في التزام الحكومة بحل مشاكلهم.

ومن جهة أخرى، سعى المسؤولون في مدينة برمنغهام إلى التوصل إلى تسوية بشأن مطالبات الأجور التاريخية، حيث وافق المجلس في ديسمبر الماضي على دفع تسوية بقيمة 250 مليون جنيه إسترليني لستة آلاف امرأة من العاملات في وظائف غير عادلة الأجر. ويُنتظر أن تؤدي هذه التسوية إلى تغيير في ممارسات التوظيف داخل المجلس، وهو ما يعد أحد الأسباب المباشرة وراء إلغاء وظيفة WRCO في إطار محاولات التقشف المالي.

وقال جون كوتون، رئيس بلدية برمنغهام، إن هذه الأزمة تمثل مشكلة قديمة للمجلس، وأكد أن الإدارات السابقة فشلت في معالجة التفاوتات في الأجور بشكل مناسب. وأوضح أن المشكلة قد تؤدي إلى زيادة الأجور في بعض الوظائف مثل مساعدي التدريس وعمال النظافة، ولكن بالنظر إلى الأزمة المالية التي تعاني منها المدينة، فإن إضافة المزيد من الأموال إلى الميزانية ليس خيارًا متاحًا في الوقت الحالي.

وفي خضم هذه الأزمات، أصر زعيم حزب العمال على أن المجلس لن يخفض أجور عمال جمع النفايات، وقدم عرضًا "عادلًا ومعقولًا" لهم، مما يعني أنهم لن يفقدوا وظائفهم أو أجورهم في ظل الأوضاع الراهنة.

السابق وجيه في مجلس اللوردات يتهم ستارمر بتدمير 600 عام من التاريخ لإرضاء النقابات
التالي حزب العمال يخطط لإلغاء عشرات الهيئات شبه الحكومية في خطوة لتقليص البيروقراطية