عرب لندن

سجّل حزب المحافظين البريطاني أدنى مستوى له على الإطلاق في استطلاعات الرأي التي تجريها مؤسسة "YouGov"، إذ أظهر استطلاع نُفذ يومي 18 و19 مايو حصول الحزب على 16% فقط من نوايا التصويت، وهو رقم وصفته المؤسسة بـ"التاريخي".

وحلّ المحافظون في المرتبة الرابعة للمرة الأولى منذ يونيو 2019، وهي الفترة التي بلغت فيها أزمة بريكست ذروتها، وقبيل إجبار البارونة تيريزا ماي على مغادرة داونينغ ستريت.

وفقد حزب المحافظين جميع المجالس المحلية التي كان يدافع عنها في الانتخابات الأخيرة، فيما واصل حزب الإصلاح بقيادة نايجل فاراج صعوده في المشهد السياسي البريطاني.

وتقدّم الإصلاح في الاستطلاع بنسبة 29%، مرتفعًا نقطة مئوية عن الأسبوع السابق، ووسع الفجوة بينه وبين حزب العمال الذي حل ثانيًا بنسبة 22%. 

وتقدّم الحزب الليبرالي الديمقراطي إلى المركز الثالث بـ17%، ليتفوق على المحافظين الذين تراجعوا بنقطتين مقارنة بالأسبوع الماضي.

واستعادت هذه النتائج مشهد استطلاع سابق أجرته "YouGov" يومي 5 و6 يونيو 2019، حين تصدّر حزب بريكست بقيادة فاراج آنذاك القائمة، ودفع المحافظين إلى المركز الرابع عقب هزيمتهم في انتخابات البرلمان الأوروبي بنسبة لم تتجاوز 9%، مما تسبب في استقالة ماي من رئاسة الوزراء.

وسجّل المحافظون لاحقًا مستوى تاريخي في شعبيتهم خلال جائحة كورونا، إذ بلغت نسبتهم 53% في أبريل 2020، لكنهم تراجعوا إلى 28% في يناير 2022 بعد فضيحة "Partygate"، ثم انخفضوا مجددًا إلى 19% في أكتوبر 2022 خلال فترة ليز تراس بعد إعلان الموازنة المصغرة.

وشهد الحزب انتعاشًا مؤقتًا بعد تولي ريشي سوناك رئاسته، حيث ارتفعت النسبة إلى 28% في أبريل 2023، لكنها هبطت إلى 20% في يناير 2024، في ظل محاولات داخلية لعزل سوناك. 

كما سُجلت نسبة 18% في 1 مايو 2024، قبل أن ترتفع قليلاً إلى 22% عشية الانتخابات العامة في 3 يوليو.

وأثار هذا التراجع موجة استياء داخلية تجاه زعيمة الحزب الحالية كيمي بادينوك، واتهمها منتقدوها بعدم تقديم خطة واضحة لمستقبل الحزب أو مواجهته القوية لحزب الإصلاح.

ورفضت بادينوك حتى الآن الكشف عن سياسات مفصّلة، وركّزت حملتها القيادية على العودة إلى "المبادئ الأولى" للحزب، وظهرت في الإعلام في مناسبات محدودة، ما جعل حضورها السياسي باهتًا مقارنة بفاراج.

واستفاد حزب الإصلاح من تصاعد قلق البريطانيين من ملف الهجرة، والذي بلغ أعلى مستوياته منذ تسع سنوات.

 وأظهر استطلاع "YouGov" الأخير أن 50% من البريطانيين اعتبروا الهجرة واللجوء إحدى أهم القضايا، بالتساوي مع الاقتصاد، وهي النسبة الأعلى منذ يونيو 2016 قبيل استفتاء بريكست.

واقترح الإصلاح" تجميد الهجرة غير الضرورية، واعتمد سياسة "واحد يدخل، واحد يخرج"، مع استثناء القطاعات الحيوية.

في المقابل، سجّلت حكومة المحافظين السابقة رقمًا قياسيًا في صافي الهجرة، بلغ ما يقارب مليون شخص، بينما تواجه حكومة كير ستارمر الحالية ارتفاعًا قياسيًا في عبور القوارب الصغيرة.

واعترفت بادينوك، في أول خطاب رئيسي لها، بأن حزبها "أخطأ" في إدارة ملف الهجرة، وتعهدت بتقليص الأعداد بشكل كبير، وأعلنت نيتها فرض سقف سنوي لتأشيرات الدخول، لكنها رفضت تحديد الحد الأعلى لهذا السقف حتى الآن.

وأحرز الإصلاح مكاسب كبيرة في انتخابات المجالس المحلية في 1 مايو، حيث سيطر بالكامل على 10 مجالس محلية وتصدر النتائج الوطنية، بينما جاء الليبراليون الديمقراطيون ثانيًا من حيث عدد المقاعد.

وتكبّد المحافظون خسارة فادحة بتراجعهم بأكثر من 670 مقعدًا، ولم يفوزوا سوى برئاسة بلدية واحدة فقط، في حين جاءت نتائج حزب العمال أقل من المتوقع بمرتين.

وحاولت بادينوك التخفيف من التوقعات المسبقة، ووصفت الانتخابات بأنها "صعبة"، وأكدت أكثر من مرة أنها تحتاج إلى وقت إضافي لاستعادة ثقة الجمهور بحزبها.

وقد تزامنت هذه التطورات مع تصريحات نيك كليغ، زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي السابق، الذي توقّع عودة التحالفات الحكومية مستقبلًا. 

وأكد خلال مقابلة إذاعية أن النظام الانتخابي القائم على الأغلبية البسيطة لا يعكس حقيقة المشهد السياسي متعدد الأحزاب، مضيفًا: "في نهاية المطاف، على السياسيين أن يقرروا: هل يستخدمون رأسمالهم السياسي في تحقيق الأفكار، أم يختبئون خلف رفاهية المعارضة؟".

السابق تومي روبنسون يوشك على مغادرة السجن بعد تخفيف عقوبته
التالي بريطانيا تعلق مفاوضات التجارة مع إسرائيل ردا على تصعيداتها في غزة