عرب لندن
أثار مشروع قانون حقوق العمل، الذي تقدمت به نائبة رئيس الوزراء البريطانية أنجيلا راينر، جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والاقتصادية، وسط تحذيرات من أنه قد يشكل تهديدًا لحرية التعبير ويسمح بالمقاضاة بسبب “المشاعر المجروحة”، خاصة لمعاداته للمزاح أو الدردشة الخفيفة.
وأعربت لجنة المساواة وحقوق الإنسان (EHRC) عن قلقها من القواعد الجديدة التي تُلزم الشركات باتخاذ “جميع الخطوات المعقولة” لمنع تعرض الموظفين للتحرش من قبل أطراف ثالثة مثل العملاء أو الزوار، معتبرة أن هذه القواعد فضفاضة للغاية وقد تؤدي إلى فرض “قيود مفرطة على النقاش العام”، وفقا "للتلغراف".
وفي إحاطة لمجلس اللوردات، دعت اللجنة البرلمان إلى “موازنة التعقيدات” في مشروع القانون لضمان عدم المساس غير المتناسب بحرية التعبير.
وخلال جلسة القراءة الثانية لمشروع القانون في المجلس وصف اللورد ستراثكارون الشرط الذي يتطلب منع تحرش الأطراف الثالثة، بما في ذلك العملاء، بالموظفين هو "بند يشبه قصة أليس في بلاد العجائب"، وأنه "سوف يرضي نزوات النسخة المتغيرة باستمرار من الفكر الجماعي".
وحذر اللورد يونغ من أن هذه الإجراءات الصارمة قد تضر بالأماكن العامة، قائلًا: “هذا سيؤدي إلى محو جزء مهم من تاريخنا وإرثنا، ألا وهو الحانة البريطانية التقليدية.”
وأعرب رؤساء الشركات عن قلقهم من أن التشريعات الجديدة ستفرض عبئًا إداريًا ثقيلًا عليهم، مما قد يثنيهم عن التوظيف ويؤدي إلى تقويض حرية التعبير في الأماكن العامة مثل الحانات والمطاعم.
من جهتها، دعت منظمات الأعمال، مثل (UKHospitality) واتحاد الشركات الصغيرة (FSB)، إلى تأجيل الإصلاحات المقترحة، محذرين من أنها قد تؤثر سلبًا على التوظيف والنمو الاقتصادي، خاصة في ظل ارتفاع مساهمات التأمين الوطني على أصحاب العمل الشهر المقبل.
وقالت كيت نيكولز، الرئيسة التنفيذية لـ (UKHospitality): “قطاع الضيافة سيتحمل أعباءً غير متناسبة بسبب هذه التكاليف. إذا أخطأت الحكومة في تنفيذ هذا القانون، فقد تكون العواقب وخيمة على سوق العمل والاقتصاد الأوسع.”
كما صرّح كريج بومونت، المدير التنفيذي لاتحاد الشركات الصغيرة: “ينبغي على الحكومة تأجيل هذه الإصلاحات قدر الإمكان لمنح الشركات مزيدًا من الوضوح والاستقرار.”
وحذرت منظمات الدفاع عن حرية التعبير من أن الإجراءات الجديدة قد تجبر موظفي الحانات على أن يصبحوا “شرطة المزاح”، حيث سيتعين عليهم مراقبة المحادثات بين الزبائن لمنع أي تعليقات قد تُعتبر مسيئة.
وتساءل اللورد يونغ أوف أكتون، المؤسس المشارك لـ اتحاد حرية التعبير:“كيف سيُتوقع من أصحاب الحانات حماية موظفيهم من سماع محادثات قد تكون غير مريحة لهم؟ هل سنرى الحاجة إلى توظيف ‘حراس المزاح’ لمراقبة الأحاديث داخل الحانات؟”
أما السير تيم مارتن، مؤسس ورئيس سلسلة حانات JD Wetherspoon، فقد وصف التشريعات الجديدة بأنها أشبه بمراقبة وتحكم السلطة في أفكار الأفراد وتصرفاتهم، في إشارة إلى مخاوفه من التقييد المفرط لحرية التعبير.
وخلال جلسة النقاش، وصف اللورد هانت أوف ويرال مشروع القانون بأنه “ليس فقط ضد الأعمال التجارية، بل ضد العمال أيضًا”، محذرًا من أنه إذا تم تمريره بصيغته الحالية، فقد يُطلق عليه “قانون البطالة” بدلًا من “قانون حقوق العمل”، لأنه قد يؤدي إلى زيادة البطالة بدلًا من دعم العمالة.
وفي مواجهة هذه الانتقادات، أكدت الحكومة أن مشروع القانون لن يؤثر على الحق في حرية التعبير، إذا قال متحدث رسمي: "مشروع قانون حقوق العمل لن يمس الحق القانوني في حرية التعبير، وهو حق تدعمه الحكومة بشكل كامل. هدفنا هو تعزيز حماية الموظفين من التحرش في أماكن العمل، لكن التصريحات المزعجة وحدها لا تندرج ضمن تعريف التحرش القانوني.”
وشدد المتحدث على أن الحكومة أجرت مشاورات مكثفة مع قطاع الأعمال لضمان تحقيق التوازن بين حماية العمال وحقوق أصحاب العمل.