عرب لندن

كشفت بيانات حكومية داخلية أن وزارة الداخلية البريطانية تسجل ما معدله عشر اعتداءات يوميًا على طالبي اللجوء الواقعين تحت رعايتها، وسط تصاعد لهجة الحكومة المتشددة ضد من يعبرون بحر المانش نحو بريطانيا.

وأظهرت الأرقام أن الفترة بين يناير 2023 وأغسطس 2024 شهدت نحو 6 آلاف إحالة لحالات اعتداء على طالبي اللجوء أثناء وجودهم في مراكز الإيواء الخاضعة لإشراف الوزارة، بالإضافة إلى 380 إحالة لضحايا جرائم كراهية إلى وحدة الحماية الداخلية التابعة للوزارة، بحسب "الغارديان". 

وأبرزت البيانات التي تم الحصول عليها بموجب قوانين حرية المعلومات، أن وزارة الداخلية تلقت كذلك 11,547 تقريرًا عن ضحايا للاتجار بالبشر، إلى جانب 4,686 تقريرًا عن تعرض طالبي لجوء للتعذيب أثناء احتجازهم أو تواجدهم في المساكن الحكومية.

وفرض الوزراء سلسلة من الإجراءات الصارمة على من يصلون إلى المملكة المتحدة عبر قوارب صغيرة، من بينها الترحيل القسري إلى دولهم الأصلية وسحب الجنسية البريطانية، فضلاً عن محاولات إعادتهم إلى فرنسا أو دول البلقان.

وندد ستيف سميث، المدير التنفيذي لجمعية Care4Calais الخيرية، بالأرقام قائلاً: "هذه الإحصاءات صادمة، لكنها لا تفاجئني. فرقنا المحلية تبلّغ وزارة الداخلية ومقاوليها يوميًا بمخاوف جدية تتعلق بالحماية، لكن هذه المخاوف يتم تجاهلها بشكل روتيني".

وكشف استقصاء منفصل أجرته الجمعية نفسها، أن وزارة الداخلية تلقت خلال عام 2024 نحو 1,500 شكوى خطيرة للغاية من جمعية Migrant Help، المتعاقدة معها رسميًا لتقديم الدعم لطالبي اللجوء.
ومن بين هذه الشكاوى، تعلقت 367 شكوى بسلوك غير لائق من قبل المقاولين تجاه طالبي اللجوء.

ورجّحت مصادر حقوقية أن تكون الأرقام الواردة أقل من الواقع، لأن كثيرًا من الضحايا لا يقدمون بلاغات خوفًا من التأثير على طلبات لجوئه، أو بسبب عدم اتخاذ أي إجراءات عند الإبلاغ.

وأشارت مصادر من وزارة الداخلية إلى احتمال وجود أكثر من إحالة واحدة تخص الشخص نفسه، وأكدت عبر إرشاداتها الرسمية على موقع gov.uk، أن هناك سياسة عدم تسامح مطلق مع الأذى أو الإساءة أو الاستغلال في أماكن الإقامة الخاصة باللجوء.

ويخضع ملف الإقامة لطالبي اللجوء لتحقيق برلماني تجريه لجنة الشؤون الداخلية المشتركة، وقد تسلمت اللجنة أكثر من 100 شهادة مكتوبة من أفراد ومنظمات، جرى نشرها عبر موقعها الإلكتروني.

وحددت جمعية الصليب الأحمر البريطانية في إفادتها للجنة ما وصفته بـ"ثقافة حماية غير كافية"، مشيرة إلى أن كثيرًا من السكان يشعرون بأنهم "غير آمنين جسديًا أو نفسيًا" داخل أماكن الإقامة.

ورصدت الجمعية سلسلة من الإخفاقات، من بينها تكرار سلوك غير لائق جنسيًا من موظفي الفنادق ومشرفي الإسكان تجاه النساء، وتعرض العديد من الفتيات والنساء لتحرش واعتداءات جنسية دون اتخاذ أي إجراءات حازمة عند الإبلاغ.

وسردت الجمعية واقعة تم فيها إصابة طالب لجوء بجروح خطيرة إثر شجار مع حارس أمن، دون أن تتجاوب الجهات المعنية مع طلبات نقله. 

وفي حالة أخرى، أُخرج رجل من المستشفى عقب محاولة انتحار، ليُعاد إلى غرفة بلا نوافذ فاقمت من حالته النفسية. 

كما أجبرت سيدة تعاني من مشاكل نفسية ولا تملك سوى ذراع واحدة، على جمع الماء من سقفٍ متهالك يتسرب منه الماء في دلو، رغم صعوبة المهمة، وقوبلت شكواها بتبرير مفاده أن التسريب بسبب المطر وسيزول لاحقًا.

وأعربت كاميينا دورلينغ، مديرة السياسات في مؤسسة Helen Bamber، عن قلقها قائلة: "العدد المرتفع من الإحالات المتعلقة بضحايا الاتجار والتعذيب مثير للقلق الشديد. لطالما حذرنا من المخاطر التي يواجهها الناس في أماكن الإيواء الضارة، مثل إيذاء النفس والانتحار، لكن لم يتم اتخاذ خطوات كافية".

وأكد متحدث باسم وزارة الداخلية أن الأفراد الذين تثير حالاتهم القلق يمكن إحالتهم إلى وحدة الحماية الخاصة باللجوء، مضيفًا: "نتعامل مع سلامة من نحن مسؤولون عنهم بمنتهى الجدية، وتشكّل وحدة الحماية جزءًا أساسيًا من هذه الجهود".

السابق الدفع الذاتي يفقد شعبيته.. ومتاجر كبرى تُعيد البشر إلى الخدمة
التالي موظفو "Scottish Water" ينفذون إضرابا احتجاجا على الأجور