عرب لندن
يعارض مهربو البشر الألبان ترحيلهم إلى بلجيكا، بحجة أن الاكتظاظ الشديد في السجون هناك يشكل انتهاكًا لحقوقهم الإنسانية.
حيث يواجه صباح زكا، الألباني الذي حصل على الجنسية البريطانية بعد طلب اللجوء، حكمًا بالسجن 12 عامًا في بلجيكا، بعدما أدين غيابيًا بتزعُّم عصابة تهريب مهاجرين.
وحسب ما ذكرته صحيفة التليغراف "Telegraph" تمكنت السلطات من ضبط العصابة أثناء نقل مهاجرين غير شرعيين، بينهم نساء وأطفال، من بلجيكا إلى المملكة المتحدة، مقابل 10 آلاف جنيه إسترليني للمقعد الأمامي في الشاحنة و6 آلاف جنيه إسترليني للمقاعد الخلفية.
كانت العصابة تلجأ إلى تقييد أيدي وأرجل المهاجرين بأكياس بلاستيكية لمنع ترك أي بصمات، كما احتجزت الذين لم يتمكنوا من دفع المبلغ المطلوب كرهائن حتى يتم تسديده.
وأدار زكا، البالغ من العمر 41 عامًا، عمليات التهريب من منزله في بروملي جنوب لندن، لكن الشرطة ألقت القبض عليه في مايو 2022 بناءً على مذكرة اعتقال أوروبية. ومنذ ذلك الحين، يحاول منع ترحيله إلى بلجيكا.
ويدعي زكا أن السجون البلجيكية تعاني من اكتظاظ شديد، إذ لا تتجاوز المساحة المخصصة لكل سجين ثلاثة أمتار مربعة، في حين أن الزنازين المصممة لاستيعاب شخص واحد يتم فيها احتجاز ما يصل إلى ثلاثة سجناء.
ويجادل محامو صباح زكا بأن ترحيله إلى بلجيكا سيشكل انتهاكًا للمادة الثالثة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان (ECHR)، التي تحظر التعذيب والمعاملة اللاإنسانية أو المهينة، بسبب الاكتظاظ الشديد في السجون هناك.
وقد نُظر في قضيته إلى جانب ثلاثة مشتبه بهم آخرين، يسعون أيضًا لمنع ترحيلهم إلى بلجيكا لنفس السبب، بينهم محتال برتغالي متهم بالاحتيال وغسل الأموال، وروماني حُكم عليه غيابيًا بالسجن ثلاث سنوات وأربعة أشهر بتهم السرقة، إضافة إلى مهرب مخدرات متهم بالانتماء إلى عصابة إجرامية واستيراد المخدرات.
ورفض قاضيان في المحكمة العليا، اللورد لويس والقاضي جريفيثس، هذه الطعون، مؤكدين أن الأدلة المقدمة غير كافية لإثبات أن بلجيكا غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها بموجب المادة الثالثة من ECHR.
ورغم ذلك، أدى الطعن القانوني إلى تأخير ترحيل زكا لمدة عامين منذ اعتقاله في المملكة المتحدة، وحتى لو لم يقدم استئنافًا جديدًا، فإن هناك مهربًا ألبانيًا آخر يستخدم الحجة نفسها في محاولة لعرقلة ترحيله.
وفي سياق متصل، يواجه أدرياتيك هايسينليكا، وهو مهرب ألباني آخر، الترحيل إلى بلجيكا لقضاء عقوبة بالسجن 10 سنوات، بعدما جمع ما لا يقل عن مليون جنيه إسترليني كرئيس لعصابة تهريب مهاجرين إلى المملكة المتحدة عبر الشاحنات.
وتشير التقارير إلى أن كل مهاجر دفع 23 ألف جنيه إسترليني مقابل تهريبه إلى بريطانيا، فيما تؤكد السلطات البلجيكية أنه كان مسؤولًا عن 60 جريمة تهريب.
وألقت الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة القبض عليه في أغسطس 2024 بناءً على طلب من بلجيكا، وكشفت وثائق المحكمة أنه كان "قائد منظمة إجرامية واسعة النطاق تستخدم شبكة ضخمة".
إلى جانب احتجاجه على اكتظاظ السجون البلجيكية، يدعي أدرياتيك هايسينليكا (43 عامًا) أن ترحيله سيشكل انتهاكًا لحقه في الحياة الأسرية بموجب المادة الثامنة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان (ECHR)، حيث سيُحرم من التواصل مع ابنه البالغ من العمر عامين.
وكان هايسينليكا قد دخل المملكة المتحدة عام 1998، مدعيًا أنه يتعرض للاضطهاد في ألبانيا، قبل أن ينخرط لاحقًا في عصابات تهريب المهاجرين.
وانتقد كريس فيلب، وزير الداخلية في حكومة الظل، هذه الحجج القانونية، واصفًا إياها بـ"العبثية"، متسائلًا: “كيف يمكن أن تنتهك زنازين بلجيكا الحقوق المزعومة بموجب ECHR، في حين أن بلجيكا نفسها طرف في هذه الاتفاقية؟”
وأضاف أن مثل هذه الدعاوى القانونية تسببت في تأخير عمليات الترحيل لسنوات، مشددًا على ضرورة "إجراء تغييرات جذرية لإنهاء هذا الاستغلال للقوانين".