عرب لندن

تواجه ثلاث قواعد عسكرية بريطانية في نورفولك، وديفون، وهامبشاير تحقيقًا من وزارة الدفاع بسبب المخاوف من تسرب مواد كيميائية سامة دائمة إلى البيئة ومصادر مياه الشرب. القواعد التي تخضع للتحقيق تشمل قاعدة سلاح الجو الملكي البريطاني مارهام في نورفولك، وقاعدة آر إم تشيفينور في ديفون، وقاعدة إيه إيه سي ميدل والوب في هامبشاير.

وذكرت صحيفة "الغارديان" Guardian أن المواقع تم تحديدها باستخدام أداة جديدة طورتها وكالة البيئة لفحص مخاطر المواد الكيميائية الدائمة المعروفة باسم PFAS. وأظهرت الدراسات أن هذه المواد، التي تُستخدم بشكل شائع في رغاوي إطفاء الحرائق، قد تتسرب إلى مصادر المياه والمناطق البيئية الحساسة، مما يشكل تهديدًا للصحة العامة.

هذا وتقع قاعدتا مارهام وآيه إيه سي ميدل والوب في مناطق حماية مياه الشرب، بينما تحيط قاعدة آر إم تشيفينور بمياه المحار المحمية ونهر تاو، الذي يعد موطنًا لسمك السلمون. وهذه المواقع تعتبر حيوية من الناحية البيئية، ما يزيد من القلق بشأن تلوث مصادر المياه بالمواد الكيميائية السامة.

الجدير بالذكر أن PFAS هي مجموعة من المواد الكيميائية الاصطناعية التي تُستخدم في العديد من المنتجات الاستهلاكية والصناعية، مثل رغاوي إطفاء الحرائق، والأقمشة المقاومة للماء، وأواني الطهي غير اللاصقة. وتُسمى هذه المواد "المواد الكيميائية الدائمة" لأنها لا تتحلل بسهولة في البيئة، مما يؤدي إلى تلوث التربة والمياه. كما أنها تتراكم في جسم الإنسان وترتبط بعدد من المشاكل الصحية الخطيرة، مثل السرطان، واضطرابات الجهاز المناعي، والمشاكل التناسلية.

وكانت القواعد العسكرية البريطانية، مثل غيرها من القواعد في أنحاء العالم، تستخدم هذه الرغاوي لعقود طويلة في عمليات إطفاء الحرائق. ورغم أن بعض المواد الكيميائية المرتبطة بهذه الرغاوي قد تم حظرها، إلا أن تأثيراتها ما زالت موجودة في البيئة.

وأعرب البروفيسور هانز بيتر أرب، من الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا، عن قلقه من أن تلوث المواقع العسكرية البريطانية ليس بالأمر المفاجئ، مشيرًا إلى أن معظم القواعد العسكرية حول العالم تحتوي على تركيزات عالية من PFAS في التربة والمياه الجوفية، وقد تظل هذه المواد موجودة لعقود أو حتى قرون. وأضاف أنه من المهم اتخاذ إجراءات فورية لتنظيف هذه المواقع لمنع التلوث المستقبلي.

ومن جانب آخر، أطلقت لجنة التدقيق البيئي في المملكة المتحدة تحقيقًا رسميًا في تلوث PFAS، محذرة من أن معالجة هذا التلوث قد تكلف مليارات الدولارات. ويطالب النشطاء والعلماء بضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لفهم أبعاد تلوث PFAS ومعالجته، خصوصًا في المناطق التي قد تؤثر على مياه الشرب.

وفي هذا السياق، أكد أليكس فورد، أستاذ علم الأحياء بجامعة بورتسموث، أن هيئات البيئة في المملكة المتحدة قد حددت آلاف المواقع ذات المخاطر العالية لتلوث PFAS، مشيرًا إلى أن هذه المواد الكيميائية باتت تُكتشف في مياه الشرب، والتربة، والمياه الجوفية، وحتى في جسم الإنسان.

من جانبه، شدد متحدث باسم هيئة البيئة على ضرورة إتخاذ تدابير فاعلة للتعامل مع تلوث PFAS، وأضاف أن هيئة التفتيش الخاصة بمياه الشرب تقوم بمراجعة الخطط الوطنية للتعامل مع هذه المواد والتأكد من أنها لا تتجاوز المستويات الآمنة.

وعلى الرغم من أن المملكة المتحدة بدأت في التحقيق في نطاق مشكلة تلوث PFAS مؤخرًا، فإن الولايات المتحدة كانت قد بدأت هذه التحقيقات منذ عدة سنوات، حيث خصصت مليارات الدولارات لتنظيف المواقع العسكرية الملوثة. وهذا يبرز الحاجة الملحة لبذل جهود أكبر في المملكة المتحدة لمكافحة هذا التلوث البيئي والصحي المستمر.

في الختام، تشير هذه المخاوف إلى ضرورة اتخاذ خطوات جادة لمعالجة تلوث PFAS في المملكة المتحدة، بما في ذلك فرض حظر على استخدامها في المستقبل وتطبيق تدابير تنظيف فعالة في المواقع الملوثة، بهدف حماية البيئة وصحة الإنسان على المدى الطويل.

السابق إيفيت كوبر تواجه ضغوطًا متزايدة لإغلاق مخيم الللاجئين ويذرفيلد "الذي يشبه السجن"
التالي تصعيد غير مسبوق في قطاع التعليم: نقابات المعلمين تتوعّد بالإضراب الشامل