عرب لندن
حذر معلمون في المملكة المتحدة من تصاعد مقلق في سلوكيات التلاميذ التي تتسم بكراهية النساء والعنصرية، مدفوعين بتأثير شخصيات مثيرة للجدل على وسائل التواصل الاجتماعي، مثل أندرو تيت ودونالد ترامب.
وذكرت صحيفة “الغارديان”The Guardian أن استطلاعاً أجرته نقابة المعلمين الوطنية (NASUWT) كشف أن الغالبية العظمى من المعلمين يعتقدون أن وسائل التواصل الاجتماعي تمثل السبب الرئيسي وراء سوء السلوك في المدارس.
وأشار الاستطلاع إلى أن المعلمات يتعرضن بشكل خاص للتهجم والتمييز، وعبّر المشاركون عن قلقهم من تزايد رفض بعض أولياء الأمور التعاون مع إدارات المدارس لضبط سلوك أبنائهم.
وقال أحد المعلمين المشاركين في الاستطلاع إن الطلاب أصبحوا يرددون تعليقات عنصرية ومتحيزة جنسياً، دون إدراك لخطورة تلك الأقوال، بعد أن تأثروا بمحتوى منشور على الإنترنت.
وصرّح باتريك روتش، الأمين العام للنقابة، خلال المؤتمر السنوي المنعقد في ليفربول، أن "اثنين من كل ثلاثة معلمين يؤكدون أن وسائل التواصل أصبحت عاملًا حاسمًا في انتشار التنمر والسلوكيات التخريبية داخل الفصول الدراسية".
وأشار روتش إلى أن الهواتف المحمولة تُستخدم خلال اليوم الدراسي لمقاطعة الحصص والتنمر وكسب الشهرة بين الأقران، مطالبًا بخطة وطنية للتعامل مع ما وصفه بـ"حالة طوارئ".
وقالت معلمة في المرحلة الابتدائية إن بعض الطلاب الذكور رفضوا التحدث إليها لأنها امرأة، وفضّلوا التوجه إلى مساعد تدريس ذكر، مقلدين سلوك أندرو تيت. وأكدت أن الأطفال المتأثرين بشخصيته تتراوح أعمارهم حول العاشرة فقط.
وأبلغ معلمون آخرون عن حالات أطلق فيها الطلاب "نباحًا" على الموظفات وسدّوا الأبواب عليهن، في تصرفات وصفوها بأنها نُسِخت حرفيًا من مقاطع فيديو منشورة على الإنترنت.
كما أشار المعلمون إلى أن التلاميذ أصبحوا يطّلعون على محتويات إباحية عنيفة، ويستهلكون أخبارًا كاذبة تغذي شعورهم بالتفوق على المعلمين، وتؤثر سلبًا على تركيزهم واستجابتهم للتوجيهات التربوية.
وفي المقابل، أكدت وزارة التعليم البريطانية أنها تدرك خطورة التأثير المتزايد لما وصفته بـ"المؤثرين الخطرين"، وقال متحدث رسمي: "ندعم المدارس لبناء قدرة الشباب على مقاومة الفكر المتطرف، ونعمل على مراجعة المناهج لتزويد الأطفال بمهارات تحصّنهم ضد محتوى الإنترنت الضار، إلى جانب تطبيق قانون السلامة على الإنترنت لضمان تجربة رقمية آمنة ومناسبة لأعمارهم".
ورغم ذلك، أعربت منيرة ويلسون، المتحدثة باسم حزب الديمقراطيين الليبراليين لشؤون التعليم، عن قلقها من استمرار ما وصفته بـ"الزوايا المظلمة" للإنترنت، حيث يتعرض الأطفال لأفكار مدمّرة تترجم إلى سلوك مؤذٍ داخل الفصول.
وخلال المؤتمر، تحدّثت ليندسي هانجر، مندوبة من نورويتش، عن تصاعد العنف اللفظي والجسدي من قبل بعض أولياء الأمور عند استدعائهم لمناقشة سلوك أبنائهم، مشيرة إلى أن مدارس كثيرة باتت تتغاضى عن السلوكيات الخطيرة في محاولة لتقليل نسب الاستبعاد وتحقيق أهداف الحضور.
ودعت هانجر الحكومة إلى وضع استراتيجية تلزم أولياء الأمور بالتعاون مع سياسات ضبط السلوك، وربط التزامهم باستمرار أبنائهم في المدارس.
ووافق المؤتمر على مقترح يعارض تقنين سياسات "عدم الاستبعاد" التي تسعى لتقليص أو منع طرد التلاميذ، معتبرًا أن الانضباط في المدارس لا ينبغي أن يُضحّى به تحت ضغط الإحصاءات.
من جانب آخر، أكد روتش أن النقابة ستطالب بزيادة حقيقية في أجور المعلمين مع بداية الخريف المقبل، ملوّحًا بإجراء اقتراع رسمي للإضراب في حال تجاهلت الحكومة توصيات هيئة مراجعة الأجور.
كما أقرّ المؤتمر رفض أي اندماج بين نقابة NASUWT ونقابات أخرى، على رأسها الاتحاد الوطني للتعليم (NEU)، وذلك وسط مخاوف من تغير توجهات النقابة في حال فوز مرشح محسوب على التيار الأكثر يسارية.