بقلم المستشار القانوني أ.علي القدومي

المقدمة:
الفلسطينيون من حملة الجوازات الأردنية المؤقتة يواجهون وضعًا قانونيًا معقدًا نتيجة الجمع بين اللجوء السياسي، الحماية الدولية، والحقوق الإنسانية. يتأثر وضعهم بالتداخل بين القوانين الوطنية والدولية، مما ينعكس على فرصهم في الحصول على اللجوء في دول أوروبا، خصوصًا في بريطانيا. هذا المقال يناقش الإطار القانوني، التحديات التي تواجههم، ووجهة نظر الدول الأوروبية تجاه طلباتهم، بالإضافة إلى الميزات التي يمكن أن يحصلوا عليها في حال قبولهم.

1. الخلفية التاريخية والوضع القانوني:
بعد فك الارتباط الإداري والقانوني بين الضفتين الشرقية والغربية في الأردن عام 1988، مُنح الفلسطينيون من سكان الضفة الغربية جوازات أردنية مؤقتة، تُجدد كل خمس سنوات، دون أن تخولهم الحصول على الجنسية الأردنية الكاملة. هذا الجواز يُستخدم كوثيقة سفر وإثبات شخصية، لكنه لا يمنح حامله الحقوق الكاملة التي يتمتع بها المواطن الأردني.

* تصنيفهم كعديمي الجنسية (Stateless): العديد من الدول الأوروبية، بما في ذلك بريطانيا، قد تنظر إليهم كأفراد عديمي الجنسية، مما يمكن أن يدعم طلبهم للجوء إذا ثبتت معاناتهم أو غياب الحماية الكافية.

2. طلبات اللجوء: المعايير والتحديات:
(أ) المعايير الدولية:

* وفقًا لاتفاقية اللاجئين لعام 1951 وبروتوكولها لعام 1967، يمكن اعتبار الشخص لاجئًا إذا كان لديه خوف مبرر من التعرض للاضطهاد بسبب العرق، الدين، الجنسية، أو الانتماء السياسي.

* الفلسطينيون حاملو الجوازات الأردنية المؤقتة غالبًا ما يُعتبرون مشمولين بالحماية الخاصة المقدمة للاجئين الفلسطينيين من قبل وكالة الأونروا. لكن إذا كان الشخص خارج مناطق عمل الأونروا (الضفة الغربية، غزة، لبنان، سوريا، الأردن)، يمكنه تقديم طلب لجوء بناءً على غياب الحماية.

(ب) التحديات الرئيسية:

1. التسجيل لدى الأونروا:

* إذا كان الشخص مسجلاً لدى الأونروا، قد تعتبر بعض الدول، مثل بريطانيا وألمانيا، أن لديه مصدرًا للحماية الدولية، مما يؤدي إلى رفض طلب اللجوء.

2. بلد الإقامة السابق:

* إذا كان الشخص يقيم في الأردن أو الضفة الغربية، قد يُعتبر أنه لديه دولة مضيفة “آمنة”، مما يُضعف طلب اللجوء.

3. إثبات الخطر الشخصي:
* يتطلب تقديم أدلة قوية على أن الشخص يواجه خطرًا شخصيًا محددًا، مثل الاضطهاد أو التمييز المستمر.

3. وجهة نظر الدول الأوروبية وبريطانيا:

(أ) بريطانيا:

* القبول:

بريطانيا تنظر إلى الفلسطينيين حاملي الجوازات المؤقتة كحالات خاصة إذا تمكنوا من إثبات أنهم لا يستطيعون العودة إلى أماكن إقامتهم بسبب الاضطهاد أو غياب الحماية الكافية.

* التحديات:

يُطلب من الفلسطينيين تقديم أدلة قوية على تعرضهم للاضطهاد أو غياب الحماية في الأردن أو الأراضي الفلسطينية. في بعض الحالات، إذا اعتُبر الشخص قادرًا على العيش بأمان في الأردن، قد يُرفض طلبه.

* الميزات:

إذا قُبل طلب اللجوء، يُمنح الشخص إقامة قانونية، حق العمل، الرعاية الصحية المجانية، وإمكانية لم شمل الأسرة.

(ب) ألمانيا وفرنسا:

* ألمانيا: تُصنف الفلسطينيين كعديمي الجنسية مما يمنحهم فرصة أفضل للقبول، خاصة إذا كانوا يفتقرون إلى الحماية القانونية الكافية.

* فرنسا: تتعامل مع الفلسطينيين بحساسية تاريخية، وتعطي الأولوية للحالات الإنسانية الموثقة.

4. الميزات التي يمكن الحصول عليها عند قبول اللجوء:
1. إقامة قانونية:

يحصل اللاجئون على إقامة قانونية تمنحهم حق البقاء والاستقرار.

2. حق العمل والتعليم:

يتمتع اللاجئون بحق العمل والالتحاق بنظام التعليم العام، بما في ذلك الجامعات.

3. رعاية صحية مجانية:

تقدم معظم الدول الأوروبية رعاية صحية مجانية أو مدعومة للاجئين.

4. دعم مالي:

تقدم الحكومات مساعدات مالية تغطي السكن والاحتياجات الأساسية.

5. الحماية من الترحيل:

يُمنع ترحيل اللاجئ إلى البلد الذي هرب منه.

6. إمكانية الحصول على الجنسية:

بعد فترة من الإقامة (عادة من 5 إلى 10 سنوات)، يمكن للاجئين التقدم للحصول على جنسية البلد المضيف.

5. التوصيات والمقترحات:
1. تعزيز الوعي القانوني:

* يُنصح الفلسطينيون حاملو الجوازات المؤقتة بالاطلاع على حقوقهم القانونية واستشارة محامين مختصين عند تقديم طلبات اللجوء.

2. تقديم أدلة قوية:

* يجب توثيق كل أشكال التمييز أو الاضطهاد التي تعرضوا لها، مع تقديم إثباتات ملموسة (مثل شهادات رسمية أو شهادات شخصية).

3. التواصل مع المنظمات الدولية:

* يمكن للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تقديم الدعم والمشورة القانونية.

4. مراجعة السياسات الوطنية:

* من المهم أن تعمل الدول المضيفة على تحسين فهمها لأوضاع الفلسطينيين، خاصةً حاملي الجوازات المؤقتة، لضمان توفير الحماية اللازمة.

الخلاصة:
يشكل الفلسطينيون من حملة الجوازات الأردنية المؤقتة حالة معقدة في نظام اللجوء الدولي. بينما توفر بعض الدول الأوروبية، مثل بريطانيا وألمانيا، فرصًا لقبول طلبات اللجوء بناءً على غياب الحماية أو الاضطهاد، فإن التحديات الإجرائية والقانونية قد تعيق حصولهم على الحماية بسهولة. من الضروري تعزيز الوعي بحقوقهم القانونية وتوثيق ظروفهم بشكل جيد لضمان نجاح طلباتهم.

السابق ونستون تشرشل: مهندس النكبة وعراب الاستعمار في فلسطين
التالي الكويت تسحب الجنسية من مواطنين وتزايد طلبات اللجوء في المملكة المتحدة: الأسباب، التداعيات، والفرص