عرب لندن 

أصدرت المحكمة الجنائية الدولية، اليوم، مذكرتي اعتقال بحق رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق في مجلس الحرب يوآف غالانت.

وقالت المحكمة إن هناك "أسبابا منطقية" للاعتقاد بأنهما ارتكبا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة، بعد العدوان الذي شنه الاحتلال على القطاع إثر عملية طوفان الأقصى.

وأضافت المحكمة في بيان أن "هناك ما يدعو إلى الاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت أشرفا على هجمات على السكان المدنيين"، وقالت إن جرائم الحرب المنسوبة إليهما تشمل استخدام التجويع سلاح حرب، كما تشمل جرائم ضد الإنسانية، والمتمثلة في القتل والاضطهاد وغيرهما من الأفعال غير الإنسانية.

وقدمت حكومة العمال البريطانية رد فعل ضعيف على إصدار المحكمة الجنائية الدولية (ICC) مذكرات التوقيف بحق بنيامين نتنياهو، وزير دفاعه السابق، وأحد مسؤولي حماس.

وبعد انتظار دام أربع ساعات، أصدر متحدث باسم الحكومة البريطانية بياناً قال فيه: "نحترم استقلالية المحكمة الجنائية الدولية، التي تعتبر المؤسسة الدولية الأساسية للتحقيق في الجرائم الأشد خطورة والتي تثير القلق الدولي".

وأضاف البيان: "كانت هذه الحكومة واضحة بأن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، وفقاً للقانون الدولي. ولا يوجد تكافؤ أخلاقي بين إسرائيل، كدولة ديمقراطية، وحركتي حماس وحزب الله اللبناني، اللتين تُعتبران منظمتين إرهابيتين".

وأكدت الحكومة البريطانية في البيان أنها تواصل التركيز على تحقيق وقف فوري لإطلاق النار في غزة، قائلة:

وتابعت"نظل ملتزمين بالدفع نحو وقف فوري لإطلاق النار لوضع حد للعنف المدمر في غزة. هذا أمر ضروري لحماية المدنيين، وضمان الإفراج عن الرهائن، وزيادة المساعدات الإنسانية إلى غزة".

وعلى الرغم من تعليق بعض صادرات الأسلحة إلى إسرائيل في سبتمبر الماضي بسبب مخاوف من إمكانية استخدامها في انتهاكات للقانون الإنساني الدولي، تواجه الحكومة البريطانية ضغوطًا متزايدة من خبراء حقوق الإنسان لتقييد دعمها العسكري بشكل أكبر، وذلك لتجنب التواطؤ في الجرائم المزعومة.

وتعد الولايات المتحدة أكبر مورد للأسلحة لإسرائيل، حيث وفرت ما لا يقل عن 17.9 مليار دولار منذ بدء الحرب بحسب موقع "i"، في حين أعلنت الحكومة البريطانية أنها صدرت معدات عسكرية بقيمة 60 مليون جنيه إسترليني خلال عامي 2022 و2023.

كما منحت الحكومة 108 تراخيصا لتصدير بضائع عسكرية وغير عسكرية خاضعة للرقابة إلى إسرائيل بين أكتوبر من العام الماضي ومايو الماضي.

ورفعت منظمة "الحق" الفلسطينية وشبكة العمل القانوني العالمية “GLAN” دعوى قضائية في المحكمة العليا هذا الشهر، تتحدى قرارات الحكومة البريطانية بعدم تعليق التراخيص جميعها في سبتمبر 2024، واستثناء تراخيص مكونات F-35.

وتتناول القضية أيضًا قرارات سابقة اتخذتها حكومة المحافظين بعدم تعليق التراخيص في ديسمبر 2023 وأبريل ومايو 2024.

في سبتمبر الماضي، علقت الحكومة البريطانية 30 ترخيصًا تصديريًا؛ بسبب "خطر واضح" من استخدامها في انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي، لكن حوالي 330 ترخيصًا، تشمل معدات تدريب وأنظمة دفاع جوي، مرت دون تغيير.

ومن بين التراخيص التي لم تُعلق، خمسة تراخيص خاصة بمكونات F-35، والتي تُنتج بريطانيا 15% من أجزائها، ما يجعل البرنامج مصدر دخل بمليارات الجنيهات سنويًا لصناعاتها الدفاعية.

وأكد محامو الحكومة أمام المحكمة أن قرارات تصدير الأسلحة إلى إسرائيل تخضع "لمراجعة دقيقة ومستمرة"، مشيرين إلى أن تعليق تراخيص F-35 سيؤثر على البرنامج الدولي للطائرة، الذي يضم 20 دولة من بينها الولايات المتحدة وإسرائيل وكندا وهولندا. 

في السياق ذاته، كشفت صحيفة "Declassified" البريطانية عن نقل أجزاء من طائرات F-35 سرًا إلى إسرائيل من قاعدة سلاح الجو البريطاني في نورفولك.

ومنذ بدء القصف على غزة، تم إرسال ما لا يقل عن سبع شحنات أسلحة من قاعدة RAF Marham إلى قاعدة إسرائيل الجوية F-35 في نيفاتيم.

تم تسليم اثنتين من هذه الشحنات هذا الصيف بعد وقت قصير من تولي كير ستارمر منصب رئيس وزراء المملكة المتحدة.

وتُظهر الوثائق أن حكومة المملكة المتحدة لم توافق فقط على تراخيص تصدير طائرات F-35 المقاتلة إلى إسرائيل، بل إنها سهلت نقلها بنشاط عبر المواقع العسكرية البريطانية.

تعتمد المحكمة الجنائية الدولية على تعاون الدول الأعضاء البالغ عددها 125 دولة لتنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة عنها، إذ تفتقر المحكمة إلى آلية إنفاذ خاصة بها.

وكانت آخر زيارة خارجية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة في يوليو الماضي، كما زار عددًا من الدول العام الماضي، بما في ذلك المملكة المتحدة.

ورفضت الحكومة البريطانية الإفصاح عما إذا كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيتم اعتقاله إذا وطأت قدماه الأراضي البريطانية.

وعند سؤاله عما إذا كان سيتم اعتقال نتنياهو في حال زيارته للمملكة المتحدة، قال المتحدث باسم الحكومة البريطانية: "لن ندخل في افتراضات".

كما رفض داونينغ ستريت الإفصاح عما إذا كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيكون مرحباً به لزيارة بريطانيا في المستقبل.

وقال المتحدث باسم كير ستارمر: "نحن لا نعلق على الزيارات الدولية المستقبلية، لكن موقفي بشأن دعم رئيس الوزراء لإسرائيل فيما يتعلق بحقها في الدفاع عن نفسها وفقاً للقانون الدولي واضح للغاية".

وأضاف: "ليس من اختصاص رئيس الوزراء تحديد جداول السفر لقادة العالم الآخرين. إنه يتواصل وسيتواصل مع رئيس وزراء إسرائيل دعماً لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، بحسب "التلغراف". 

تجدر الإشارة إلى أن العديد من القوى الكبرى في العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة والصين وروسيا والهند، ليست من الموقعين على ميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية، بينما تعد المملكة المتحدة من الدول الموقعة.

وقال كينيث روث، المدير التنفيذي السابق لمنظمة هيومن رايتس ووتش: "بريطانيا، إلى جانب جميع الدول الأعضاء الأخرى في المحكمة الجنائية الدولية، ملزمة الآن باعتقال نتنياهو و(وزير الدفاع السابق) يوآف غالانت إذا تجرأوا على وضع قدمهم على أراضيها". وأضاف: "العالم أصبح فجأة أصغر بكثير بالنسبة لنتنياهو وغالانت".

وقالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنييس كالامار، الخميس، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المستهدف بمذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية، "بات ملاحقاً رسمياً". 

وأضافت أنه بعد صدور مذكرات التوقيف بحق نتنياهو ووزير أمنه السابق يوآف غالانت والقائد العسكري لحركة حماس محمد الضيف، "يجب على الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية والمجتمع الدولي برمته أن تفعل كل ما في وسعها لضمان مثول هؤلاء الأشخاص أمام قضاة المحكمة الجنائية الدولية المستقلين والمحايدين".

كما دعا الزعيم السابق لحزب العمال البريطاني، جيرمي كوربين، حكومة المملكة المتحدة إلى احترام قرار المحكمة الجنائية الدولية ووقف جميع مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل. 

وقال كوربين عبر منصة "إكس": "أوامر الاعتقال تأخرت كثيراً. يتعين على رئيس الوزراء ووزير الخارجية تأييد هذا القرار فوراً كحد أدنى". 

وأضاف كوربين متسائلاً: "هل ستلتزم حكومة المملكة المتحدة الآن بواجباتها الدولية لمنع الإبادة الجماعية وإنهاء دعمها العسكري لإسرائيل؟".

في المسار ذاته، دعا النائب البريطاني المستقل أيوب خان إلى "وقف جميع الأنشطة مع الحكومة الإسرائيلية"، بما في ذلك تبادل المعلومات الاستخباراتية الناتجة عن رحلات المراقبة فوق غزة، وذلك بعد إصدار مذكرات اعتقال دولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وفي مقابلة مع "ميدل إيست آي" يوم الخميس، أكد خان، وهو محامٍ ونائب عن منطقة بيرمنغهام بيري بار وعضو في مجموعة التحالف المستقل المكونة من خمسة نواب، أن هذه المذكرات تجعل إنكار الحكومة البريطانية لكون ما يحدث في غزة إبادة جماعية أمرًا لا يمكن الدفاع عنه.

وكان رئيس الوزراء كير ستارمر قد صرّح الأسبوع الماضي أمام البرلمان ردًا على استفسار من خان بأنه "مدرك تمامًا لتعريف الإبادة الجماعية"، مضيفًا أن هذا هو السبب في عدم وصفه لما تقوم به إسرائيل في غزة بهذا المصطلح.

وفي حديثه للصحيفة، أوضح خان أن "إثبات النية هو العامل الحاسم" عند تعريف الإبادة الجماعية.

وقال: "الحجة الوحيدة التي يمكن أن يقدمها رئيس الوزراء ستارمر ووزير الخارجية ديفيد لامي لدحض أن هذا الأمر يشكل إبادة جماعية تتعلق بالنية. وبصفتي ممارسًا قانونيًا في مجال الجرائم، يمكنني أن أؤكد ذلك".

ووجه نواب من التحالف المستقل في البرلمان البريطاني، هذا الأسبوع، رسالة مكتوبة إلى رئيس الوزراء كير ستارمر، لرفضه الاعتراف بمصطلح بـ"الإبادة الجماعية"، متسائلين عن الأسس القانونية التي استند إليها في تصريحاته.

وقال النواب في رسالتهم: "إن إنكارك لوصف ما يحدث في غزة بالإبادة الجماعية يقلل بشكل فاضح من معاناة الفلسطينيين ويظهر تجاهلاً صارخاً للقانون الدولي. أنت تعلم أن تعريف الإبادة الجماعية لا يعتمد فقط على عدد القتلى، بل على النية الواضحة للتدمير الكلي أو الجزئي لجماعة معينة، كما ينص القانون الدولي في المادة الثانية من اتفاقية الإبادة الجماعية".

وتساءل النواب عما إذا كانت الحكومة البريطانية تمتلك تعريفًا خاصًا للإبادة الجماعية، وأضافوا "إننا نطالبك بمشاركة هذا التعريف معنا وتوضيح الأسباب التي تجعلك تعتبر أن مصطلح الإبادة الجماعية لا ينطبق على الفظائع التي تحدث في غزة".

وحث المدعي العام الأرفع في المحكمة الجنائية الدولية أعضاءها الـ124 ومنها بريطانيا على تنفيذ أوامر الاعتقال الصادرة بحق نتنياهو وجالانت.

وعلى الرغم أن المحكمة الجنائية الدولية لا تمتلك سلطة تنفيذ أوامر الاعتقال الخاصة بها، فإن أي دولة وقّعت على ميثاق روما الأساسي ملزمة من الناحية التقنية باعتقال نتنياهو أو جالانت.

السابق المجلس الإسلامي البريطاني يرحب بقرار إصدار مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت
التالي حصري لعرب لندن: هل يتم اعتقال نتنياهو وغالانت إذا وصلا أوروبا؟