حازم المنجد-عرب لندن

استضافت مؤسسة قرطبة لحوار الحضارات والأديان ندوة سياسية قيمة، مساء الثلاثاء، في مركز المؤتمرات "هالام" بالقرب من شارع أوكسفورد وسط لندن، ناقشت مضمون الكتاب الذي أصدره المؤرخ الإسرائيلي المناهض للصهيونية إيلان بابيه، بعنوان "لوبي من أجل الصهيونية على ضفتي الأطلنطي". 

وضمت الندوة علاوة على المؤلف، كلاً من الدكتور أنس التكريتي مدير مؤسسة قرطبة، والبروفيسور الفلسطيني نور مصالحة أستاذ التاريخ والسياسية في كلية لندن للدراسات الافريقية والاسيوية "سواس"، والأكاديمية الفلسطينية غادة كرمي، وعبد الله داوود مدير مرصد الشرق الأوسط في لندن.

وشهدت الندوة حضور كبير من مختلف شرائح وأوساط المجتمع المدني وطلاب الجامعات، ومن قبل نشطاء حقوقيون وشخصيات سياسية ونقابية مناصرة لفلسطين، وحظيت بتغطية إعلامية واسعة.

وقد افتتحت الندوة، بدقيقة صمت، حداداً على أرواح ضحايا غزة الذين ما زالت ترتكب بحقهم المجازر المروعة وتسفك دمائهم يومياً بالمئات، ومازال الآلاف منهم مدفونين تحت أنقاض وركام منازلهم.

 ثم أعقب ذلك، كلمة مقتضبة للدكتور أنس التكريتي عرف من خلالها على مؤلف الكتاب وإسهاماته الفكرية والأدبية في كشف النقاب عن السياقات التاريخية والسياسية التي ساعدت على ولادة المشروع الصهيوني، والدور الذي قامت به اللوبيات المساندة لهذا المشروع في حشد الدعم الغربي على جانبي المحيط الأطلنطي لتأسيس ما يسمى "إسرائيل"، والمقصود هنا بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية.

بدوره قدم البرفسور والمؤرخ إيلان بابيه عرضا موجزا لأهم الأفكار والمحاور الذي تضمنه الكتاب، مستهلاً ذلك بلمحة تاريخية عن بدايات تأسيس الصهيونية في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، والتي ترجع في جذورها، حسب المؤلف إلى نواة مشروع مسيحي- انجيلي، ركب موجته الرعيل الأول من زعماء الصهيونية، واستطاعوا استغلال النصوص الدينية في العهد القديم للترويج لفكرة أرض الميعاد والوطن القومي لليهود على تراب فلسطين التاريخية، وتلفيق الأكاذيب حول إعادة  بناء هيكلهم المزعوم على أنقاض مملكتهم التي دمرها الرومان قبل 2000 عام، وجرى تغليف تلك الادعاءات والأكاذيب بطابع عنصري ونظريات التفوق العرقي والحضاري، ويرى المؤلف أن القادة الأوروبيين، (بمن فيهم وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور الذي أصدر وعده لليهود عام 1917) غالبيتهم كانت معادية للسامية. حيث ما فتئت تلك القيادات توحد جهودها في سبيل التخلص من المشكلة اليهودية وتداعياتها على المجتمعات الأوروبية، وحرصت على تصديرها إلى خارج القارة، بعدما جرى الإجماع في ما بينهم وبين زعماء الصهيونية على اختيار فلسطين، بعد أن رفضوا أماكن أخرى عرضت عليهم مثل الأرجنتين وأوغندا، "مستغلين ضعف السلطنة العثمانية".   

ثم يخوض المؤلف في تفاصيل دور أبرز الشخصيات الصهيونية في التأثير على دوائر صنع القرار في الدول الكبرى، ونجاحها في خلق لوبيات قوية وجماعات ضغط مؤيدة لها، نسجت بناءً عليها علاقات متينة داخل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا، بدءا من الأحزاب السياسية والمؤسسات الاقتصادية، مرورا بالمجمع الصناعي العسكري وصولاً إلى وسائل الإعلام، الأمر الذي مكنها بحسب المؤلف من جعل المشروع الصهيوني يقع في صلب المشروع الاستعماري الغربي بوصفه صفقة رابحة وامتدادا حيويا لأهدافه الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط.

ومضى المؤلف في الحديث عن تطورات المرحلة الراهنة من منظوره الخاص، وما سيؤول إليه مستقبل دولة الاحتلال، شارحاً بعض العوامل والأسباب التي تحمل في طياتها مؤشرات زوال المشروع الصهيوني، في ظل هيمنة الصهيونية الدينية على المشهد السياسي الإسرائيلي في الوقت الحالي، ورغبة أعضائها في الحكومة تهويد ما تبقى من أراضي الضفة الغربية والقدس القديمة، معتبرا أن ثمة شرخا وانقساما حادا على الذات بين مكونات المجتمع الإسرائيلي بدأ يطفو على السطح، نتيجة تعمق الخلافات الداخلية بين التيارات اليمينية المتطرفة والأحزاب العلمانية من جهة، وتزايد عزلة إسرائيل ونبذها دولياً، إضافة للعبء المالي والأخلاقي الذي باتت تشكله على حلفائها بسبب انفضاح صورتها الإجرامية أمام الرأي العام العالمي، وما ترتكبه من فظائع وجرائم ضد الإنسانية بمنتهى الوحشية، أودت بحياة عشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء غالبيتهم من الأطفال والنساء على مدار أكثر من 8 أشهر من جهة أخرى.

السابق حزب الإصلاح يجمع 1.5 مليون إسترليني بعد عودة نايجل فاراج للزعامة
التالي ذي صن: القبض على آلاف العساكر بسبب الكوكايين