عرب لندن
أكد مجلس إزلنجتون عزمه على إغلاق مدرستي "سانت جود وسانت بول" و"هايباري كوادرانت" الابتدائيتين بشكل دائم في 31 أغسطس، في خطوة جديدة ضمن أزمة تعليمية تتفاقم في لندن بسبب انخفاض أعداد التلاميذ وتراجع التمويل الحكومي.
وذكر موقع “ذا ستاندرد” The Standard أن أولياء الأمور والأطفال والمعلمين من المدرستين نظموا مسيرة احتجاجية مساء الخميس (24 أبريل) إلى مبنى البلدية، تزامنًا مع انعقاد اجتماع مجلس الوزراء الذي صوّت بالموافقة على قرارات الإغلاق التي طُرحت لأول مرة في نوفمبر الماضي.
ووصفت المستشارة ميشلين صافي نغونغو، العضوة التنفيذية للأطفال والشباب، الوضع في إزلنجتون ولندن عمومًا بأنه "خطير"، مشيرة إلى أن التراجع الحاد في أعداد التلاميذ يؤدي إلى تخفيضات حادة في تمويل المدارس، ما يشكّل تهديدًا مباشرًا لجودة التعليم المتاح للأطفال.
ووفقًا لأرقام المجلس، فإن نسبة الشواغر في مدرسة "سانت جود وسانت بول" تصل إلى 46%، وهي الأعلى بين جميع المدارس الابتدائية في إزلنجتون، ما جعلها الأصغر من حيث عدد الطلاب، فيما تعمل مدرسة "هايباري كوادرانت" بأقل من نصف طاقتها، وتواجه عجزًا ماليًا متوقعًا يقترب من مليون جنيه إسترليني بحلول نهاية السنة المالية 2026/2027.
وصرّحت رئيسة المجلس، أونا أوهالوران، أن الإغلاق لم يكن خيارًا سهلًا، قائلة: "الإغلاق هو دائمًا الملاذ الأخير، وقد استمعنا بعناية إلى كل المقترحات والملاحظات التي قُدمت من المعلمين وأولياء الأمور والأطفال. لكن الواقع المالي المؤلم يجعل استمرار تشغيل المدرستين غير ممكن."
ويأتي هذا القرار بعد يومين فقط من إعلان مجلس هاكني عن إغلاق أربع مدارس ابتدائية في منطقته، ما يعكس ظاهرة آخذة في الاتساع في العاصمة. وقد علمت صحيفة "ذا ستاندرد" أن 20 مدرسة على الأقل في لندن تواجه خطر الإغلاق هذا العام بسبب تراجع معدلات الالتحاق.
وواصل أولياء الأمور والتلاميذ والموظفون احتجاجاتهم خلال الأشهر الماضية، منظمين إضرابات ومظاهرات ومسيرات للتعبير عن رفضهم الشديد لخطة الإغلاق، وصلت إلى استخدام حافلات روت ماستر الشهيرة في احتجاج رمزي جاب شوارع المنطقة.
وأثناء اجتماع المجلس، وُجهت أسئلة وانتقادات حادة من الأهالي والمعلمين، واتهم أحد المشاركين تقارير مجلس المدينة بأنها "مليئة بالمغالطات". إلا أن المديرة التنفيذية، فيكتوريا لوسون، دافعت عن القرار، مؤكدة أن المقترحات استندت إلى "بيانات وأدلة مالية واستشارات قانونية واضحة وتقييمات لأثر المساواة".
وصرّحت المستشارة صافي نغونغو بأنها لم تتلقَ "مقترحًا قويًا" بشأن البدائل المقترحة مثل دمج المدرستين، بينما أشار جون آبي، مدير خدمات الأطفال، إلى أن إحجام أولياء الأمور عن نقل أبنائهم كان "واضحًا" خلال الاجتماعات العامة، معتبرًا أن عملية الدمج ستستغرق عامًا إضافيًا وستزيد من تعقيد الوضع من دون ضمان استقرار أعداد التلاميذ.
وصرح نائب رئيس مجلس إدارة مدرسة سانت جود، جون ستانسفيلد، أن خيار الدمج لم يُبحث بالشكل الكافي، وهو ما دفع بعض أولياء الأمور والمعلمين إلى المطالبة بتقييم رسمي لهذا الطرح كبديل عن الإغلاق الكامل.
وفيما تستعد السلطة المحلية للمضي قدمًا في خطة الإغلاق، أكد زعيم المعارضة، المستشار بن علي حمداش (عن حزب الخضر)، أن السبب الحقيقي للأزمة هو "تراجع التمويل الحكومي للمدارس"، قائلاً: "لقد حان الوقت للاعتراف بأننا نواجه أزمة تمويل فعلية. حكومتنا الجديدة ببساطة لا تقدم الدعم الكافي للسلطات المحلية".
وواصل حمداش انتقاده، مشيرًا إلى أن الاعتماد الكبير على تقييمات مكتب معايير التعليم وخدمات الأطفال (Ofsted) أدى إلى إغلاق مدارس تخدم مجتمعات الطبقة العاملة بشكل "غير متناسب"، محذرًا من نزوح عائلات من المنطقة وبالتالي خسارة المزيد من التمويل.
وذكرت منظمة LDRS أن مجلس المدينة بدأ اتخاذ خطوات أوسع لمنع تكرار سيناريوهات الإغلاق، منها عقد مدير خدمات الأطفال، جون آبي، اجتماعًا مع مكتب Ofsted ووزارة التعليم والنقابات لمناقشة الأزمة ووضع "خطة عمل" تتضمن مطالبة الحكومة بمراجعة آليات التمويل.
وأكد آبي أنه إلى جانب المديرة التنفيذية لوسون، سيقوم بدعوة النقابات والمسؤولين في السلطات المحلية إلى اجتماع موسّع في قاعة المدينة لمناقشة سبل التنسيق من أجل تقديم مقترح متكامل إلى الحكومة لإعادة النظر في تمويل مدارس العاصمة.
ورغم الصدمة التي عبّر عنها الموظفون والتلاميذ، لا يزال العديد من الأهالي والمعلمين يصرون على مواصلة جهودهم لإنقاذ المدارس، حيث قالت المعلمة فيبي أوكلي من مدرسة "هايباري كوادرانت": "أشعر بصدمة وخدر شديدين، رغم أننا كنا نعلم أن هذا سيحدث". فيما قالت باربرا شولتز، مُعلّمة الصف الثالث في مدرسة "سانت جود وسانت بول"، ببساطة: "المعركة مستمرة".