عرب لندن

في خطوة مبتكرة تهدف إلى تخفيف الضغط على الأطباء العامين وأقسام الطوارئ، تسعى هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) إلى تحسين الوصول إلى الرعاية الصحية من خلال إرسال العاملين في مجال الصحة والرفاهية المجتمعية إلى المنازل في المناطق المحرومة. ويهدف هذا النهج إلى الكشف المبكر عن الأمراض قبل أن تتطلب الرعاية العاجلة.

هذا وتم نشر العاملين في 12 منطقة حتى الآن، مع خطط للتوسع إلى 13 منطقة أخرى. هؤلاء العاملون يتولى كل منهم مسؤولية حوالي 120-150 أسرة، ويزورونها شهريًا لمساعدة السكان في قضايا متعددة مثل المشاكل المالية والعزلة الاجتماعية بالإضافة إلى القضايا الصحية.

ويستهدف وزير الصحة، ويس ستريتينج، هذا المخطط كجزء من جهود الحكومة "لإصلاح" هيئة الخدمات الصحية الوطنية، والذي قد يتم تضمينه في خطة الرعاية الصحية العشرية القادمة. ويأمل ستريتينج أن يُساهم هذا النهج في تحقيق أهداف رئيسية، مثل نقل الرعاية من المستشفيات إلى المجتمع، وتحويل هيئة الخدمات الصحية الوطنية إلى مؤسسة تُركّز على الوقاية بدلاً من العلاج.

هذا وتشير الأدلة إلى أن المخطط قد حقق نتائج إيجابية، حيث تراجعت زيارة المرضى إلى أقسام الطوارئ بنسبة 10%، كما انخفضت نسبة المواعيد غير المخطط لها مع الأطباء العامين بسبب مشاكل طبية مفاجئة بنسبة 7.3%، وفقًا للجمعية الوطنية للرعاية الصحية الأولية (NAPC).

في منطقة وستمنستر، التي كانت أول منطقة تُطبق هذا النهج في عام 2021، أظهرت الدراسات أن الأفراد الذين استفادوا من دعم العاملين المجتمعيين كانوا أكثر عرضة لإجراء فحوصات صحية منتظمة مثل فحص السرطان، بنسبة 82%، وأكثر عرضة للتطعيم ضد الأمراض الخطيرة بنسبة 47%.

من الجدير بالذكر أن العاملين في مجال الصحة والرفاهية المجتمعية ليسوا موظفين مدربين سريريًا مثل الأطباء أو الممرضات، بل هم في الغالب أفراد من المجتمعات المحلية، يتم تدريبهم للقيام بدورهم هذا. ويعملون على توفير دعم مبكر للمجتمعات، بالإضافة إلى المساعدة في معالجة العوامل الاجتماعية مثل السكن والوضع المالي والعزلة، التي قد تؤثر على الصحة العامة.

وأظهرت التجربة في كورنوال، التي اعتمدت هذا النهج في 2023، أن تقديم الرعاية بطريقة استباقية ساهم في تقليل الضغط على الخدمات النفسية والمجتمعية، فضلاً عن تقليل الحاجة إلى زيارات ممرضات المناطق أو فرق الاستجابة للرعاية العاجلة.

وأشار ماركوس ماكاليستر، مدير برنامج NAPC، إلى أن هذا النهج يساعد المرضى في الحصول على رعاية صحية أكثر ملاءمة، في وقت مبكر، وفي بيئات مجتمعية أكثر من ذلك. وأكد أن تقديم المساعدة في التعامل مع مشكلات صحية بسيطة، مثل العدوى، أو الاضطرابات النفسية، أو نوبات الأمراض المزمنة، يمكن أن يمنع تفاقم الحالات إلى حد يتطلب التدخل في أقسام الطوارئ، وفقاً لما ورد في موقع “الغارديان” Guardian.

من جانبه، أكد وزير الصحة ويس ستريتينج أن هناك مؤشرات مشجعة على نجاح هذه الاستراتيجية في تقديم الرعاية المناسبة في الوقت المناسب، خاصة في المجتمعات والعائلات التي تكثر زياراتها إلى خدمات هيئة الخدمات الصحية الوطنية.

يُعدّ هذا النهج خطوة نحو مستقبل أكثر استدامة للرعاية الصحية في المملكة المتحدة، ويأمل الخبراء أن يُساهم في تخفيف الضغط على المستشفيات ويُحسّن من صحة المجتمعات الضعيفة من خلال تقديم الدعم والرعاية قبل تفاقم المشاكل الصحية.

السابق أكثر من 100 ألف وظيفة مهددة بالتسريح في مستشفيات إنجلترا
التالي إنجاز طبي غير مسبوق في بريطانيا: ولادة أول طفلة من رحم مزروع