ستارمر يتعهد بالتدخل لدعم الصناعات البريطانية في مواجهة التعريفات الجمركية الأمريكية
عرب لندن
صرّح رئيس الوزراء، كير ستارمر، بأن الحكومة ستتدخل لدعم الصناعات البريطانية الحيوية، في ظل الاضطرابات الاقتصادية التي تسببت بها الرسوم الجمركية العالمية التي فرضها دونالد ترامب.
وفي إطار سعي الحكومة لمواجهة آثار فرض البيت الأبيض ضريبة أساسية بنسبة 10% على الصادرات البريطانية إلى الولايات المتحدة، يستعد ستارمر لاتخاذ خطوة ترمي إلى توفير الحماية للقطاعات المعرّضة للخطر وتنفيذ أجزاء محورية من الاستراتيجية الصناعية قبل الموعد المحدد بعدة أشهر.
وفي أول تدخل مهم له منذ إعلان الولايات المتحدة عهدًا اقتصاديًا جديدًا الأسبوع الماضي، سيكشف ستارمر عن خطط تتيح مزيدًا من المرونة لمصنّعي السيارات فيما يتعلق بتحقيق هدف وقف بيع السيارات الجديدة التي تعمل بالبنزين والديزل بحلول عام 2030.
وسيُعفى المصنعون الصغار، مثل شركة "أستون مارتن"، من هذا الهدف، في حين سيُسمح بمواصلة بيع السيارات الهجينة حتى عام 2035، لإتاحة مزيد من الوقت للقطاع الصناعي للاستعداد للتحول إلى السيارات الكهربائية، التي تُعد قطاع نمو مهمًا في المملكة المتحدة.
ومن المتوقع أن تحظى قطاعات أخرى متضررة من تعريفات ترامب، مثل قطاع علوم الحياة، بدعم إضافي في وقت لاحق من هذا الأسبوع إذ سيُعلن الوزراء عن إجراءات لتحفيز النمو، تشمل تقليص الروتين الإداري ورفع مزيد من القيود التخطيطية.
وقال ستارمر في خطاب ألقاه اليوم الإثنين بمنطقة ويست ميدلاندز: "يشهد العالم تحوّلاً في التجارة العالمية، ولذلك يجب علينا أن نمضي قدمًا وبوتيرة أسرع في إعادة تشكيل اقتصادنا وبلدنا من خلال خطتنا للتغيير. أنا مصمم على دعم التميّز البريطاني. الآن أكثر من أي وقت مضى، تحتاج الشركات البريطانية والعاملون إلى حكومة تتدخل ولا تكتفي بالمشاهدة. هذا يعني العمل لا الأقوال".
وتلاشت نحو 5 تريليونات دولار (3.9 تريليونات جنيه إسترليني) قد تلاشت من قيمة الأسواق العالمية بعد أن أطلق ترامب هجومه التعريفي يوم الأربعاء الماضي، والذي شمل فرض ضريبة أساسية بنسبة 10% على واردات الولايات المتحدة من المملكة المتحدة و20% على الواردات من الاتحاد الأوروبي، الشريك التجاري الأكبر لبريطانيا.
وقد أمضى ستارمر عطلة نهاية الأسبوع في مقر "تشيكرز" - مكان النقاهة الرسمي لرؤساء الوزراء منذ عام 1921- حيث أجرى اتصالات مع عدد من قادة العالم بينهم رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، والمستشار الألماني المقبل فريدريش ميرتس، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أكد خلالها خيبة أمله تجاه هذه التعريفات.
وقال متحدث باسم داونينغ ستريت: "أطلعهم على خططه للمضي قدمًا وبسرعة في تقوية اقتصاد المملكة المتحدة لضمان قدرته على الصمود في مواجهة مثل هذه الصدمات العالمية. وأضاف أن من المهم أن تعمل المملكة المتحدة على تعزيز علاقاتها التجارية مع دول العالم في الوقت ذاته".
ويأمل الوزراء في استئناف المحادثات بين المسؤولين البريطانيين والأمريكيين بشأن صفقة تجارية، قد تسفر عن تخفيض الرسوم الجمركية، رغم تحذير نواب بارزين من تقديم تنازلات مفرطة لواشنطن.
وتواصل الحكومة أيضًا محادثات لإبرام اتفاقيات تجارية مع دول أخرى، مثل الهند والصين.
وفي الأثناء، تسعى الحكومة إلى توفير قدر من الاستقرار لعلامات السيارات البريطانية مثل "رولز رويس"، و"فوكسهول"، و"لاند روفر"، وسط هذه الظروف المتقلبة.
وسيُعدّل تفويض المركبات عديمة الانبعاثات (ZEV) لتسهيل التحديث الصناعي باتجاه إنتاج السيارات الكهربائية.
ويأتي ذلك بعد إعلان شركة "جاكوار لاند روفر" تعليق شحنات سياراتها المصنّعة في المملكة المتحدة إلى الولايات المتحدة لمدة شهر، بينما تدرس سبل التخفيف من آثار تعريفات ترامب، التي بلغت 25% على السيارات والشاحنات الخفيفة المستوردة، ودخلت حيز التنفيذ في 3 أبريل.
وبعد أن أُعلن في عطلة نهاية الأسبوع أن إجراءات ترامب دشّنت عصرًا اقتصاديًا عالميًا جديدًا، يعيد ستارمر الآن النظر في عناصر محورية من الاستراتيجية الاقتصادية للحكومة.
غير أن عددا من الخبراء يرون أن خطط ستارمر غير كافية لسد "الثغرة مالية" متوقعة في موازنة الخريف، ما يزيد الضغوط على وزيرة الخزانة راشيل ريفز، لخفض الإنفاق أو زيادة الضرائب لتحقيق التوازن المالي، بحسب ما نقلته "الغارديان".
وتشير التكهنات إلى احتمال أن يُغيّر ستارمر وريفز قواعدهما المالية "الصارمة" للسماح بمزيد من الاقتراض لتعزيز النمو الاقتصادي في حال حدوث ركود، رغم أن مصادر وزارة الخزانة أكدت أن هذا الخيار "غير مطروح".
وقال دارين جونز، نائب وزير الخزانة، إن الآثار التي خلفتها الولايات المتحدة على الاقتصاد العالمي ستؤثر بشدة على المملكة المتحدة، وإن ما يمكن للحكومة فعله هو تسريع تنفيذ خطة التغيير المحلية.
وأضاف في برنامج "صنداي مع لورا كوينسبرغ" على قناة BBC One: "نسعى لتجاوز على هذه التحديات في اقتصاد المملكة المتحدة".
وأوضح أن الوزراء سيعملون "جنبًا إلى جنب" مع قطاع الأعمال لجعل الاقتصاد أكثر صمودًا.
وقال: "العالم تغيّر، وكنا نعلم ذلك بالفعل على صعيد الأمن والدفاع. واليوم بات هذا التغير حقيقة في التجارة العالمية أيضًا، ولهذا علينا أن نستثمر أكثر وأسرع في اقتصادنا ودعم شركاتنا".
وفي مقابلة مع "سكاي نيوز"، وصف جونز نسبة 10% المفروضة على المملكة المتحدة بأنها "ثمرة من ثمار بريكست"، مشيرًا إلى أن الاتحاد الأوروبي تعرض لتعريفة أعلى نسبتها 20%.
وأضاف: "لقد كان من الصعب أن نجد ثمرة للبريكست من قبل، لكن يبدو أننا وجدنا واحدة الآن".
وفي ظل المخاوف من إمكانية التراجع عن قوانين سلامة الإنترنت كجزء من صفقة تجارية مع الولايات المتحدة، أكد جونز أن "الضمانات الأساسية" لهذه الخطط "ليست محل تفاوض"، مضيفًا أن الحكومة "لن تتخلى أبدًا" عن فكرة إلزام المنصات الرقمية بحماية الأطفال من الأذى.