عرب لندن 

كشف مؤسس منظمة غير حكومية إيطالي يدعى لوكا كازاريني، والذي كان منتقدًا صريحًا لتورط إيطاليا المزعوم في الانتهاكات التي يتعرض لها المهاجرون في ليبيا، أن تطبيق "واتساب" أبلغه بأن هاتفه المحمول قد تم استهدافه بواسطة برامج تجسس من إنتاج شركة "باراغون سوليوشنز" الإسرائيلية.

ويُعتبر كازاريني، الذي قادت منظمته جهودًا لإنقاذ حوالي 2000 شخص في البحر الأبيض المتوسط في طريقهم إلى إيطاليا، من أبرز الشخصيات التي خرجت للإعلان عن تعرضها للتجسس منذ أن أعلن "واتساب" الأسبوع الماضي أن 90 صحفيًا وأفرادًا آخرين من المجتمع المدني ربما تعرضوا لاختراق هواتفهم بواسطة عميل حكومي يستخدم برامج التجسس من شركة باراغون.

ويشترك كل من كازاريني والصحافي فرانشيسكو كانشلاتو والناشط الليبي المقيم في السويد حسام الجماتي، الذين تعرضت هواتفهم للاختراق، بأنهم من منتقدي رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني. 

وتبيع شركة باراغون، مثل غيرها من شركات برامج التجسس، منتجاتها للوكالات الحكومية التي تريد تعقب المجرمين. 

وقد قالت الشركة سابقا إنها تبيع برامج التجسس فقط للدول الديمقراطية، ولم تعلق على مزاعم "واتساب" باستخدام برامجها للتجسس على الصحافيين والناشطين في حوالي 24 دولة، بما في ذلك بعض الدول الأوروبية.

وفي رد على هذه المزاعم، نفى مكتب ميلوني مساء الأربعاء أن تكون أجهزة الاستخبارات المحلية أو الحكومة الإيطالية وراء هذه الانتهاكات. 

وقال مكتبها في بيان إن الحكومة تعتبر المزاعم "خطيرة للغاية" وأمرت الوكالة الوطنية للأمن السيبراني (ACN) بالتحقيق في المسألة. 

وقد تحدثت (ACN) مع شركة "أدفانت"، وهي شركة محاماة تم تعيينها من قبل (واتساب) فرع إيرلندا، وأظهرت التحقيقات أن عدد المستخدمين الإيطاليين المتأثرين بالاختراق حتى الآن "يبدو أنه سبعة".

وأوضحت التصريحات الرسمي أن (ACN) لم تحصل على معلومات تفيد هويات المستخدمين المتأثرين، لكن تم الكشف عن أن هؤلاء المستخدمين لديهم أرقام هواتف من بلدان دولية تشمل بلجيكا واليونان ولاتفيا وليتوانيا والنمسا وقبرص وجمهورية التشيك، والدنمارك وألمانيا وهولندا والبرتغال وإسبانيا والسويد.

وتجدر الإشارة إلى أنه في ظل إدارة بايدن، وافقت باراغون على عقد قيمته مليوني دولار مع إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE)، لكن تم تعليق الصفقة بعد أن أثيرت تساؤلات حول التزامها بأمر تنفيذي يحظر استخدام برامج التجسس من قبل الحكومة الفيدرالية، في حال كان استخدامها يمثل "مخاطر كبيرة على مكافحة الاستخبارات أو الأمن".

وتحافظ الشركة على مكتب لها في الولايات المتحدة في مدينة شانتلي بولاية فيرجينيا، ويشغل جون فليمنغ، وهو مسؤول سابق في وكالة الاستخبارات المركزية، منصب الرئيس التنفيذي لشركة باراغون، فرع الولايات المتحدة.

وقال جون سكوت رايلتون، باحث أول في "سيتيزن لاب" بجامعة تورنتو، التي تتابع المراقبة الرقمية للمجتمع المدني: "لقد أصبح من الواضح أن إيطاليا لديها مشكلة مع باراغون. نظرًا للحالات التي ظهرت سريعًا، حان الوقت للسؤال: من كان العميل؟ وإلى أي مدى تتوسع هذه الحالات؟".

في السياق ذاته، رفض شخص مقرب من باراغون التعليق على هوية عملائها، لكنه قال إن الشركة "لن تنكر" أن إيطاليا كانت عميلًا لها.

ويعد كازاريني شخصية بارزة في إيطاليا منذ عقود، لكن في مقابلة مع صحيفة "الغارديان"، قال إن تركيزه الأساسي الآن هو منظمة الإنقاذ البحرية التي أسسها في 2018. 

وقال إنه كان على متن قطار في طريقه إلى بولونيا عندما تلقى إشعارًا من واتساب على هاتفه. وأضاف مازحًا أنه في البداية تساءل عن سبب تواصل مارك زوكربيرغ، مالك واتساب، معه.

 وكان كازاريني واحدًا من 90 شخصًا تلقوا إشعارًا بأن هواتفهم قد تم استهدافها بواسطة مهاجم مجهول باستخدام برامج تجسس عسكرية.

ويستطيع برنامج التجسس "جرافيت" من باراغون الوصول إلى جميع بياناته، بما في ذلك الرسائل المشفرة المرسلة عبر تطبيقات مثل "سيغنال" و"واتساب".

وقد قالت "واتساب" إن المستهدفين تم إضافتهم إلى مجموعات دردشة وتم إرسال مستندات ضارة لهم، ولم يكن عليهم النقر على أي شيء لتحدث عملية الاختراق، فقد تم الاختراق تلقائيًا.

ومن هذا المنطلق، قال كازاريني: "هذه حرب ضد التضامن والناشطين ضد مساعدة المهاجرين"، مضيفًا أنه يواجه بالفعل محاكمة بتهم تقديم "مساعدة غير قانونية" للمهاجرين.

وفيما عبر عن دهشته من شدة محاولة المراقبة المزعومة ضده، أظهر كازاريني أيضًا تحديًا، قائلًا: "أريدهم أن يعرفوا أنه يمكنهم العثور عليّ. لكنني أيضًا يمكنني العثور عليهم. يمكننا تنظيم أنفسنا للدفاع عن أنفسنا، لحماية أنفسنا ضد الأنشطة السلطوية".

وكان قد عبر في وقت سابق عن استنكاره لقرار الحكومة الإيطالية الشهر الماضي بالسماح للجنرال الليبي المشتبه في ارتكابه جرائم حرب، والمطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية، أسامة نجم، بالعودة إلى وطنه على متن طائرة تابعة لجهاز الاستخبارات الإيطالي، في ما وصفه النقاد بأنه محاولة لحماية الانتهاكات المزعومة التي ارتكبت في ليبيا في إطار اتفاقية الهجرة بين إيطاليا وليبيا.

 

السابق مقتل خبير بريطاني في مكافحة الاحتيال المالي وزوجته في ظروف غامضة بفرنسا
التالي ضربة جديدة لميلوني.. القضاء الإيطالي يعرقل خطتها لترحيل طالبي اللجوء إلى ألبانيا