عرب لندن

بدأت عدة شركات بريطانية تدرك بسرعة أنه سيتعين عليها دفع رسوم على الصادرات الموجهة إلى الاتحاد الأوروبي، رغم اتفاق التبادل الحر الذي تم التوصل إليه لمرحلة ما بعد بريكست في اللحظة الأخيرة.

هذا التطور هو جزء من اضطراب التجارة الذي أصبح واضحا بشكل متزايد هذا العام، بعد إنجاز خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 31 كانون الأول/ديسمبر.

كما تعرقلت التجارة بشدة بسبب القيود الجديدة المفروضة على الحدود لوقف انتشار كوفيد-19 مع بدء الاختبارات لسائقي الشاحنات، فيما تسابق بريطانيا الوقت من أجل كبح تفشي السلالة الجديدة المتحورة من فيروس كورونا المستجد.

في صلب اتفاق بريكست، الذي صار ساريا في 1 كانون الثاني/يناير، بند "قواعد المنشأ" الذي يطبق على كل البضائع التي تنقل عبر الحدود.

يمكن أن تتحول "قواعد المنشأ"، وهي جانب رئيسي من جميع الصفقات التجارية الكبرى، سريعا إلى معضلة مكلفة بالنسبة للشركات.

بموجب بنود بريكست، تخضع كل سلعة لضريبة جمركية إذا وصلت إلى بريطانيا من الخارج ثم تم تصديرها مرة أخرى إلى الاتحاد الأوروبي.

على سبيل المثال، إذا استوردت شركة ملابس بريطانية أنسجة مصنوعة في الصين، فسيكون عليها حينئذ أن تدفع رسوما جمركية إذا أعادت تصديرها إلى دولة عضو في السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي والاتحاد الجمركي.

بشكل مبسط، تحدد القواعد بالتالي ما إذا كانت البضائع المصدرة بريطانية أم لا.

وقالت ميشيل ديل، وهي مسؤولة رفيعة في مكتب المحاسبين القانونيين "يو اتش واي هاكر يونغ" في مكتب مانشستر: "من الواضح أن العديد من الشركات البريطانية المصدرة إلى الاتحاد الأوروبي ستتضرر من الرسوم الجمركية". وأضافت "لقد صدمت الشركات تماما ببند +قاعدة المنشأ+ من الاتفاق الذي يتركها في وضع تنافسي غير موات" عند البيع في الاتحاد الأوروبي. وتابعت "لسوء الحظ، لم يتم القيام بما هو كاف لتحضيرهم لذلك. يستغرق الأمر سنوات لبناء سلسلة إمداد فعالة - وغالبا ما يكون استخدام موردين خارج الاتحاد الأوروبي الخيار الأفضل من حيث التكلفة والجودة".

واتفاق بريكست، الذي تم تنفيذه أخيرا بعد أربع سنوات ونصف سنة على تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، لا يفرض أي رسوم جمركية إذا كان ما لا يقل عن 50 في المئة من المنتج المصدر مصنوعا في المملكة المتحدة.

هذا ينطبق على غالبية صادرات المملكة المتحدة، ولكن بالتأكيد ليس كلها. وتزداد أهمية هذا البند لأن الاتحاد الأوروبي يمثل أكثر من نصف تجارة بريطانيا.

لكن معهد أبحاث الحكومة ومقره لندن يقول إن تعقيد سلاسل التوريد يعني أن إثبات المنشأ قد يكون من الصعب على الشركات التأكد منه - ويصعب على السلطات تقييمه.

وأفادت تقارير أن مجموعة من تجار التجزئة البريطانيين يسارعون إلى تقييم تأثير عمليات التسليم الدقيقة لدول الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك سلسلة متاجر "فورتنوم اند مايسون".

وكانت سلسلة متاجر ديبنهامس التي انهارت، أغلقت أساسا موقعها الإلكتروني في إيرلندا بسبب عدم اليقين بشأن قواعد التجارة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وقال وليام باين، مستشار السياسة التجارية في منظمة صناعة اتحاد التجزئة البريطاني: "يواجه ما لا يقل عن 50 من أعضائنا تعرفات جمركية محتملة لإعادة تصدير البضائع إلى الاتحاد الأوروبي"، وأضاف "نحن نعمل مع الأعضاء بشأن خيارات قصيرة الأجل، ونسعى إلى الحوار مع الحكومة (البريطانية) والاتحاد الأوروبي بشأن حلول طويلة الأجل للتخفيف من آثار الرسوم الجمركية الجديدة".

وحذر عملاق التجزئة الشهير ماركس اند سبنسر، يوم الجمعة، من أن الاتفاق التجاري "سيؤثر بشكل كبير" على الأعمال في الجمهورية التشيكية وايرلندا وفرنسا.

لكن الاتفاق يلغي التعرفات الجمركية على صناعة السيارات البريطانية المملوكة إلى حد كبير من أجانب، والتي تتجنب الرسوم الجمركية على السيارات المصنعة بمكونات مصنوعة في الخارج.

وقد رحبت شركة "نيسان" بالاتفاق، لكنها لم تشر بعد إلى ما سيحدث لأكبر مصنع لصناعة السيارات اليابانية في أوروبا ومقره في سندرلاند شمال شرق إنكلترا. وكانت قد حذرت سابقا من أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق سيهدد مستقبل المصنع.

ولم تعلق حكومة رئيس الوزراء بوريس جونسون المحافظة بعد على التأثير الدقيق لقواعد المنشأ على أوساط الأعمال، وصرح متحدث باسم الحكومة لوكالة فرانس برس "نواصل العمل من كثب مع الشركات لمساعدتها على التكيف مع أي متطلبات تجارية جديدة".

السابق بريطانيا.. توقعات بإغلاق ربع مليون شركة صغيرة جراء تداعيات الوباء
التالي 4 آلاف شركة مالية بريطانية مهددة بالإفلاس بسبب الجائحة