عرب لندن
كشف تقرير صادر عن المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية أن أفقر الأسر في بريطانيا تعاني أوضاعًا معيشية أسوأ من نظيراتها في سلوفينيا ومالطا بعد أكثر من 15 عامًا من الركود الاقتصادي وتراجع مستويات الدخل حيث أظهر التقرير أن العمال البريطانيين كانوا سيحصلون على زيادة سنوية قدرها 4300 جنيه إسترليني لو أن الأجور في المملكة المتحدة نمت بنفس وتيرة نموها في الولايات المتحدة منذ الأزمة المالية العالمية عام 2009
ووفقاً لموقع "ذا ستاندرد" The Standard، يستعد حزب العمال بقيادة السير كير ستارمر ووزيرة المالية راشيل ريفز لتنفيذ تخفيضات واسعة في فاتورة المزايا الاجتماعية، وسط تحذيرات من أن التعديلات الضريبية والتغييرات في برامج الدعم الحكومي فاقمت الأزمة المعيشية في البلاد. وأشار التقرير إلى أن معدل نمو الدخل في معظم دول أوروبا تجاوز نظيره في المملكة المتحدة، ما أدى إلى تفاقم أوضاع الطبقات الأكثر فقراً، فيما بات النظام البريطاني للرعاية الاجتماعية من بين الأقل سخاءً مقارنة بالدول المتقدمة، الأمر الذي يهدد قدرة الأسر الفقيرة على تلبية احتياجاتها الأساسية.
ودعا المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية الحكومة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة حيث أوصى بإلغاء الحد الأقصى لإعانة الطفلين وزيادة المساعدات الاجتماعية لتغطية تكلفة المعيشة وتعزيز الاستثمارات العامة والخاصة لدفع عجلة الاقتصاد مشددًا على أن التراجع في مستويات المعيشة يتطلب تدخلًا حكوميًا سريعًا لضمان استقرار اقتصادي طويل الأمد
وقال كبير الاقتصاديين في المعهد ماكس موزلي إن الركود الاقتصادي الذي شهدته بريطانيا خلال العقد الماضي يهدد مكانتها كمجتمع يتمتع بمستويات معيشية مرتفعة مشيرًا إلى أن ضعف الإنتاجية وتراجع الرعاية الاجتماعية أدّيا إلى وضع لا يحقق فيه البريطانيون الرخاء من خلال الأجور المرتفعة ولا الأمن من خلال الرعاية الاجتماعية وأضاف أن تدهور أوضاع أفقر البريطانيين إلى مستويات أدنى من دول كانت تُعتبر أقل ثراءً في السابق يُعد إدانة صارخة للنموذج الاقتصادي والاجتماعي في المملكة المتحدة
وفي ظل هذه التحذيرات تواجه حكومة حزب العمال انتقادات واسعة بسبب خططها الرامية إلى خفض إعانات الإعاقة بما يصل إلى 6 مليارات جنيه إسترليني حيث حذّرت أكثر من 12 منظمة خيرية من بينها حقوق الإعاقة في المملكة المتحدة واستشارات المواطنين من أن هذه التخفيضات قد تدفع مئات الآلاف من الأسر إلى الفقر المدقع كما أكدت وزيرة العمل والمعاشات التقاعدية ليز كيندال أن هناك 2.8 مليون شخص غير قادرين على العمل بسبب اعتلال صحتهم بينما لا يتلقى واحد من كل ثمانية شباب تعليمًا أو تدريبًا أو عملًا مما يشكل عبئًا متزايدًا على ميزانية الدولة
رئيس الوزراء البريطاني وفي اجتماع خاص لنواب حزب العمال وصف نظام المزايا الحالي بأنه غير مستدام وغير عادل مشددًا على أن الحكومة تسعى لإيجاد توازن بين دعم الفئات المحتاجة وتعزيز ثقافة العمل حيث أكد أن الوضع الحالي يؤدي إلى تثبيط الناس عن دخول سوق العمل بينما يتحمل دافعو الضرائب فاتورة متزايدة تصل إلى 70 مليار جنيه إسترليني سنويًا بحلول عام 2030
وأضاف أن المهمة الأساسية لحكومته هي تحسين مستويات المعيشة حيث أشار إلى أن أسعار الفائدة شهدت ثلاث تخفيضات منذ الانتخابات بالإضافة إلى رفع الحد الأدنى للأجور وتحقيق أعلى نمو في الأجور الحقيقية خلال الأشهر الستة الماضية مؤكدًا أن سياسات الحكومة تهدف إلى تحسين حياة المواطنين وضمان استقرار اقتصادي على المدى البعيد
ووسط هذا الجدل المتزايد حول مستقبل الاقتصاد البريطاني تبقى الأسر الفقيرة في مواجهة أزمة غير مسبوقة في ظل دعوات متزايدة للإصلاح واتخاذ قرارات حاسمة لإنقاذ ملايين البريطانيين من الفقر