عرب لندن

تكدّست أكوام القمامة في شوارع برمنغهام مع بدء إضراب مفتوح وغير محدد المدة لعمال النظافة، وسط اتهامات متبادلة بين المجلس البلدي ونقابة العمال، حيث اتهم المجلس النقابة "باحتجاز المدينة كرهينة" في ظل تفاقم الأزمة.

وبدأ الإضراب الشامل منذ الساعة السادسة صباحًا يوم الثلاثاء، بعد أشهر من الإضرابات المتقطعة التي بدأت في يناير احتجاجًا على إلغاء بعض الوظائف. 

ومن المتوقع أن يتأثر أكثر من مليون شخص بهذا الإضراب، حيث ظهرت مشاهد مقلقة لأكوام القمامة المتراكمة، وانتشار الفئران في بعض المناطق بسبب التأخير في عمليات الجمع.

بدوره، قال كريج كوبر وهو المدير الاستراتيجي لعمليات المدينة في مجلس برمنغهام، في حديثه لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC): "نريد إنهاء هذا الوضع في أسرع وقت ممكن، لكن النقابات لا تبدو مستعدة للتفاوض. أشعر أنهم يحتجزون المدينة وسكانها كرهائن."

وأضاف كوبر أن الخدمات الحالية لم تكن فعالة منذ وقت طويل، مشيرًا إلى أن المجلس يسعى لتوفير "خدمة حديثة ومستدامة وموثوق"، لكنه يواجه رفضًا من النقابة التي تصرّ على مطالبها.

من جهتها، رفضت زوي مايو، ممثلة نقابة العمال (Unite) اتهامات المجلس، مؤكدة أن النقابة "مستعدة لعقد محادثات جادة مع المجلس البلدي".

وقالت مايو: "هم يعرفون مطالبنا جيدًا، لكنهم هم من يحتجزون المدينة كرهينة – وليس نحن."

وتفاقمت الأزمة صباح الثلاثاء عندما استدعيت الشرطة لحماية العمال المؤقتين الذين جلبهم المجلس كبديل عن العمال المضربين، حيث غادروا المستودع تحت حراسة أمنية.

في المقابل، انتقدت مايو هذا الإجراء قائلة: "استدعاء هذا العدد الكبير من عناصر الشرطة مبالغة غير مبررة. نحن نقف في اعتصام مشروع، ولا أفهم لماذا هناك كل هذا التواجد الأمني."

ودعت السلطات السكان إلى ترك القمامة في أماكنها المعتادة، لكنها حذرت من احتمال تأخر جمعها لفترات طويلة بسبب الإضراب. وأكدت نقابة (Unite) أن الاحتجاجات قد تستمر حتى الصيف، بسبب إصرار المجلس على استخدام عمال مؤقتين لكسر الإضراب.

بدورها قالت شارون غراهام، الأمينة العامة للنقابة: "اللجوء إلى العمالة المؤقتة بشكل غير قانوني لكسر الإضراب أدى فقط إلى تصعيده. الحل الوحيد لإنهاء هذه الأزمة هو وقف الهجمات غير الضرورية على أجور أعضائنا."

وبدأت الأزمة عندما قرر مجلس برمنغهام إلغاء وظيفة "مسؤول جمع وإعادة تدوير النفايات"، وهو الدور المسؤول عن ضمان السلامة في الجزء الخلفي من شاحنات القمامة.

وأكدت النقابة أن هذه الوظيفة "حيوية لضمان سلامة العمال"، وأن إلغاءها سيؤدي إلى خفض رواتب بعض الموظفين بمقدار 8 آلاف جنيه إسترليني، كما أنه سيؤدي إلى قطع مسار عادل لتطور الأجور داخل القطاع.

لكن المجلس رفض هذه المزاعم، حيث قال كوبر إن الوظيفة "ليست ضرورية للسلامة العامة"، موضحًا أن "جميع العمال يشتركون في المسؤولية عن السلامة"، وأن هذا الدور غير معتمد في باقي أنحاء المملكة المتحدة.

كما أشار المجلس إلى أن القرار أثر على 170 موظفًا، حيث وافق 130 منهم على الانتقال إلى وظائف أخرى بنفس الدرجة الوظيفية، بينما اختار آخرون التدريب على أدوار أكثر تقدمًا. 

وأضاف أن 17 موظفًا فقط قد يخسرون أقصى مبلغ محتمل من رواتبهم، والذي يبلغ 6 آلاف جنيه إسترليني، وليس 8 آلاف كما تدّعي النقابة.

ويأتي هذا الإضراب في وقت حرج بالنسبة لبرمنغهام، حيث أعلنت المدينة إفلاسها فعليًا في عام 2023، ما دفع الحكومة إلى إرسال مفوضين للإشراف على الشؤون المالية للمجلس. 

ويجري حاليًا تنفيذ خطط لخفض مئات الوظائف وبيع الأصول العامة في محاولة لتحقيق التوازن في الميزانية.

وفي تطور منفصل، شهدت بريستول جدلًا واسعًا حول خطة لتقليل عدد مرات جمع القمامة، حيث اقترح المجلس البلدي جمع القمامة السوداء مرة واحدة كل أربعة أسابيع بدلًا من كل أسبوعين، بهدف توفير أكثر من 2 مليون جنيه إسترليني سنويًا وزيادة معدلات إعادة التدوير.

غير أن عريضة حصدت 12 ألف توقيع طالبت بإلغاء الاقتراح، مما دفع الإدارة البيئية لحزب الخضر إلى الإعلان عن رفضهم للفكرة، حيث قال مارتن فودور، رئيس لجنة البيئة والاستدامة بالمجلس: "الخيار المطروح في الاستشارة العامة كان مجرد سيناريو نظري، وكان من غير المحتمل تنفيذه منذ البداية. لكن بالنظر إلى ردود الفعل القوية، لن ندعم أي اقتراح لتغيير نظام الجمع إلى مرة كل أربعة أسابيع في الوقت الحالي.”

وبينما تعاني برمنغهام من أزمة نظافة غير مسبوقة بسبب الإضراب المفتوح، تواجه بريستول تحديًا مختلفًا حول كيفية التعامل مع القمامة بطريقة أكثر استدامة. 

وفي كلتا الحالتين، تظل إدارة النفايات ملفًا شائكًا في بريطانيا، حيث تسعى المجالس المحلية إلى تحقيق التوازن بين تقديم الخدمات وتقليل التكاليف وسط أزمات مالية متفاقمة.

السابق شركات الطاقة البريطانية تفرض العدادات الذكية وسط مخاوف العملاء
التالي ستارمر يواجه تمردًا داخل حزبه بسبب خطط خفض المساعدات الاجتماعية