عرب لندن
كشفت بيانات مكتب الإحصاء المركزي الأيرلندي عن انخفاض حاد في حجم التجارة بين بريطانيا العظمى وأيرلندا، حيث تراجعت قيمة الواردات والصادرات المتبادلة بين البلدين بنحو 6 مليارات يورو في عام 2024، لتصل إلى 32 مليار يورو مقارنة بـ38 مليار يورو في عام 2023.
ووفقاً لما ورد في موقع صحيفة "التلغراف" The Telegraph، فإن هذا التراجع يُعزى إلى التداعيات البيروقراطية الناجمة عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والتي أثرت بشكل خاص على قطاع الكيماويات، حيث انخفضت صادرات أيرلندا من المواد الكيماوية إلى بريطانيا بنحو 3 مليارات يورو، في حين تراجعت واردات الغاز ومواد التشحيم الأيرلندية من بريطانيا بمقدار 1.6 مليار يورو.
وبشكل عام، انخفضت الصادرات الأيرلندية إلى بريطانيا بنسبة 10% إلى أقل من 16 مليار يورو، فيما شهدت الواردات من بريطانيا إلى أيرلندا انخفاضًا بنسبة 21%، لتستقر عند 16.6 مليار يورو.
وكان قطاع الكيماويات من بين الأكثر تضررًا جراء التعقيدات التنظيمية الناجمة عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث أدى الازدواج التنظيمي بين أنظمة الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة إلى زيادة كبيرة في التكاليف التشغيلية للصناعات الكيماوية، التي تشمل إنتاج الطلاء والمنظفات المنزلية.
وكما تأثر قطاع الأغذية والزراعة، حيث زادت الإجراءات الورقية المطلوبة للصادرات المتبادلة بين الجانبين، ما أدى إلى تعطل التجارة في بعض المنتجات، بما في ذلك الجبن ولحوم الأبقار. ومع ذلك، استقرت التجارة في هذا القطاع العام الماضي، إذ ارتفعت صادرات أيرلندا الغذائية إلى بريطانيا من 3.9 مليار يورو إلى 4.1 مليار يورو، فيما زادت الواردات الغذائية البريطانية إلى أيرلندا من 2.47 مليار يورو إلى 2.67 مليار يورو.
وعلى عكس تراجع التجارة مع بريطانيا العظمى، واصلت أيرلندا الشمالية – التي لا تزال تخضع لقواعد التجارة في الاتحاد الأوروبي بموجب اتفاقية بريكست – تعزيز علاقاتها التجارية مع أيرلندا. وارتفعت صادرات أيرلندا الشمالية إلى أيرلندا، بما في ذلك صادرات الأغنام للذبح، من 5.2 مليار يورو إلى 5.4 مليار يورو، حيث شهدت تجارة الأغذية والحيوانات الحية أكبر نمو.
ورغم انخفاض التجارة مع المملكة المتحدة، لا تزال بريطانيا أكبر شريك تجاري لأيرلندا، إلا أن هولندا تفوقت عليها من حيث حجم الصادرات الأيرلندية في عام 2024.
وفي المقابل، حققت تجارة أيرلندا مع الولايات المتحدة فائضًا تجاريًا كبيرًا، إذ ارتفعت الصادرات الأيرلندية إلى الولايات المتحدة بنسبة 34% لتصل إلى 72 مليار يورو، بينما بلغت قيمة الواردات من الولايات المتحدة 22 مليار يورو. وتعد الأدوية من أبرز السلع التي تصدرها أيرلندا إلى السوق الأمريكية، حيث تستفيد الشركات متعددة الجنسيات، مثل فايزر وجونسون آند جونسون وميرك، من القواعد الصناعية الأيرلندية لإنتاج الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية.
أما الصين، فتظل ثاني أكبر شريك تجاري لأيرلندا خارج أوروبا، حيث بلغ إجمالي حجم التجارة بين البلدين نحو 22 مليار يورو، منها 10 مليارات يورو للصادرات الأيرلندية و11.8 مليار يورو للواردات الصينية.
ويضع انخفاض حجم التجارة مع بريطانيا العظمى أيرلندا أمام تحديات جديدة تتطلب استراتيجيات لتعزيز التجارة مع دول أخرى وتخفيف تأثير التكاليف البيروقراطية الناتجة عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ومع استمرار التغيرات في المشهد الاقتصادي العالمي، تبقى أيرلندا بحاجة إلى تعزيز شراكاتها التجارية وتنويع أسواقها للحفاظ على استقرار اقتصادها في المرحلة المقبلة.