المنتدى السنوي لفلسطين: تحولات القضية بعد الإبادة وانحياز الغرب تتصدران أجندة الدورة الثالثة
عرب لندن- الدوحة
انطلقت أمس السبت أعمال المنتدى السنوي لفلسطيني في دورته الثالثة، وهيمنت على أوراقه ومناقشاته هذا العام تحولات القضية الفلسطينية بعد حرب الإبادة، وسط دعوات لمنع إسرائيل من الإفلات من وصم "الإبادة"، وكذلك التصدي فلسطينيا لمخططات اليوم التالي لإفشال مشاريع ما بعد الإبادة.
وينظم المنتدى سنويا بالاشتراك بين المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومؤسسة الدراسات الفلسطينية، ويشارك في أعماله باحثون فلسطينيون وغير فلسطينيين، ويتميز بالبعد الأكاديمي الذي يبحث في كل التحولات التي تمر بها القضية الفلسطينية.
وتحدث في الجلسة الافتتاحية الدكتور عزمي بشارة المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، والدكتور طارق متري، رئيس مجلس أمناء مؤسسة الدراسات الفلسطينية، حيث قدّما رؤى معمّقة حول الوضع الراهن لفلسطين والتحديات السياسية والثقافية التي تواجهها.
تعزيز الصمود ومنع إسرائيل من الإفلات من وصم الإبادة
وفي محاضرته الافتتاحية، شدد المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الدكتور عزمي بشارة على ضرورة العمل على استدامة وقف إطلاق النار في غزة، والانتقال إلى الإعمار؛ لأن هذا برأيه هو الطريق الوحيد لتعزيز الصمود والحيلولة دون نزوح واسع من القطاع.
ولفت إلى أنّ المهمة الثانية هي منع إسرائيل من التخلص من وصم الإبادة قائلاً: "نأمل ألا تجد الولايات المتحدة من العرب والفلسطينيين من يعينون إسرائيل على إيجاد مخارج من مأزقها دون حل عادل لقضية فلسطين".
وأكد بشارة على أن إسرائيل فشلت في تحرير الرهائن بالقوة، وفي القضاء على حركة حماس، معتبرا أن ظهور مقاتلي المقاومة المفاجئ خلال تبادل الأسرى والمحتجزين من بين الركام كان مدهشاً، مثلما كان صمودهم خلال أطول حرب خاضتها إسرائيل، مشددا على أن إسرائيل لم تنجح حتى الآن في إيجاد تنظيم موال لها سوى العصابات الإجرامية التي تغير على قوافل الإغاثة.
الرئيس الأمريكي وإطلاق يد إسرائيل الاستيطانية
من جهته قال الدكتور طارق متري رئيس مجلس أمناء مؤسسة الدراسات الفلسطينية أن المنتدى ينعقد بعد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة الذي ثابرت في السعي إليه دون كلل دولة قطر، "وندرك في الوقت نفسه أن المخاوف لمّا تتبد لا في غزة ولا في الضفة، وأن العدوانية الإسرائيلية لم تنحسر". وأضاف: من حقنا الخشية أن يكون ما انتزعه الرئيس الأميركي من الحكومة الإسرائيلية بيد سيعطى لها، ويزيد بيد أخرى" لافتاً إلى الميل الأميركي الصريح إلى إطلاق يد إسرائيل في الاستيطان، وإخضاع أهل الضفة بالحديد والنار.
وشهد المنتدى في دورته الثالثة نقاشا موسعا حول القوانين الدولية وحرب الإبادة والعجز الدولي في إيقافها، والتواطؤ الرسمي الغربي مع إسرائيل في استمرارها.
النكبة الثانية والانحياز الغربي
وفي كلمتها في افتتاح أعمال المؤتمر، قالت الدكتورة آيات حمدان الباحثة بالمركز العربي ومنسقة المنتدى أن الظروف السياسية المعقدة والحرب الأخيرة التي يسميها البعض بالنكبة الثانية لا شبيه لها في التاريخ الفلسطيني الحديث فهي الأعمق والأوسع والأكثر عنفا وقمعا وإجراما وقتلا وتدميرا.
وأضافت حمدان أن الفلسطينيين اختبروا لأكثر من عام الانحياز الرسمي الغربي الفاضح لصالح إسرائيل، كما أن بعض الدول الغربية ذهبت نحو الدعم المباشر للإبادة، كما طرحت هذه الحرب العديد من الأسئلة حول فاعلية القانون الدولي وطبيعة النظام الدولي القائم، إلى جانب الأسئلة الأخلاقية حول القيم الإنسانية عموما.
الضرورات الملحة فلسطينيا
وفي حديث ل "عرب لندن" قال رئيس تحرير صحيفة العربي الجديد معن البياري أن انعقاد المنتدى هذا العام تزامن مع وقف إطلاق النار، التطور الذي سيكون حاضرا في اهتمامات الباحثين والدارسين، لافتا إلى أن ما يميز المنتدى أنه ذو طابع أكاديمي، ويصل قضايا الحاضر الراهن فلسطينيا بالماضي.
وأضاف البياري أن المنتدى يتناول القضية الفلسطينية من كافة جوانبها تاريخا وراهنا وأفقا إنسانيا بالإضافة للقضايا المتعلقة بالاستيطان ومسار الكفاح الفلسطيني والمأمول فلسطينيا، كما أنه يتناول في الوقت نفسه الضرورات الملحة فلسطينيا باتجاه تحقيق حقوق الشعب الفلسطيني وتحرره، معبرا عن اعتقاده بأن المنتدى عزز نفسه بالانتظام السنوي وجدية الأوراق والمستوى الأكاديمي النوعي للباحثين، إضافة لجو النقاش بين مختلف الحضور والمشاركين، والذين هم من خلفيات أكاديمية متنوعة.
مكان للتفكير المشترك
من جهته قال الكاتب الفلسطيني صقر أبو فخر أن أهمية المنتدى تكمن في أنه مكان للتفكير المشترك يبحث فيه الفلسطينيون كيف يناضلون، وكيف يواجهون إسرائيل، ويطورون رؤية مشتركة للمستقبل.
وأضاف أبو فخر في حديثه "لعرب لندن" أن المنتدى هو بؤرة للتفاعل بين مختلف الاتجاهات والآراء الأمر الذي يفيد الحركة السياسية، رغم كون المنتدى غير سياسي بل أكاديمي، وتحول هذا الحدث لمكان ومنصة مهمة للتفاعل بين مختلف الاتجاهات والآراء، وجمع الجميع لصوغ رؤية مشتركة وبرنامج سياسي مشترك، وخاصة في هذه الدورة التي تأتي بعد توقف، ولو مؤقت للحرب على غزة.
وعلى مدار أيام المنتدى الثلاثة، يعرض باحثون فلسطينيون وغير فلسطينيين أوراقهم البحثية، ويجري نقاش واسع حولها وحول مجمل التطورات في المشهد الفلسطيني سياسيا وثقافيا وفكريا، ومن كافة الأبعاد، كما تعقد ورش عمل على هامش المؤتمر يناقش فيها المشاركون والحاضرون جملة من الملفات الفلسطينية الملحة والتحولات التي تمر بها القضية الفلسطينية.