عرب لندن
اضطرت ثلاث أكاديميات إلى التخلي عن سياسات الحضور الصارمة بعد ضغط من الأهالي، حيث طُلب من الطلاب الحضور إلى المدرسة حتى لو كانوا مرضى، وتم منعهم من الغياب بسبب آلام الدورة الشهرية دون تقديم معلومات أو إثباتات طبية إضافية.
وكتب مدير أكاديمية "نيل-ويد" في بلدة "مارش" الصغيرة في كامبريدجشير رسالة إلى الأهالي يوم الخميس يعتذر فيها ويسحب رسالة سابقة كانت تنص على أن الغياب بسبب آلام الدورة الشهرية سيتم تسجيله كغياب"غير مبرر" – مما يعني أن الأهالي قد يتعرضون لغرامات أو ملاحقات قانونية – ما لم تحصل المدرسة "معلومات طبية تتعلق" بهذا الأمر.
ونشر مئات الأهالي الغاضبين منشورات على صفحة البلدة على فيسبوك كتعليقات على القرار جاء فيها: 'هل يقبلون بشهادة من طبيب تقول: "لديها مبايض، لذلك تمر بمرحلة إباضة" كدليل طبي كافٍ؟'
وأعرب مدير المدرسة، غراهام هورن، عن أسفه الشديد للأهالي بسبب القلق الذي تسببت به السياسات السابقة. وقال: "نحن كمدرسة ملتزمون بضمان أن يكون كل طالب في المدرسة كل يوم، كلما كان ذلك ممكنًا."
لكن بعد التشاور مع التوجيهات الحكومية، أكد هورن: "أستطيع أن أؤكد أننا لا نطلب ملاحظات طبية أو معلومات طبية أخرى فيما يتعلق بأسباب الغياب، مثل آلام الدورة الشهرية."
وأضاف أن الأطباء العامين ليسوا ملزمين بتقديم رسائل تؤكد أن الطالب مريض ويحتاج إلى الغياب عن المدرسة.
وفي الوقت نفسه، اضطرت أكاديميات غلينمور وويتون في بورنموث، اللتين تتبعان مجموعة "يونايتد ليرنينغ"، إلى التراجع عن تعهد الحضور الإلزامي الذي كانت قد طلبت فيه من جميع الأهالي التوقيع عليه في نهاية سبتمبر.
وقد اعترفت المدارس الآن بأنها "أخطأت" في هذا التعهد، الذي طلب من الأهالي الموافقة على أن طفلهم "سوف يأتي دائمًا إلى المدرسة، حتى لو كانوا يشعرون بعدم الراحة".
وأشار التعهد إلى أن المدرسة لديها مقدمي الرعاية الصحية وقد تتمكن من منح الطلاب فترة استراحة خلال الدروس "لمساعدتهم على تجاوز اليوم".
أعرب آدم صوفيانوس، ناشط في مجال التعليم في دورست، لصحيفة "أوبزرفر" عن استياء العديد من الأهالي في المدارس، حيث وصفوا التعهد بأنه "قاسي للغاية". وأشار إلى أن الأهالي كانوا غاضبين لأن ذلك سلبهم القدرة على تحديد ما إذا كان طفلهم بصحة جيدة بما يكفي للذهاب إلى المدرسة.
وقال صوفيانوس إن الأهالي كانوا يخشون من أن إصرار المدارس على حضور الأطفال المرضى سيؤدي إلى "زيادة عدد الأطفال المرضى والمعلمين المرضى أيضًا".
وأوضح مدراء المدارس أنهم يواجهون ضغطا من الحكومة للتصدي لأزمة وطنية في نسبة الحضور، حيث أظهرت الأرقام أن 150,000 طفل في المدارس الحكومية، صُنفوا بأنهم كانوا متغيبين بشكل حاد في العام الدراسي 2022-2023.
وفي رسالتهم التي سحبوا فيها التعهد، أشارت مدارس غلينمور وويتون إلى بحث أجراه مفوض الأطفال، والذي أظهر أن طفلًا واحدًا من بين كل 20 طفلًا غائبًا بشكل مستمر يحقق علامات جيدة في امتحانات الـ "GCSE".
وتختلف الأساليب المتبعة لمواجهة الغياب. فقد أطلقت بعض المدارس حملات تحذيرية لتوعية الطلاب بتأثير الغياب على تحصيلهم الأكاديمي وآفاقهم الوظيفية، مشجعةً إياهم على السعي لتحقيق نسبة حضور 100%. ومن بين المكافآت المقدمة للطلاب الذين لا يتغيبون عن المدرسة، كانت تذاكر السينما، وقسائم الطعام، ورحلات يومية.
لكن النقاد يقولون إن تحقيق نسبة حضور 100% أمر غير واقعي ويضع ضغطًا كبيرًا على الأطفال.
وقال الدكتور كولفار أتووال، مدير مدرسة أبول الابتدائية في إلفورد ونائب رئيس مجموعة هيئة التفكير لـ"رؤساء المدارس"، إنه "من غير الطبيعي افتراض أن الطلاب لن يكونوا مرضى أو يواجهون صعوبات في أي وقت".
وأضاف: "لم أصب يومًا بالصداع النصفي أو اختبرت فترة الحيض. كيف لي أن أعرف الألم الذي يعاني منه الطفل؟"
كما قال الدكتور أتووال أن حملات الحضور يجب أن تركز بدلاً من ذلك على فهم سبب تغيب بعض الأطفال بشكل مستمر.
وتابع: "يتعلق الأمر بإخبار هذه العائلات والأطفال بأننا نريد دعمهم للحضور إلى المدرسة بانتظام لأن تعلمهم مهم".
في السياق ذاته، قالت الدكتورة نعومي فيشر، عالمة نفس الأطفال، أن المكافآت المقدمة لمن لم يتغيبوا يومًا واحدًا تخلق "عارًا اجتماعيًا يشعر به الأطفال، وخاصة المراهقين، بشكل حاد".
وأثار خطاب أكاديمية نيل ويد غضبًا من قبل النشطاء، بما في ذلك جمعية "بلودي جود بيريود" الخيرية، التي قالت إن الخطاب لم يأخذ في الاعتبار واقع الدورة الشهرية والعوامل التي تشمل الانتظار الطويل للحصول على تشخيصات للحالات الطبية التي يمكن أن تتسبب في آلام دورية منهكة.