عرب لندن
أفاد تقرير صادر عن المكتب الوطني للتدقيق (National Audit Office) أن بريطانيا قدمت أسلحة ومعدات لأوكرانيا، تتطلب تكاليف استبدالها نحو 2.71 مليار جنيه إسترليني، وذلك بالإضافة إلى 7.8 مليار جنيه إسترليني التي تعهد بها رؤساء الوزراء البريطانيون منذ الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا.
وأشار التقرير إلى أن تكلفة استبدال الصواريخ والمدفعية والذخائر الأخرى تتجاوز بشكل كبير قيمتها الدفترية المسجلة، والتي تبلغ 171.5 مليون جنيه إسترليني فقط. ويعود هذا الفارق في التكلفة إلى رغبة وزارة الدفاع البريطانية في استبدال الأسلحة القديمة المقدمة لأوكرانيا بالأسلحة الحديثة المتاحة حاليًا بأسعار السوق الحالية.
ومع ذلك، أضاف المدققون أن وتيرة التبرعات البريطانية بالأسلحة تباطأت بشكل كبير في الفترة الأخيرة، حيث أوشكت المخزونات الفائضة على النفاد تقريبًا. وقد حذرت القوات المسلحة البريطانية في يناير من العام الماضي من أن هذه التبرعات قد تجعل الجيش البريطاني "أضعف مؤقتًا".
وصرح غاريث ديفيز، رئيس المكتب الوطني للتدقيق، بأن وزارة الدفاع تواجه الآن تحديًا في تحقيق التوازن بين المصالح الاستراتيجية للمملكة المتحدة والحفاظ على القدرات العسكرية الوطنية. ويجب على الوزارة التأكد من وجود مخزونات كافية من الأسلحة تحسبًا لأي أزمة عسكرية مستقبلية قد تواجه البلاد.
يأتي هذا التقرير في وقت تتزايد فيه التساؤلات حول قدرة المملكة المتحدة على مواصلة تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا، في ظل الضغوط المتزايدة للحفاظ على قوة الردع العسكرية البريطانية في مواجهة أي تهديدات محتملة.
وأجرت بريطانيا مراجعة للدعم المالي والعسكري المقدم لأوكرانيا منذ الغزو الروسي الشامل في فبراير 2022، والذي تم تحت إشراف عدة رؤساء وزراء متعاقبين. وبينما لا يسعى التقرير إلى تقييم ما إذا كان الصراع الأوكراني يستحق التكلفة، نظرًا لأن ذلك يتجاوز اختصاص المكتب الوطني للتدقيق (NAO)، فإنه يركز على التكاليف الإضافية اللازمة لإعادة ملء المخزونات العسكرية.
تُظهر المراجعة أن قيمة التبرعات العسكرية المقدمة لأوكرانيا لم تُدرج في ميزانيات الحرب التي تم الإعلان عنها سابقًا، حيث تُحتسب التكاليف فقط عند إصدار عقود التزويد. هذا يعني أن المملكة المتحدة ستنفق أكثر من 2.46 مليار جنيه إسترليني المدرجة في ميزانية 2022/23 لدعم أوكرانيا، حيث تضمنت تلك السنة 75 مليون جنيه إسترليني فقط لاستبدال المعدات التي تم التبرع بها.
وباستخدام حساب مختلف، بلغت التكاليف النقدية لجميع العمليات العسكرية البريطانية 2.9 مليار جنيه إسترليني في عام 2022/23، وهو أكبر مبلغ تنفقه المملكة المتحدة على الحرب في أي عام منذ عام 2011/12، والذي شهد ذروة القتال في أفغانستان. وفي العام التالي، عندما شاركت بريطانيا أيضًا في قصف المتمردين الحوثيين في اليمن، انخفض المجموع إلى 2.57 مليار جنيه إسترليني.
وشملت الأسلحة التي تبرعت بها المملكة المتحدة لأوكرانيا 14 دبابة من طراز تشالنجر 2، و700 مركبة مدرعة، و140 مدفع هاوتزر، وما لا يقل عن 3,100 صاروخ – رغم أن عدد صواريخ ستورم شادو بعيدة المدى يبقى سريًا – بالإضافة إلى أكثر من 10 ملايين طلقة ذخيرة.
مع مرور الوقت، تراجعت قيمة التبرعات العسكرية منذ بداية الغزو. فقد انخفضت من 130 مليون جنيه إسترليني في عام 2022/23 إلى 15.9 مليون جنيه إسترليني في عام 2023/24. وستضطر المملكة المتحدة في المستقبل إلى تصنيع معظم الأسلحة التي ترغب في إرسالها إلى أوكرانيا.
تم تخصيص تمويل إعادة التزويد من الاحتياطات الطارئة التي قدمتها وزارة الخزانة. وحتى الآن، تم تخصيص عقود لإعادة تزويد الأسلحة بقيمة مليار جنيه إسترليني، من إجمالي طلب يبلغ 2.71 مليار جنيه إسترليني.
قامت المملكة المتحدة بتدريب أكثر من 46,000 جندي أوكراني منذ بداية الصراع، ،ومع ذلك، أشار التقرير إلى وجود شكاوى بشأن نقص التدريب على استخدام الطائرات بدون طيار (الدرونز). وتفرض القيود العسكرية والمدنية على الطيران في المملكة المتحدة قيودًا على استخدام عدد كبير من الطائرات بدون طيار حتى في المواقع العسكرية.
تسعى وزارة الدفاع البريطانية لاستبدال المعدات في وقت تواجه فيه عجزًا في ميزانيتها السنوية يصل إلى 3 مليارات جنيه إسترليني هذا العام، و3.9 مليارات جنيه إسترليني لعام 2025/2026. هذا العجز يُعتبر جزءًا من نقص تراكمي في الميزانية العسكرية على مدى 10 سنوات يقدر بـ16.9 مليار جنيه إسترليني، والذي وصفه المراقبون سابقًا بأنه "غير مستدام".
ومن المتوقع أن يعقد حزب العمال أول ميزانية له في 30 أكتوبر، في وقت يواجه فيه وزارة الدفاع ضغطًا ماليًا إضافيًا يصل إلى 1.1 مليار جنيه إسترليني لتلبية اتفاق زيادة الأجور بنسبة 6% الذي أعلنته وزيرة المالية راشيل ريفز في يوليو الماضي. قد يتم توفير هذا التمويل من قبل وزارة الخزانة، لكن لم يتم الإعلان عن ذلك بعد.
من جانبه، أكد جون هيلي، وزير الدفاع، للبرلمان أن حزب العمال "سيزيد الإنفاق على الدفاع" من المستوى الحالي البالغ 2.32% من الناتج المحلي الإجمالي إلى حوالي 2.5%. ومع ذلك، لم يلتزم بتخصيص المزيد من الإنفاق على أوكرانيا في حال فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر المقبل.