عرب لندن
أثار اقتراح رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بتوسيع استخدام تكنولوجيا التعرف على الوجوه المباشرة موجة من الانتقادات من قبل المدافعين عن الحريات المدنية، الذين يرون في هذا الاقتراح خطوة نحو إدخال نظام بطاقة هوية وطنية يعتمد على التعرف على وجوه المواطنين.
وبحسب ما ذكرته صحيفة الغارديان ”The Guardian” قالت سيلكي كارلو، مديرة منظمة "بيغ براذر ووتش"، إنه من المفارقات أن يقترح ستارمر زيادة استخدام التعرف على الوجوه في نفس اليوم الذي دخل فيه قانون أوروبي واسع النطاق يحظر التكنولوجيا الرقابية المباشرة حيز التنفيذ.
أوضحت كارلو: "توسيع استخدام التعرف على الوجوه المباشرة يعني إخضاع ملايين البريطانيين الأبرياء لفحوصات هوية تلقائية. هذه التكتيكات تشبه تلك المستخدمة في الصين وروسيا، ويبدو أن ستارمر غير واعٍ بتداعياتها على الحريات المدنية."
حتى الآن، استخدمت شرطة العاصمة وشرطة جنوب ويلز في المملكة المتحدة تكنولوجيا التعرف على الوجوه المباشرة بشكل رئيسي للمساعدة في الكشف عن الجرائم ومنعها في الوقت الفعلي، بما في ذلك في الأحداث العامة مثل تتويج العام الماضي. هذه التكنولوجيا قادرة على مسح أكثر من 100 وجه في الدقيقة للتعرف عليها.
ولكن يوم الخميس، اقترح ستارمر توسيع استخدام هذه التكنولوجيا بشكل أوسع استجابةً للفوضى العنيفة التي شهدتها البلاد بعد طعن وقتل ثلاث فتيات في ساوثبورت، لانكشاير. تعهد رئيس الوزراء الجديد بإنشاء وحدة وطنية للشرطة لمواجهة الشغب، مع التركيز على تحسين التعاون بين القوات، تبادل المعلومات الاستخباراتية، وتعزيز “نشر أوسع لتكنولوجيا التعرف على الوجوه.”
على الرغم من قلة التفاصيل المتاحة، اقترح ستارمر فوراً أن يتم تطبيق "أوامر سلوك جنائية" لتقييد تحركات المشاغبين قبل أن يتمكنوا من ركوب القطارات، مما يشير إلى استخدام أوسع لتكنولوجيا التعرف على الوجوه في محطات النقل مثل محطات السكك الحديدية.
وفي تعليق له، قال داراغ موراي، محاضر كبير في جامعة كوين ماري بلندن: “هناك خطر واضح من توسيع تقنيات الرقابة الشرطية دون إشراف مناسب رداً على مأساة واضطرابات عامة. إذا كانت الشرطة قد تعاملت مع الشغب والفوضى لعقود، فلماذا نحتاج الآن إلى التعرف على الوجوه؟”
لا يوجد في المملكة المتحدة قانون محدد ينظم استخدام برامج التعرف على الوجوه، مما يؤدي إلى تفسير واسع لتنفيذها من قبل قوات الشرطة. تستخدم الشرطة هذه التكنولوجيا لتحديد الأشخاص المفقودين والمجرمين، بالإضافة إلى "الأشخاص في قائمة المراقبة الذين تبحث عنهم الشرطة"، وفقاً لشرطة العاصمة. تشمل قائمة المراقبة الأشخاص "المطلوبين من قبل المحاكم"، والأشخاص الخاضعين لقيود المحكمة أو الكفالة، وكذلك الأفراد الذين “توجد أسباب معقولة للاشتباه بأنهم على وشك ارتكاب جريمة في المستقبل.”
تقول حملة "بيغ براذر ووتش" إن هذه التعريفات الواسعة قد تتيح للشرطة استهداف المتظاهرين الشرعيين، وليس فقط الأشخاص ذوي النوايا العنيفة. على سبيل المثال، تم استخدام تكنولوجيا التعرف على الوجوه في جائزة بريطانيا الكبرى خلال العامين الماضيين، حيث تم مسح مئات الآلاف من الوجوه، وذلك بعد أن اقتحم متظاهرو "جست ستوب أويل" مضمار السباق خلال اللفة الأولى من سباق الفورمولا 1 في عام 2022.
توجد مخاوف بشأن دقة تكنولوجيا التعرف على الوجوه المباشرة، حيث يكون الأشخاص ذوو البشرة السوداء أكثر عرضة للتحديد الخاطئ مقارنةً بالمجموعات العرقية الأخرى. تقول شرطة العاصمة إنها قادرة على تعديل خوارزمية التعرف على الوجوه للتقليل من الفوارق الديمغرافية، لكن "بيغ براذر ووتش" تشير إلى أن هذا التعديل قد يقلل من فعالية النظام بشكل عام.
وفي حكم صدر عام 2020، وجدت المحكمة أن شرطة جنوب ويلز لم تحقق بشكل كافٍ في ما إذا كان البرنامج يظهر تحيزاً عرقياً أو جنسياً.
وتقول الشرطة "إنه كان هناك "تحسن كبير" في دقة النظام، حيث تشير الأبحاث التي أجرتها شرطة العاصمة إلى أن فرصة التطابق الخاطئ أصبحت الآن واحدة من كل 6,000 شخص".
وتقدم منظمة "بيغ براذر ووتش" تحدياً قانونياً ضد استخدام التكنولوجيا، بالتعاون مع شون تومسون، العامل المجتمعي لمكافحة الجرائم بالأسلحة البيضاء، الذي يزعم أنه تم التعرف عليه بشكل خاطئ واحتجازه بشكل غير صحيح في محطة لندن بريدج في فبراير، حيث طلب منه الضباط تقديم بصماته لإثبات هويته.
وفي وقت سابق من هذا العام، وصف مسؤولو شرطة العاصمة التكنولوجيا بأنها "مغيرة للعبة"، وأكدوا أن استخدامها ساعد في إجراء اعتقال واحد كل ساعتين.