عرب لندن
على تلة تطل على مدينة تايلرستون في جنوب ويلز، تنجز آلات بناء عملية تدعيم كومة ركام، كان انهيارها قد كشف عن تهديد قائم بقوة في المنطقة، وقد يتفاقم بفعل الاحترار المناخي.
ويقول عامل المنجم السابق هذا البالغ 77 عاما "كنت أسير قرب ضفة النهر، في أسفل الوادي قليلا . وفجأة تحول لون الماء إلى البني، ثم تباطأ التيار. وفي طريق العودة، رأيت كومة ركام تنزلق وكان الصوت... أشبه بالهدير".
ولحسن الحظ، لم تكن هناك منازل على طريق الجرف، ولم تسجل أي إصابات. لكن في المنطقة، أيقظت الحادثة من جديد صدمة مأساة أبرفان في 21 تشرين الأول/أكتوبر 1966، حيث أدى انزلاق كومة ركام قديمة إلى مقتل 144 شخصا، من بينهم 116 طفلا حوصروا في مدرستهم.
بعد تايلرستون، أجرت السلطات الويلزية إحصاء واسع النطاق وحددت أكثر من 2500 كومة ركام في جميع أنحاء الإقليم، وهو إرث من ماضي التعدين المهم. ويمثل 350 منها خطرا جسيما بالانهيار، وقد أضعفتها الأمطار وتسرب المياه، و79 منها موجودة في منطقة روندا سينون تاف، بحسب آخر إحصاء ك شف عنه في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر. وبات يتعين حاليا مراقبتها مرتين في السنة.
وقالت المهندسة الجيولوجية في هيئة المسح الجيولوجي البريطانية أشلي باتون لوكالة فرانس برس إن خطر الانهيارات الأرضية يأتي من "أكوام الحطام المتروكة على سفح التل. يمكن زعزعة استقرارها لأنها مصنوعة من مواد سائبة". وفي حال هطول أمطار غزيرة خصوصا، فإن المياه "تضعف قدرة (المواد) على البقاء في مكانها".
وفي عام 2021، سل ط تقرير مستقل عن مخاطر تغير المناخ، الضوء على الاحتمال المتزايد لحدوث انهيارات أرضية مستقبلية مرتبطة بنشاط التعدين السابق، وسط الازدياد في وتيرة الأمطار الغزيرة وآثارها السلبية.
على جانبي الطريق الذي يمر عبر جوف وادي روندا، أصبحت العديد من أكوام الركام، المغطاة حاليا بالنباتات، غير مرئية تقريبا، ما يخفي خطرها.
ويقول المخرج والمستشار المحلي السابق في بلدة فيرنديل، المجاورة لتايلرستون فيل رو إن "معظمها حاليا مغطى بالأشجار. إنها من حولنا، وقد أصبح الناس على دراية بها مع انزلاق تايلرستون. كان هناك الكثير من الذعر".
وفيما لا تزال ذكرى صناعة التعدين حية بين كبار السن، فإن روي جونز، وهو عامل منجم وعامل إنقاذ سابق يبلغ 78 عاما، يأسف لأن "الجيل الأصغر سنا ليس على وعي كبير" بالمخاطر.
وتظهر على التل فوق تايلرستون كومة أخرى من الركام، تم تصريفها وتغطية سطحها لإزالة الخطر. ويقول إن قمتها "كبيرة بحجم ملعب كرة القدم".
ويثير الوضع غضب السكان الذين يرون في ذلك علامة على عدم الاهتمام بمنطقة أصبحت منسية منذ إغلاق مناجم الفحم ونهاية حقبة اقتصادية مجيدة.
ويأسف فيل رو، الناشط جدا في هذا الموضوع، أنه بدون انهيار كومة الركام في تايلرستون، لم يكن من الممكن القيام بأي شيء لتأمينها.
ويوضح "يقولون إنهم كانوا يراقبون الموقع على مدى العامين أو الثلاثة أعوام الماضية، لكن لو كان الأمر كذلك، لكان عليهم أن يروا أن شيئا ما سيحدث"، فيما تتقاذف كارديف ولندن المسؤولية عن تمويل الأعمال اللازمة.
وقدرت قيمة أعمال الصيانة في تايلرستون وحدها بأكثر من 20 مليون جنيه إسترليني (25,25 مليون دولار). وتقدر تكلفة تأمين كافة أكوام الركام المعرضة للخطر بما يتراوح بين 500 و600 مليون جنيه استرليني (631 إلى 757 مليون دولار) على مدى خمسة عشر عاما، بحسب السلطات الويلزية. وترفض الحكومة البريطانية المساهمة بشكل مباشر.
سألت النائبة المحلية بيث وينتر أخيرا رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك في البرلمان "هل من الصحيح أن المملكة المتحدة استفادت من الفوائد الاقتصادية لصناعة التعدين الويلزية، لكنها لا تقد م أي تمويل لتأمين عواقبها؟".
وقال ريشي سوناك إن حكومة ويلز لديها "الموارد اللازمة" لإدارة هذه القضية.
ويقول جيف كومبس متأسفا "لا أعتقد أن سكان الوادي ينبغي لهم أن يدفعوا ثمن ذلك"، مذكرا بأن الفحم الويلزي كان يزود سفن البحرية الملكية بالطاقة، ما ساهم بالتالي في عظمة الإمبراطورية البريطانية السابقة.