عرب لندن - لندن
تلاقت المصالح البريطانية مع تلك الصهيونية منذ بدء تشكل ملامح انهيار الدولة العثمانية في منتصف القرن التاسع عشر.
وفتحت هذه التغيرات المجال أمام بريطانيا لدخول المنطقة العربية، تحت مظلة "البعثات الأجنبية"، وذلك من خلال وصل الحبال مع الحركة الصهيونية.
وفي عام 1830، تولى وزير الخارجية البريطاني حينها، هنري تيمبل، مهمة إنشاء وطن قومي لليهود لتحقيق مراد بلاده، وافتتح أول قنصلية لبريطانيا في القدس بعدها بنحو 8 أعوام.
وبعد تمكن اليهود على مدار الأعوام من شراء الأراضي في فلسطين وبناء المستعمرات اليهودية عليها، جاء وعد بلفور عام 1917، ليتمم ما تم التخطيط له، وقامت "دولة إسرائيل" رسميا.
ومنذ ذلك الحين توالت عدة حكومات سواء من المحافظين أو العمال إلى الرئاسة، وكانت جميعها مؤيدة لإسرائيل ومناصرة لسياساتها في المجمل، إلا أن بعض الرؤساء كمارجريت تاتشر لم تتردد بالتنديد بالتفجير الإسرائيلي للمفاعل النووي العراقي “أوزيراك” في يونيو/حزيران 1981.
كما فرضت تاتشر حظر أسلحة على "إسرائيل" لمدة 12 عاما خلال حرب لبنان عام 1982، وكل هذا على الرغم من كونها من أشد المعجبين بإسرائيل، لكنها كانت تؤمن بالتزام بلادها بالقانون الدولي.
وكانت منتصف سبعينيات القرن الماضي البدايات الأولى لتشكل منظمات محلية للوبي الصهيوني في بريطانيا، بحسب ما يعتقده الباحثون، حيث اتحدت الفدرالية الصهيونية والمجلس اليهودي البريطاني وأسسا أول منظمة علاقات عامة بريطانية داعمة لإسرائيل.
وفي 1974 تأسست مجموعة "أصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين" على يد النائب المحافظ مايكل فيدلير، كجماعة ضغط مساندة لإسرائيل، حتى بلغ إجمالي ما قدمته المجموعة لحزب المحافظين حتى الآن بحسب صحيفة "فاينانشال تايمز" حوالي 400 ألف جنيه إسترليني، منذ 2004، وكانت على صورة رحلات مدفوعة الأجر بشكل كامل أو جزئي لأعضاء البرلمان والوزراء، إلى جانب عشرات الألوف الأخرى التي كانت على هيئة تبرعات مباشرة لأعضاء في البرلمان، من قبل مسؤولي الجمعية.
وبحسب موقع اللجنة الانتخابية البريطانية، بلغ عدد أعضاء حزب المحافظين الذين أرسلتهم "أصدقاء إسرائيل" في رحلات إلى الأراضي المحتلة 162 عضوا على الأقل من 2004، منهم بوريس جونسون.
وبحسب موقع منظمة "Declassified الإعلامية البريطانية، قام أكثر من ثلث مجلس الوزراء بالسفر خارج المملكة المتحدة بتمويل من الحكومة الإسرائيلية بشكل مباشر أو من جماعات الضغط التابعة لها، كأصدقاء إسرائيل، لضمان تمثيل إسرائيل في البرلمان البريطاني.
وفي عام 2004، ذهب جونسون في رحلة إلى "إسرائيل" مدتها 5 أيام، بعد 3 سنوات من انضمامه للبرلمان. ومُولت الرحلة بشكل مشترك من قبل الحكومة الإسرائيلية وأصدقاء إسرائيل المحافظين.
ولم يعلن جونسون حينها عن الرحلة في سجل المصالح البرلمانية إلا بعد 4 أعوام، أي عام 2008، ورفض الكشف عن تكلفة الرحلة، بينما أعلن وزير المالية حينها، جورج أوزبون، الذي كان في نفس الرحلة عن سفره بعد أسبوعين من عودته.
ومن بين 23 وزيرا في الحكومة، تم تمويل 8 أعضاء لزيارة إسرائيل أو واشنطن حينها، بتكلفة تصل إلى 14 ألف جنيه إسترليني على الأقل.
كما سافر خمسة وزراء آخرين بين 2011 و 2015 بزيارة "إسرائيل" في رحلات مدفوعة التكاليف وهم ألوك شارما، كواسي كوارتينغ، روبرت جينريك، أوليفر دودن، وأماندي ميلينغ.
كما تلقى مايكل غوف وبريتي باتيل تمويلا لزيارة واشنطن لحضور مؤتمر "إيباك" وهي لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية، التي تعد مجموعة الضغط الإسرائيلية الأولى في الولايات المتحدة، وذلك عام 2013، وتقدر تكلفة الرحلة هذه بنحو 2500 جنيها إسترلينيا لكل منهما.
كما كشف تحقيق لـ "أوبن ديموكراسي" عما تحمله السجلات من معلومات حول الزيارات المقامة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة والداخل، حيث رتب الرئيس الفخري للمجموعة اللورد بولاك عشرات الاجتماعات لباتيل عام 2017، عندما كانت وزيرة للتنمية، ويشمل هذا اجتماعا مع رئيس مجلس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.