محمد أمين - صحافي فلسطيني مقيم في بريطانيا

انعقدت في لندن، الشهر الماضي، أعمال جلسة تشاورية لعدد من ممثلي الجالية العربية والمسلمة في بريطانيا من نخب وأكاديميين وصحافيين وناشطين، للبحث في التحديات التي تواجههم، والفرص المتاحة أمامهم، باعتبارهم مواطنين بريطانيين، وكتلة لها وزن انتخابي معتبر وحضور في مختلف مناحي الحياة، وتواجد كبير عقب موجات الهجرة بمختلف أنواعها ومراحلها إلى المملكة المتحدة.

هذه الورشة التي انعقدت بدعوة من موقع "عرب لندن"، المختص بأخبار الجالية ونشاطاتها، و"منتدى التفكير العربي"، وهما منصتان تعنيان بالنشاط العربي في بريطانيا، أكدت على الحاجة الماسة للتشاور والتحاور بين أبناء الجالية، واجتماعها تحت سقف واحد، لمحاولة استشراف معالم عمل مشترك بينها، أصبح ضروريا في ظل التحولات العديدة في السنوات الأخيرة، والتي زادت من حجم وجود العرب في بريطانيا وعموم أوروبا، وتحول المجتمع العربي لمجتمع أصيل وليس طارئ، وكأقلية أو جالية أو مواطنين من أصول عربية، فإنه ينبغي أن يكون هناك بحث في قضايا هذا المجتمع، وإقامة مؤتمر سنوي يجمع أفراده على طاولة واحدة، يبحث فيه العرب قضاياهم ويضعون أولوياتهم، ويؤسسون لاجتماع سنوي لعله يكون لبة أولى في تشكيل لوبي عربي يفضي لمبادرات عملية، كما ترسل مخرجات هذا المؤتمر السنوي للأحزاب والسياسيين وصناع القرار في المملكة المتحدة.

مناقشات هذه الورشة تمخضت عنها عناوين عديدة مقترحة للبحث والدراسة، أكدت على الحاجة الملحة لتنظيم مؤتمر يبحث فيها، فمن الاندماج الإيجابي بمقابل الذوبان، إلى الاشتراك في الحياة السياسية ومحدداته، الجيل الثالث والرابع والحفاظ على الهوية، إلى قضية تأسيسية وهي إحصاء عدد الجالية العربية والمسلمة، وصولا لتشكيل لوبي عربي حقيقي ومؤثر، كلها قضايا أثيرت واقترحت كمواضيع بحاجة أولا لبحث وسبر لأغوارها، ثم التأسيس على مخرجات هذا البحث.

قضايا عديدة ملحة تحتاج الجالية وأبناؤها لبحثها بأنفسهم، منها ما أشار له عمدة ويستمنستر السابق حمزة توزال- البريطاني من أصول مغربية- وهي كيفية تحفيز الشباب على الاشتباك في الحياة السياسية وخوض غمارها مبكرا، ويعد حمزة مثالا على ذلك، فهو أول عربي مسلم يصل لمنصب عمدة ويسمنستر، وصل حمرة لهذا المنصب وهو لم يتجاوز ٢٢ عاما.

تقديري أن الجالية العربية والمسلمة بحاجة لمؤتمر عربي سنوي جامع، يحاول ما استطاع إلى ذلك سبيلا جمع العرب من كافة الجنسيات والأطياف والانتماءات والخلفيات تحت مظلة واحدة، فثمة طاقة كبيرة يمكنهم العمل على استثمارها، فالعرب اليوم موجودون في كافة مناحي الحياة في بريطانيا وقطاعاتها الحيوية المختلفة، من أطباء ومدرسين وصحافيين وناشطين وعمال وأصحاب أعمال، وأبناؤهم من مواليد هذه البلاد ومستقبلهم فيها، وكلمة السر برأيي لكل هذا تكمن في تنحية كل الخلافات التي تعصف ببلدانهم التي جاؤوا منها، وألا يحملوها معهم، والاشتغال على المشتركات باعتبارهم جميعا جالية واحدة، لها همومها وتطلعاتها، وما يجمعها أكثر مما يفرقها، وحتى لو لم تجتمع كلها فإن هذه مبادرة لتحريك المياه الراكدة، والبدء بعمل عربي حقيقي، والبناء عليه، وتوفير منصة سنوية يجتمع العرب تحت مظلتها ويعقدوا مؤتمرهم في كنفها، دون قيد أو شرط.

أسئلة عديدة برسم البحث: كيفية المزاوجة بين أن تكون مواطنا بريطانيا وعربيا؟ أن تندمج دون أن تذوب؟ بين أن تكون أولوياتك منطلقة من خدمة مجتمعك العربي في بريطانيا وبين أن تدعم قضايا بلدانك الأصلية؟...، معادلات تحتاج أولا نقاشا وحوارا، وقبل ذلك قناعة تامة بحتمية البدء بالعمل.

السابق اللوبي الصهيوني داخل حزب المحافظين يمول رحلات ثلث الوزراء لخدمة "إسرائيل"
التالي الجالية العربية والمسلمة في بريطانيا وفرص التأثير