عرب لندن
ترك الفتى السوري حازم عطار مدينته حلب، وأبحر مع عائلته على متن مركب هش إلى مرسين في تركيا هربا من الحرب، ليجد نفسه بعد سبع سنوات يلعب كرة القدم في بطولة كأس العالم للأطفال في الدوحة استعدادا لمونديال قطر الشهر المقبل.
والنسخة الرابعة من البطولة التي تقام قبل المونديال، وتضم للمرة الأولى لاجئين سوريين وفلسطينيين، فرصة لعطار وآخرين ليس لإبراز موهبتهم فقط، بل لإيجاد منبر للمطالبة بحقوق حرموا منها.
تقام هذه البطولة مدى ثمانية أيام بمشاركة 28 فريقا من 25 دولة، وتهدف إلى التركيز على التحديات التي يواجهها الأطفال الآتون من مجتمعات تشهد أزمات.
في حديقة الأكسجين على أطراف العاصمة القطرية، بدت الحماسة واضحة في عيني عطار (17 عاما) الذي يحلم بأن يصبح لاعب كرة قدم محترفا. وقال لوكالة فرانس برس بينما كان يستعد لمباراة منتخب بلاده ضد أوغندا "نحن متحمسون جدا. جئنا إلى هنا لنقد م ما لدينا، لنحق ق نتيجة ولنطالب بحقوقنا". وتابع "نحتاج إلى بلد آمن خال من العنصرية وخال من الحروب (...)، ونحتاج الى لم شمل العائلة بعدما تفر ق السوريون كل واحد في بلد"، مضيفا "نحتاج أيض ا الى خلق فرص عمل وتأمين صحي أفضل وتحسين التعليم محليا وإتاحة الفرص لنا للانتقال إلى دول أخرى لتلقي التعليم".
ويستذكر حازم، الذي كان يبلغ عشر سنوات عندما استقلت عائلته المؤلفة من سبعة أفراد هو أصغرهم المركب من السواحل اللبنانية باتجاه تركيا، لحظات الخوف والتوتر خلال فترة الحرب. ويوضح "كان الوضع مأسويا حرفيا، الحمدلله أننا تخل صنا من هذا الوضع وأننا هنا اليوم".
في زاوية أخرى من الحديقة، تقوم فتيات فلسطينيات يرتدين ملابس رياضية وقمصانا طبع عليها العلم الفلسطيني، بتدريبات أخيرة استعدادا لمباراتهن المقبلة.
استغرقت رحلة الفتيات الوافدات من مخيم طولكرم في الضفة الغربية المحتلة واللواتي لم يخرجن من بلدهن من قبل، ثلاثة أيام للوصول إلى الدوحة، بسبب الطريق الطويل الذي سلكنه عبر جسر الملك حسين الذي يربط الضفة بالأردن والإجراءات الأمنية المتعددة عند المعابر.
وتقول حارسة مرمى الفريق حنين صالح البالغة 16 عاما، إنها "المرة الأولى التي تشارك فيها فلسطين ببطولة كأس العالم للأطفال"، مضيفة أن الفريق يريد أن يطالب بـ"حق اللعب، وحق التعليم، حق التعبير عن أنفسنا".
وتروي ملاك عوفي (16 عام ا) يومي اتها في المخيم حيث تسكن مع عائلتها المؤلفة من ستة أفراد، فتشير الى أنه مكان ضي ق لا تتسع أزقته للمواصلات، لذلك تسير كل صباح وهي تحمل حقيبتها على ظهرها لمدة ساعة لتصل إلى مدرستها.
ولا تتجاوز مساحة المخيم كيلومترا مربعا واحدا ويقطنه نحو 11 ألف شخص، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
وتوضح الفتاة "نحن محرومون نعمة اللعب... طوال حياتنا نلعب بين الحارات والأزقة"، مضيفة "لم يكن هناك مكان مناسب لنتدرب فيه، فاضطررنا إلى أن نستأذن مدرسة لنتدرب فيها".
من جهتها، تقول قائدة الفريق الفلسطيني ميسون نخلة إن مطالب فريقها في نهاية البطولة ستكون "إنهاء الاحتلال (الإسرائيلي) ووضع حد للزواج المبكر وخلق فرص عمل وإنهاء عمالة الأطفال وتوفير (ما يلزم) للاهتمام بالصحة النفسية".
وتنظم مؤسسة "ستريت تشايلد يونايتد" البريطانية الحدث الرياضي في الدوحة، والهدف منه إعطاء الأطفال مساحة لممارسة هوايتهم والتعبير عن مطالبهم التي سترفع في نهاية كأس العالم الى الحكومات المعنية.
تعلو فجأة هتافات التشجيع من إحدى زوايا الملعب ما يعكس الأجواء الحماسية السائدة أثناء المباريات الأولى بين فرق آتية من كل أنحاء العالم: أعضاء من فريق بنغلادش يقومون بتمارين للياقة البدنية في زاوية، ولاعبو فريق المكسيك يعانق بعضهم بعضا في زاوية اخرى.
وتختتم فعاليات الدورة بالمباراة النهائية في 15 تشرين الأول/أكتوبر قبل أقل من شهر من انطلاق المونديال في 20 تشرين الثاني/نوفمبر.
وتقول مديرة الفرق والبرامج في منظمة "ستريت تشايلد يونايتد" جوليا بيمينتا لفرانس برس "كرة القدم هي اللغة التي نتحدث بها جميعا هنا (...) وهي أيضا السبيل لهؤلاء الشباب لإقامة علاقات في ما بينهم".
ويورد الرئيس التنفيذي للمنظمة جون ورو بينما يقف مشجعا كلما سجل أحد الفرق هدفا "إنها بطولة مليئة بالأمل والفرح. إنها كأس عالم من أجل السلام"، مضيفا أن الأطفال "يحترمون بعضهم... ويصغون بعضهم لبعض. إنهم ينشئون أمما متحدة لأطفال الشوارع واللاجئين".
انتهت مباراة الفيليبين- فلسطين بفوز الأولى 3-0، فخرجت بعض الشابات الفلسطينيات وهن يبكين من أرض الملعب، لكن ذلك لم يثبط عزيمتهن .
وتؤكد ملاك التي ارتدت حجابا أسود "الخسارة لا تعني الهزيمة، نحن مصرون على الفوز وهذا الإصرار موجود داخلنا (...) كشعب فلسطيني".