عرب لندن

تحيي مدينة لندنديري في إيرلندا الشمالية، الأحد، ذكرى أحد أحلك الأيام في تاريخ المملكة المتحدة الحديث، عندما قتل جنود بريطانيون، قبل خمسين عاما، 13 متظاهرا كانوا يدافعون عن الحقوق المدنية، رغم عدم تعرضهم لأي استفزاز.

وتأتي ذكرى "الأحد الدامي" في وقت يهدد بريكست السلام الهش في إيرلندا الشمالية، وبينما تشعر عائلات الضحايا باليأس حيال إمكانية محاكمة الجنود المتورطين.

وقتل المحتجون الـ13 في 30 كانون الثاني/يناير 1972 عندما أطلق فوج المظليين البريطانيين النار على المتظاهرين في لندنديري، التي يسميها القوميون الموالون لإيرلندا ديري.

وأصيب بعض الضحايا بالرصاص من الظهر أو بينما كانوا ممددين أرضا أو أثناء تلويحهم بمناديل بيضاء، فيما لاحقهم رصاص الجنود في الشوارع في منطقة بوغسايد الكاثوليكية.

والأحد تعقب مئات الأشخاص، بينهم أقارب الضحايا، خطوات المسيرة الحقوقية التي خرجت عام 1972، وساروا بهدوء في أجواء من الحزن تحت السماء الرمادية. وانضم إلى المسيرة أطفال رفعوا صور الضحايا و14 وردة بيضاء اللون، إذ إن متظاهرا غير القتلى الـ13 أصيب بجروح في يوم "الأحد الدامي" وتوفي بعد أشهر. لكن التحقيقات اللاحقة خلصت إلى أنه لم يمت بسبب إصاباته.

وفي مراسم أقيمت لاحقا لاستذكار الضحايا قرب نصب شيد في بوغسايد عام 1974، وقف المشاركون لحظة صمت بعدما تليت أسماء القتلى فيما وضع إكليل من الزهور لكل منهم.

وقال مايكل ماكيني، الذي كان شقيقه من بين القتلى الـ13 أمام مئات المشاركين الأحد "مضينا في طريق طويل بعد فظائع ذلك اليوم". وشدد ماكيني الذي قاد مساعي أقارب الضحايا المستمرة منذ عقود لتحقيق العدالة، على مطالب "ملاحقة الجنود المجرمين الذي قتلوا شعبنا في شوارعنا".

وكان رئيس وزراء إيرلندا مايكل مارتن أول زعيم أيرلندي يحضر المراسم السنوية، إلى جانب وزير الخارجية سايمن كوفيني. ووضع كلاهما أكاليل الزهور تكريما للضحايا.

ووصف رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون هذا الأسبوع "الأحد الدامي" بأنه "يوم مأساوي في تاريخنا". لكن حكومته تدافع عن قانون يرى معارضوه أنه يرقى إلى عفو عن جميع عمليات القتل التي وقعت على مدى ثلاثة عقود من الاضطرابات الطائفية، بما في ذلك تلك المرتبكة من قبل قوات الأمن.

وبعدما برأ تقرير مبدئي صدر عن الحكومة القوات المظلية والسلطات إلى حد كبير، توصل تحقيق تاريخي استمر 12 عاما ويقع في خمسة آلاف صفحة في 2010 إلى أن الضحايا كانوا عزلا ولم يمثلوا أي تهديد وأن قائد الجنود ميدانيا خالف الأوامر.

وقال رئيس لجنة التحقيق والقاضي السابق وعضو مجلس اللوردات البريطاني مارك سافيل لإذاعة "بي بي سي" السبت "توصلنا في التحقيق إلى استنتاج مفاده أن عمليات إطلاق النار كانت غير مبررة ولا يمكن تبريرها". ولفت إلى أنه كان يجدر بالحكومة مباشرة ملاحقات قانونية "قبل وقت طويل جدا" إذ أن الجنود الناجين أصبحوا مسنين اليوم.

وشاهد تشارلي ناش (73 عاما) قريبه وليام ناش البالغ 19 عاما ي قتل يوم "الأحد الدامي". وقال لفرانس برس "من المهم أن يرى باقي العالم ما فعلوه بنا يومها. لكن هل سنشهد عدالة في يوم ما؟ إطلاقا، وبالأخص ليس من بوريس جونسون".

كانت لندنديري، وما زالت، مدينة غالبية سكانها كاثوليك. لكنها شهدت تمييزا في السكن والتوظيف والتعليم لصالح الأقلية البروتستانتية المؤيدة لبريطانيا.

وجعل التوتر الناجم عن عدم المساواة من لندنديري مهدا لما عرف بحقبة "الأحداث" في إيرلندا الشمالية التي بدأت أواخر ستينات القرن الماضي وانتهت أخيرا مع اتفاق "الجمعة العظيمة" سنة 1998.

لكن وبعد أكثر من عقدين، يمث ل انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي تهديدا للتوافق الهش القائم منذ 1998.

ويطالب الوحدويون البروتستانت حكومة جونسون بإلغاء بند متعلق بالتجارة في إيرلندا الشمالية ما بعد بريكست، والذي يتعامل مع المقاطعة بشكل يمي زها عن باقي مناطق المملكة المتحدة (انكلترا واسكتلندا وويلز).

وتتعاطف الحكومة، التي تخوض محادثات منذ مدة طويلة مع الاتحاد الأوروبي في هذا الشأن، مع مطالب هؤلاء.

في المقابل، يأمل بعض القوميين مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المحلية في أيار/مايو، بأن يساهم بريكست في تحقيق ما لم ينجح "الجيش الجمهوري الإيرلندي" في تحقيقه قط: إيرلندا موحدة بعد قرن من إنشاء المملكة المتحدة دويلة بروتستانية في الشمال.

ويتقدم الشين فين الذي كان في الماضي الجناح السياسي للجيش الجمهوري الإيرلندي، على الوحدويين الذين كانوا يهيمنون من قبل، بحسب استطلاعات الرأي.

وتقول ديردر هينان التي تقطن لندنديري وتدرس السياسة الاجتماعية في جامعة ألستر، إن "إيرلندا الشمالية تجد نفسها مجددا في عين عاصفة سياسية ونبدو أشبه بأحد الأضرار الجانبية لرئيس وزراء بات مستقبله على المحك". وتضيف أن "سلوك الحكومة حيال عملية السلام كان متهو را".

وسعى المتشددون البروتستانت إلى التذكير بموقفهم قبيل الذكرى رافعين أعلام فوج المظليين في أحد معاقل الوحدويين في لندنديري، في خطوة أثارت استياء القوميين.

وتساءل المرشد السياحي والمؤرخ المحلي جورج رايان (61 عاما) "كيف يمكنهم القيام بأمر كهذا، في نهاية الأسبوع هذه بالذات؟".

وعند مدخل منطقة بوغسايد الكاثوليكية، ينتصب جدار يحمل عادة عبارة "تدخلون الآن ديري الحرة". لكن هذا الأسبوع، فكتب على الجدار "لا توجد عدالة بريطانية".

السابق مانشستر يوقف غرينوود "حتى إشعار آخر" بسبب مزاعم حول اعتدائه على امرأة
التالي السجن 3 سنوات لمصري ادعى أنه لاجئ عراقي للحصول على آلاف الجنيهات