عرب لندن - لندن

 

تحتل الصحافة البريطانية مكانة بارزة بين إعلام الدول على مستوى العالم، بل ولديها القدرة على تشكيل الرأي العام محليا ودوليا بشكل ملحوظ. 

وتمتاز بريطانيا بعراقة علاقاتها مع دول العالم المجاورة وصولا إلى الشرق الأوسط، والتي تتنوع بين كونها علاقات تجارية وبين تلك التي بنيت على آثار نفوذها الاستعماري في المنطقة، مما جعلها تلتفت لقضايا الشرق الأوسط.

وبرزت القضية الفلسطينية كإحدى القضايا المحورية التي تغطيها الصحف، مع اختلاف المعسكرات التي تنتمي لها كل منها، من اليمين إلى اليسار بأطيافه. 

ويمكن رسم خريطة لمواقف الصحف من القضية الفلسطينية بناء على معطيات مختلفة منها الميول السياسية التقليدية وموقفها الرسمي من رواية الدولة، إضافة لقرار كل منها باختيار الضحية والجاني. 

وتعتبر الصحف الأكثر شعبية مثل "الغارديان" و"الإندبندنت" صحفا تميل للطيف السياسي اليساري، كونها تدعم حزب العمال والديمقراطيين والليبراليين، فيما تعتبر "التايمز" و"تيليغراف" من الصحف المحسوبة على التيار اليميني، باعتبارها داعمة لحزب المحافظين. 

صحيفة "التايمز" وفي سياق تناولها للعدوان الأخير على غزة، أشارت إلى قيام "قوات الدفاع الإسرائيلية" باستهداف شبكة الأنفاق التابعة لحماس في محاولة منها "لاختراق المقاتلين تحت الحاجز الأمني الذي يفصل بين الجانبين"، بخبر يحمل عنوان: " أطفال غزة يدفعون ثمن الهجوم الإسرائيلي الخاطف على أنفاق حماس". 

ووصفت الصحيفة في ذات الخبر مشهدا من الواقع الذي يعيشه الأطفال تحت القصف، مقتبسة ما كان يقوله أحد الآباء ليهدئ من روع أطفاله قائلا: "لا تخافوا". 

وفي عدد آخر نشر يوم الإثنين، قالت الصحيفة أن "إسرائيل تواصل غاراتها الجوية على غزة على الرغم من الدعوات العالمية لوقف إطلاق النار". 

وأفادت الصحيفة بأن "إسرائيل" استهدفت شبكة الأنفاق التابعة لحماس بالإضافة إلى تسع منازل لكبار قادة الفصيلة. 

وذكرت الصحيفة أن الصواريخ التي تم إطلاقها من غزة إلى البلدات الإسرائيلية لم تصب أي إسرائيلي، فيما لم تذكر عدد الضحايا أو المصابين من القطاع. 

أما من جهة أخرى، فقد تناولت صحيفة الإندبندنت قصف غزة والخسائر البشرية والمادية التي أحدثها الهجوم من جانب الاحتلال. 

وتحدثت الصحيفة عن استهداف برج الجلاء الذي يضم مكاتب لقناة الجزيرة وشبكة "أسوشيتد بريس"، ونقلت تبرير أحد المتحدثين باسم قوات دفاع الاحتلال بأن المبنى "كان يضم أعضاء من المخابرات العسكرية لحماس". 

ولفتت الصحيفة إلى أن "إسرائيل" تستغل وجود حماس بشكل روتيني لاستهداف المباني في القطاع. 

وأوردت "الإندبندنت" أن عدد القتلى في غزة ارتفع خلال الأسبوع، ووصفت إحدى الغارات الجوية التي أودت بحياة ما لا يقل عن 10 فلسطينيين من نفس العائلة بأنه "أعنف هجوم منفرد منذ اندلاع العنف في المنطقة" مؤخرا. 

ونشرت الصحيفة أيضا مقالا للكاتب  باتريك كوبرن، الذي شبه الصراع بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي بالصراع بين الكاثوليك والبروتستانت في إيرلندا الشمالية.

واستهل الكاتب المقال بحادثة إطلاق السلطات البريطانية النار على 10 من الكاثوليك في باليمورفي، غربي بلفاست (عاصمة إيرلندا الشمالية) بين 9 و 11 أغسطس من عام 1971، مما أدى لمقتلهم جميعا. 

وأشار الكاتب إلى أن بريطانيا زعمت لسنوات طويلة أن الضحايا إما كانوا من مسلحي الجيش الجمهوري الإيرلندي أو أنهم قاموا بإطلاق قنابل حارقة. 

وبعد سنوات من الحادثة التي عرفت ب"مذبحة باليمورفي" خلصت استنتاجات القاضية المحققة الشرعية، شيبان كيغن في إيرلندا الشمالية، بأن الجيش لجأ إلى القوة المفرطة أثناء إطلاق النار الذي خلف 10 قتلى "أبرياء تماما".

واضطر رئيس الوزراء، بوريس جونسون، على تقديم الاعتذار علنا يوم الأربعاء الماضي. 

ويرى الكاتب من هذا المنطلق، أن الأحداث التي جرت في أيرلندا الشمالية في سبعينيات القرن الماضي وما يجري اليوم في غزة يتشابه في أوجه عديدة إذ قال:  "في الحالتين كانت، ولا تزال، القوة العسكرية المفرطة للغاية تستخدم لحل المشاكل السياسية ولم تنجح إلا في تعميقها".

ويعتقد الكاتب أن ميزان القوة يميل بفارق كبير لصالح الإسرائيليين، فهم لا يشعرون بالحاجة للتنازل لأن لديهم تفوقا عسكريا كبيرا ودعما من الولايات المتحدة والدول الكبرى".

 

 

 

السابق جونسون في مواجهة كورونا المتحور.. وقرار بإعطاء الجرعة الثانية لمن تجاوزوا الخمسين
التالي زلمط لبوريس جونسون: ننتظر إدانتك للقتل الذي تمارسه إسرائيل