عرب لندن
عرض وزير المال البريطاني، ريشي سوناك، الأربعاء، خطته للميزانية من أجل مواجهة حال "الطوارئ الاقتصادية" في البلاد وسط تداعيات وباء كوفيد-19 وقبل صدمة بريكست.
وكشف سوناك، في كلمة أمام البرلمان، التوقعات الرسمية التي تشير إلى تراجع غير مسبوق في إجمالي الناتج الداخلي البريطاني بنسبة 11,3% عام 2020 قبل أن ينتعش النمو بنسبة 5,5% في 2021 و6,6% في 2022.
وهو أسوأ انكماش في الاقتصاد البريطاني منذ أكثر من 300 عام. ولن يعود الاقتصاد إلى مستوياته السابقة للأزمة الصحية إلا في نهاية 2022.
وقال الوزير عارضا خطة إنفاق واسعة النطاق، إن الأضرار الاقتصادية "ستستمر على الأرجح على المدى البعيد" وستضعف الاقتصاد لسنوات عديدة.
ومن المتوقع أن يصل العجز في الميزانية العامة إلى 394 مليار جنيه استرليني في السنة المالية الجارية، أي 19% من إجمالي الناتج الداخلي بسبب الجهود غير المسبوقة لدعم قطاع الوظائف في مواجهة صدمة الوباء.
وتحت وطأة النفقات الهائلة المترتبة، تخطى الدين البريطاني منذ بضعة أشهر ألفي مليار جنيه إسترليني.
وقال سوناك استنادا إلى توقعات مكتب مسؤولية الميزانية إن نسبة البطالة ستصل إلى حدها الأقصى في الفصل الثاني من 2021 مسجلة نسبة 7,5%، ما يمثل 2,6 ملايين عاطل عن العمل.
وفي حين اعتبر مكتب "إرنست أند يونغ" الاستشاري ومركز الدراسات الاقتصادية ودراسات الأعمال تلك التوقعات متشائمة، إلا أن مكتب "ديلويت" للخدمات المهنية رأى أنه "سيكون نجاحا مبهرا بلوغ البطالة نسبة 7,5% فقط، وهي نسبة أقل بكثير مما كان متوقعا في تموز/يوليو وأقل مما سجل خلال مراحل الكساد الكبير في المئة عام الماضية".
وأكد سوناك اتخاذ تدابير جديدة دعما للوظائف، وأبرزها آلية تعرف باسم "الانطلاقة الجديدة" سيرصد لها مبلغ 2,9 مليار جنيه استرليني على ثلاث سنوات لمساعدة "أكثر من مليون شخص عاطل عن العمل على البحث عن وظيفة".
كما سيمدد الوزير حتى نهاية آذار/مارس برنامج تدريب يسمح لأرباب العمل بتقاضي ألفي جنيه استرليني لكل متدرب جديد يتم توظيفه، سعيا لمكافحة البطالة التي سجلت ارتفاعا كبيرا في الأشهر الماضية.
وكانت وطأة الأزمة الصحية التي أسفرت عن وفاة 55 ألف شخص في المملكة المتحدة، شديدة خصوصا على قطاعات الطيران والسياحة والتوزيع والمطاعم والملاهي والحانات الليلية وصالات الرياضة.
وأنفقت الحكومة حتى الآن حوالى 280 مليار جنيه إسترليني لمساعدة الاقتصاد، خصص قسم منها لجهاز البطالة الجزئية الذي تم تمديده حتى آذار/مارس 2021.
ورأت سوزانا ستريتر المحللة في شركة "هارغريفز لانسداون" المالية أنه "ينبغي اللجوء إلى تدابير يائسة في الأوقات اليائسة". وأضافت "أرجئ اتخاذ القرارات الصعبة مثل رفع الضرائب إلى وقت لاحق ... لأن الوزير يعتبر أن الاقتصاد غير قادر على امتصاصها في الوقت الحالي".
ورفض سوناك، العضو في الحزب المحافظ والمؤيد لسياسة مالية صارمة، الخوض في زيادات ضريبية مستقبلية أو خفض في النفقات العامة قد يتم إقرارها لاحقا لمحاولة إعادة التوازن إلى مالية الدولة. لكنه قال "من الواضح أن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر" مؤكدا تجميد الأجور في الوظائف العامة باستثناء العاملين في نظام الرعاية الصحية الوطني الذين يقفون في الخطوط الأمامية لمكافحة الوباء.
كما تعتزم بريطانيا خفض مساعدات التنمية بشكل حاد في 2021 إلى 0,5 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي، مقابل 0,7 بالمئة عادة، ما أثار سيلا من الانتقادات ولا سيما من قبل الناشطة الباكستانية ملالا يوسفزاي الحائزة جائزة نوبل للسلام التي علقت على تويتر "إن كوفيد-19 قد يرغم عشرين مليون فتاة إضافية على ترك المدرسة".
وإلى حماية الوظائف وتخصيص 3 مليارات جنيه استرليني إضافية لنظام الرعاية الصحية الوطني، أعلن الوزير رصد 254 مليون جنيه استرليني للتكفل بالمشردين الذين ارتفعت أعدادهم بشكل كبير منذ بدء تفشي الوباء.
وكشف أخيرا عن إنشاء صندوق جديد بقيمة 4 مليارات جنيه إسترليني من أجل "إعادة التكافؤ" بين الشمال الأكثر فقرا ومناطق العاصمة والجنوب الأكثر ثراء، عملا بأحد أبرز الوعود الانتخابية لرئيس الوزراء بوريس جونسون.
مع انتهاء الفترة الانتقالية ما بعد بريكست في 31 كانون الأول/ديسمبر، يعم القلق أوساط الأعمال في غياب تقدم ملموس في المفاوضات التجارية البريطانية الأوروبية.
وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق، يتم العمل تلقائيا بنظام منظمة التجارة العالمية الذي يترافق مع إعادة فرض رسوم جمركية ستكون عواقبها وخيمة على العديد من الصناعات.
ووفق مكتب "مسؤولية الميزانية"، فإن الخروج بدون اتفاق قد يكلف المملكة المتحدة ما نسبته 2% من إجمالي الناتج المحلي.