عرب لندن
يرى البريطاني أنغوس ديتون، الحائز جائزة نوبل للاقتصاد والأستاذ في جامعة برينستون الأميركية، أن فيروس كورونا المستجد كان بمثابة مؤشر على التفاوت الاجتماعي الصارخ الذي من المرجح أن يتفاقم.
وأشار إلى أنه من الملح العمل على إصلاح نظام الرعاية الصحية في الولايات المتحدة وكبح احتكار "كبريات شركات التكنولوجيا" في عالم ما بعد وباء كوفيد-19، وفق ما أوضح لوكالة فرانس برس.
تمت مقارنة الأوبئة بالأشعة السينية التي تجعل التفاوتات الموجودة أصلا أكثر وضوحا. ويمكن للأشخاص المؤهلين الاستمرار بممارسة وظائفهم بنفس الطريقة. يمكننا التحدث إلى الأشخاص عبر تطبيق "زووم" والحصول على نفس الراتب. وعلى العكس من ذلك، لدى العمال الأقل تأهيلا، فإن أولئك الذين يقال إنهم عمال أساسيون (عمال التوصيل والسائقين وعمال الصندوق والطاقم الطبي ...) يخاطرون بحياتهم بسبب الوباء، والآخرون مهددون بفقدان وظائفهم.
كما ارتفع معدل الوفيات لأولئك الذين لا يملكون مؤهلات علمية - خاصة العاملين الأساسيين المعرضين للإصابة لأنهم ليسوا معزولين - في حين انخفض بالنسبة لخريجي التعليم العالي. وسوف يزداد الأمر سوءا.
وهناك جانب عنصري كذلك في هذه الفوارق. (...) فاقم الوباء هنا الأمور أيضا، حيث معدل الوفيات أعلى بكثير بالنسبة للأميركيين الأفارقة منهم للبيض. وعندما نجمع كل ذلك، وإن لم يكن بمقدور أحد التنبؤ بأعمال الشغب (التي جرت في الولايات المتحدة بعد وفاة جورج فلويد، وهو رجل أسود قتل على يد شرطي أبيض)، لا يمكن القول أن ذلك لا علاقة له بـالوباء.
نحن قلة ممن يأمل أن يكون النظام الطبي الأميركي في شكله الحالي ضحية (للوباء)، وأن يدرك الناس أنه لم يعد بإمكانه الإستمرار لأن الأشخاص الذين يفقدون وظائفهم يفقدون معها تأمينهم الصحي في الوقت الذي هم في أمس الحاجة إليه.
هناك الكثير من الناس الذين تعافوا من الوباء ووجدوا أنفسهم أمام فواتير طبية ضخمة لا يمكنهم تسديدها، ومات الكثير من الناس بعد أن تركوا لعائلاتهم فواتير طبية ضخمة لا يمكنهم تسديدها. حتى بين الذين يحظون بتأمين صحي، لأن شركات التأمين لديها حدود لتغطية النفقات وتقلل شيئا فشيئا التغطية.
يوجد الكثير من الأنظمة المختلفة. يمكن للولايات المتحدة أن تختار "النظام الكندي أو النظام الفرنسي أو السويسري أو الألماني أو الهولندي. لكن كل شيء يبدو أفضل من التظاهر بأن السوق يمكن أن يوفر نظاما صحيا، لأن الحال ليس كذلك. ويؤدي ذلك إلى (...) تحويل الناس العاديين مبالغ كبيرة إلى الآخرين الأكثر ثراء بكثير، وكان ذلك مؤشرا بارزا للدمار وعدم المساواة. (...) وأحد العقبات التي تواجه أميركا لتكون دولة رفاهية أفضل هي القضية العرقية، وقد يغير الحراك الحالي لمظاهرات (حياة السود مهمة) هذا الأمر. ولكن، على الأرجح، لن يتغير شيء، وفي هذه الحالة، سيفاقم الوباء عدم المساواة.
أخشى جدا من أن تستمر البطالة لفترة طويلة أكبر وأن يؤدي ذلك إلى زيادة حصة رأس المال (بالنسبة إلى حصة العمل) في الناتج المحلي الإجمالي. أخشى أن تزدهر شركات التقنية الكبرى بينما تتعرض الشركات الصغيرة الأخرى للإفلاس وأن يفاقم المزيد من الاندماج الصناعي في الولايات المتحدة وأوروبا عدم المساواة.
عندما يكون لدينا المزيد من الشركات التي تقوم بالاحتكار أكثر فأكثر، فهذا هو الطريق الذي تم خطه بحيث يتم إعادة توزيع الناتج المحلي الإجمالي ليصب لدى الرأسماليين. لكن إلا إذا انهار النظام وجرى إصلاح ضخم، فان المؤشرات تتجه نحو تفاقم عدم المساواة.
لذلك نحن بحاجة ماسة إلى سن قوانين لمكافحة الكارتلات (اتحاد احتكار المنتجين) ضد "كبريات شركات التكنولوجيا"، وكذلك قوانين ضد أساليب الشرطة في الأحياء الفقيرة.