كتب وتصوير – كريم إمام
شهدت مكتبة N4 في حي فينسبري بارك اللندني حلقة نقاشية لمجموعة من الناشطات الليبيات بالتزامن مع اليوم العالمي للمرأة ضمن فعاليات شهرزاد Scheherezade الثقافية التي تعد جزءًا من مشروع MULOSIGE Libraries الهادف لتزويد مكتبات لندن بكتب ومناقشات متعددة اللغات. لا يقتصر نطاق هذا المشروع التعاوني على الاحتفال بتعددية اللغات في أشكاله المختلفة، بل أيضًا في زيادة معرفة سكان لندن بالأدب من الجنوب وإمكانية الوصول إليهم بلغات أخرى غير الإنجليزية.
وقدمت منظِمة الفعالية إتزيا جويكوليا نبذة عن المتحدثات وأشارت إلى أن الهدف من الأمسية وهو التعريف بالمشهد الأدبي والفني في ليبيا اليوم، منوهة بالفعاليات القادمة في إطار المشروع الذي حصل على تمويل من الاتحاد الأوروبي.
رسالة فرح
وكان من المنتظر أن تقام الفعالية بحضور الشاعرة الليبية فرح فاي ولكنها تعذرت عن الحضور وأرسلت رسالة تضمنت قصيدتين من ديوانها The scent of my skin الذي صدر في العام ٢٠١٧ والذي يعد أول مجموعة شعرية بالإنجليزية لشاعرة ليبية تتناول فيه الحياة ما بين لندن وليبيا.وبعد أن هنئت الحضور باليوم العالمي للمرأة شددت في رسالتها على أهمية الحراك الفني وتقديم أعمال فنية والنقاش حول ذلك والحديث مع الناس وحثهم أن يقرأوا ويكتبوا أكثر.
وتحدث خلال الفعالية كلا من ندى الفيتوري وهي مهندسة ليبية من بنغازي تعمل حاليًا كمصممة مدنية في لندن، وبدأت العمل التطوعي في المجتمع المدني بعد العام 2011 وأسست مشروع كتاب شباب بنغازي لتشجيع التعبير عن الذات من خلال الكتابة. تركز حاليًا على تقاطع التراث والتاريخ والتنمية الحضرية في ليبيا وتكتب بمدونة Brave New Libya.
أما رفا رجابي فهي مترجمة تنهي حاليا الدكتوراه في الترجمة السمعية والبصرية في SOAS. وقد عملت كمحاضرة في جامعة طرابلس بليبيا، وكلية سانت روز في نيويورك، وتُدرّس حاليًا اللغة العربية في مركز الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد LSE وInternational house في لندن. عندما كانت في ليبيا اختارتها مؤسسة التدريب الأوروبية Rafa لتمثيل مبادرة القادة المتوسطيين الشباب لدول جنوب البحر الأبيض المتوسط ، وعملت أيضًا في مكتب اليونسكو في ليبيا على وضع استراتيجية لتعليم وتدريب المهنيين. وتسنيم قطيط وهي مترجمة وباحثة زائرة ما بعد الدكتوراه في SOAS. تشمل اهتماماتها البحثية دراسات الذاكرة ودراسات الهجرة والأدب العالمي ونظرية ما بعد الاستعمار. يركز عملها على الإنتاج الثقافي العربي الناطق باللغة الإنجليزية.
وضع المرأة الليبية
لفتت ندى الفيتوري في بداية مداخلتها إلى اجتماع المتحدثات و فرح الأسبوع الماضي مشيرة إلى أن كتاباتها تناولت أمور عديدة خصوصا أن تكون امرأة في ليبيا أو مفهوم الأماكن العامة وتحوله بعد الثورة، وأوضحت أن ما يثير اهتمامها كمهندسة مدنية هو دور المرأة في بدايات الثورة والتواجد في الأماكن العامة بحماية من الرجال الذين قاموا بعمل سلاسل بشرية وكيف كانت الروح آنذاك وكان الجميع يأمل بتغيير، إلا أن ما جاء بعد ذلك جلب العديد من التعقيدات، ومع مرور الوقت بات العمل العام السياسي أصعب خصوصا للمرأة الليبية التي بات يهاجمها الناس فقط لكونها امرأة،لافتة إلى صدور قرار عدم سفر المرأة بدون محرم والذي لم يصمد طويلا. كما نقلت أجواء العيش في بني غازي أثناء الحرب ونضال المرأة. لافتة إلى صعوبة الحصول على المنتج الأدبي الليبي داخل ليبيا مقارنة بالخارج.
أدب المرأة
في حين تناولت تسنيم قطيط حركة المرأة الليبية في الأدب والأجيال المتلاحقة من الكاتبات المغربيات وذكرت في البداية حميدة العنيزي التي تعرف برائدة الحركة النسائية في ليبيا وحملتها من أل حقوق المرأة ولقاءها الأول مع الملك إدريس وكيف كانت تواجه الاحتلال الإيطالي والنظام الحاكم.
ثم أخذت الحضور في رحلة للتعرف على كاتبات من أمثال خديجة فهمي ومرضية النعاس وحورية شلبي، لافته إلى ما واجهن الكاتبات من صد من قبل المجتمع الذكوري الذي خلق نوع من عدم الارتياح بالحديث عن هذه الحقبة وكأنهم يودوا محوها، فيصفها البعض بحقبة إلى مزبلة التاريخ. وأشارت إلى بعض الكتب التي تناولت الكاتبات الليبيات على رأسها "معجم الكاتبات والأديبات الليبيات" الذي يستعرض تجارب ٩٠ كاتبة، وكتاب "رحلة القلم النسائي الليبي"، كما تناولت أهمية ترميم التراث الليبي والحاجة إلى جهود أكبر في هذا الإطار. وذكرت أعمال وكاتبات من أمثال خديجة عبدالقادر وكتابها "المرأة والريف في ليبيا" وروايات وفاء البوعيسى وتناولها لمواضيع كسرت بها التابوهات المجتمعية، لتصل إلى كتاب تأثروا بالثورة مثل رزان نعيم المغربي "نساء الريح" وعزة كامل المقهور "فشلوم قصص فبراير" ونجوى بن شتوان التي اعتبرتها الأشهر اليوم بعد نشرها العديد من الروايات مثل "كتالوج حياة خاصة" و "زرايب العبيد" والتي ترجمت أعمالها للغات أجنبية، لافتة هنا إلى أن الأعمال الأدبية الليبية لم تلقى الاهتمام المطلوب في مجال الترجمة، مشيرة إلى أن ليبيا وكأنها مهدور حقها وغير ملتفت إليها لوقوعها بين المغرب العربي من ناحية ومصر من ناحية أخرى. كما أشارت للارتباك الموجود في المشهد الأدبي وفيما يتعلق بحركة النشر وتداول الكتب وهو ما يرجع إلى فترة حكم القذافي وكيف كان ينظر للكتاب على أنه تهديد خطر.
الترجمة واللغات
في حين قالت رفا رجابي أن اهتمامها بالترجمة جعلها مهتمة بكتابات المرأة وعكسها لما يشهده المجتمع ومحاولة قول ما هو على لسان الناس، لافتة إلى أن كونها محاضرة في الجامعة تجد العديد من الطالبات يجدن صعوبة في التعبير عن أفكارهن، فتأثير المجتمع يصل إلى تحديد لهن كيفية التفكير والتعبير عن آرائهن وأفكارهن، وأنها تلاحظ ذلك في لغة الجسد عند الحديث عن مواضيع حساسة أو كليشيهات. كما أشارت إلى قضية الهوية وكونهن ينتمين إلى ليبيا وإلى المملكة المتحدة، وحقيقة أنهن لسن من مواليد ليبيا وكيف يؤثر ذلك على نظرة الليبيين في الداخل لهن كغرباء، وهو ما ينقلنا إلى اللغة وكيفية استخدامها. مشيرة إلى المنظمات الدولية التي تعمل في ليبيا مع البنات هناك وما يجلبوه معهم من لغات ومعارف وكيف يؤثر ذلك على الفتيات في ليبيا ونظرتهم للمستقبل واقتناص الفرص في التعلم من خلال المشاريع الفنية والثقافية. لافتة إلى الصحوة والحراك في المشهد الأدبي والثقافي الليبي بعد العام ٢٠١١ وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي.