عرب لندن

حذّر رئيس هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا، جيم ماكي، من أن الهيئة قد بلغت الحد الأقصى لما يمكن أن تحصل عليه من تمويل حكومي، في ظل الوضع المالي الصعب الذي تمر به البلاد، داعيًا إلى تحسين الكفاءة وتحقيق نتائج ملموسة من دون الاعتماد على زيادات سنوية كبيرة في الميزانية.

وصرّح ماكي لموقع صحيفة “الغارديان” ، الذي تولى المنصب خلفًا لأماندا بريتشارد الشهر الماضي، خلال فعالية نظمتها جمعية الصحفيين الطبيين في لندن، بأن الحكومة "استنفدت تقريبًا" قدرة الإنفاق المتاحة على الخدمات الصحية، مشيرًا إلى أن الهيئة باتت مطالبة بالتركيز على تقديم "قيمة أفضل مقابل المال" واستعادة مستويات إنتاجية مقبولة. 

وأضاف: "لقد بلغنا السقف تقريبًا. المسألة الآن تتمحور حول كيفية تحقيق أقصى استفادة من الموارد المتوفرة، مع إجراء إصلاحات حقيقية ومستدامة".

هذا وتأتي هذه التصريحات قبل أسابيع من إعلان مراجعة الإنفاق الشاملة المرتقبة في 11 يونيو، والتي ستحدد أولويات الحكومة للسنوات المالية 2026-2027 حتى 2029-2030. وفي ميزانيتها السابقة، كانت الحكومة قد خصصت مبلغًا إضافيًا قدره 22 مليار جنيه إسترليني للهيئة حتى عام 2026، لكن ماكي أكد أن زيادات مشابهة لن تكون متوقعة مستقبلًا.

وحذّر من "قرارات صعبة" ستواجه الهيئة، مؤكدًا أن معدلات النمو المالي المتوقعة لن تكفي لمواجهة الضغوط المتزايدة على الخدمة.

ووصَف معهد أبحاث السياسات العامة، المقرب من حزب العمال، تصريحات ماكي بأنها تعكس "واقعًا مؤلمًا جديدًا" أمام 215 صندوقًا للرعاية الصحية في إنجلترا. وقال سيباستيان ريس، رئيس قسم الصحة في المعهد، إن "العهد الذي كانت فيه الهيئة تحصل على زيادات شبه تلقائية سنوية في ميزانيتها قد انتهى، على الأقل في المستقبل القريب"، لكنه شدد في المقابل على أن الاستثمار في الرعاية الصحية هو مفتاح لتحسين الصحة العامة وزيادة الإنتاجية الاقتصادية.

وتأتي هذه التصريحات في وقت تعمل فيه الحكومة على إعداد خطتها الصحية العشرية المرتقبة، التي يتولى إعدادها فريق من مستشاري وزير الصحة ويس ستريتنج، ومن المتوقع إصدارها في يوليو المقبل، تزامنًا مع الذكرى السنوية السابعة والسبعين لتأسيس الهيئة في عام 1948.

ودافع ماكي عن إجراءات "إعادة الضبط المالي" التي فرضت على الصناديق الاستئمانية هذا العام، رغم تحذيرات من أن التخفيضات "مقلقة" وقد تؤدي إلى إغلاق خدمات وتسريح موظفين. وأوضح أن هذه التدابير كانت ضرورية لتجنب تجاوز في الإنفاق يقدّر بـ6.6 مليار جنيه إسترليني، في وقت تبلغ فيه ميزانية الهيئة قرابة 200 مليار جنيه إسترليني.

وفي هذا السياق، أشار إلى "قلق بالغ في وايتهول" بسبب تداعيات هذا العجز المحتمل، خاصة في ظل عدم الاستقرار الاقتصادي الدولي.

كما أبدى قلقًا عميقًا من تراجع ثقة الجمهور، مشيرًا إلى أن آخر استطلاع للرأي أظهر أن 21% فقط من المواطنين راضون عن أداء الهيئة. وأضاف: "كنا نظن أن العام الماضي كان الأسوأ (23%)، لكن الوضع ازداد سوءًا هذا العام. إنها إشارة خطيرة على أننا قد نفقد الصلة تمامًا مع الجمهور. نحن في وضع حرج للغاية".

من جانبها، أيدت وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية تصريحات ماكي، وقال متحدث باسم الوزارة: "الوضع المالي الصعب الذي أشار إليه الرئيس التنفيذي يعكس التحديات التي ورثناها. وقد أكد رئيس الوزراء ووزير الخارجية ضرورة أن تراجع الهيئة آليات عملها لضمان تقديم قيمة حقيقية لأموال دافعي الضرائب".

وكان وزير الصحة، ويس ستريتنج، قد انتقد في يناير الماضي ما وصفه بـ"ثقافة الإنفاق المفرط من دون محاسبة" داخل الهيئة، مؤكدًا أن على المؤسسة "أن تتعلم العمل ضمن حدود إمكانياتها".

كما شدد ماكي، في أول ظهور علني له منذ توليه منصبه، على ضرورة معالجة التفاوت "غير المقبول تمامًا" في جودة الرعاية التي يتلقاها المرضى في أنحاء البلاد، مشيرًا إلى أن هذا التفاوت يقوّض مبدأ العدالة الذي تأسست عليه هيئة الخدمات الصحية الوطنية.

السابق ستارمر يتعهد بالقضاء على "أسطول الظل" الروسي عبر موجة جديدة من العقوبات
التالي غسل أموال حرفيًا: ملايين الجنيهات في علب مسحوق الغسيل!