عرب لندن
دعت مفوضة حقوق الطفل في إنجلترا إلى حظر التطبيقات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لإنتاج صور جنسية مزيفة للأطفال، مؤكدةً أنه "لا يوجد سبب وجيه لوجود هذه التطبيقات".
وبحسب ما أوردته صحيفة "الغارديان" The Guardian حذرت السيدة راشيل دي سوزا من خطورة هذه التطبيقات التي تثير قلقًا متزايدًا بين الفتيات المراهقات، خوفًا من استغلالهن كضحايا لتقنيات التزييف العميق. وأشار تقرير المفوضة، المستند إلى شهادات الأطفال، إلى أن عددًا من الفتيات توقفن عن نشر صورهن على مواقع التواصل الاجتماعي خشية التلاعب الرقمي بمظهرهن عبر هذه الأدوات. وعلى الرغم من أن إنشاء أو تداول صور جنسية للأطفال يُعد جريمة قانونية، فإن التكنولوجيا التي تتيح إنتاج هذه الصور لا تزال قانونية، وفقًا لما جاء في التقرير.
وقالت دي سوزا: "أخبرني الأطفال أنهم يخشون مجرد وجود هذه التقنية، ناهيك عن استخدامها. إنهم يخشون من أن يستخدم شخص غريب، أو حتى زميل دراسة أو صديق، هاتفًا ذكيًا لإنتاج صور عارية لهم باستخدام هذه التطبيقات". وأضافت: "لا مكان لمثل هذه التطبيقات في مجتمعنا، ويجب أن تُحظر فورًا. يجب ألا تكون أدوات التزييف العميق لإنشاء صور عارية للأطفال قانونية، وأدعو الحكومة لاتخاذ إجراءات حاسمة ضدها".
وطالبت دي سوزا الحكومة بتقديم مشروع قانون خاص بالذكاء الاصطناعي، يلزم مطوري أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي (GenAI) بمعالجة المخاطر المرتبطة بمنتجاتهم، بالإضافة إلى إنشاء آليات فعالة لإزالة الصور الجنسية الصريحة للأطفال. كما اقترحت تصنيف الاعتداء الجنسي بالتزييف العميق كنوع من العنف ضد النساء والفتيات. ودعا التقرير في هذا السياق هيئة الاتصالات (Ofcom) إلى تطبيق إجراءات صارمة للتحقق من العمر على تطبيقات التعري، ومنع الترويج لمحتوى جنسي مزيف للأطفال على منصات التواصل الاجتماعي، تماشيًا مع قانون السلامة على الإنترنت.
واستشهد التقرير باستطلاع أجرته منظمة Girlguiding عام 2025، أظهر أن 26% من المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و18 عامًا شاهدوا صورًا جنسية مزيفة إما لشخصيات مشهورة أو لأشخاص يعرفونهم أو لأنفسهم.
وأشار التقرير إلى أن العديد من تطبيقات الذكاء الاصطناعي تستهدف أجساد النساء تحديدًا، مما يعزز ثقافة كراهية النساء. وقالت فتاة تبلغ من العمر 18 عامًا للمفوضة: "روايات شخصيات مثل أندرو تيت، المدعومة بصناعة إباحية عنيفة، تُروج لاستخدام الذكاء الاصطناعي كأداة للضغط على الآخرين لممارسة علاقات جنسية".
وسلط التقرير الضوء على العلاقة بين التعرض لإساءة استخدام تقنية التزييف العميق وبين التفكير بالانتحار واضطرابات ما بعد الصدمة، مستشهدًا بحالة ميا جانين، التي انتحرت في مارس 2021.
وأضافت دي سوزا في تقريرها أن هذه التكنولوجيا تعرض الأطفال لمفاهيم معقدة لا يستطيعون استيعابها بعد، وتتطور بسرعة هائلة، مما يصعب على الأطفال والآباء فهم مخاطرها الحقيقية.
وفي هذا السياق، أوضح محامون للغارديان أن هناك تزايدًا في حالات اعتقال المراهقين بتهم جرائم جنسية بسبب استخدامهم غير الواعي لهذه التقنيات، مثل تجربة برامج التزييف العميق أو تبادل الصور عبر مجموعات واتساب أو البحث عن صور إباحية لأطفال في أعمارهم.
وقالت دانييل ريس-جرينهالغ، الشريكة في شركة كوركر بينينج للمحاماة والمتخصصة في قضايا الجرائم الجنسية، إن تطور تقنية التزييف العميق السريع يشكل تحديًا كبيرًا أمام أجهزة إنفاذ القانون. وأضافت أن حظر التطبيقات قد يثير جدلًا حول حرية الإنترنت، وقد يكون له تأثير غير متناسب على الشباب الذين يستخدمون هذه التكنولوجيا دون وعي بالعواقب القانونية.
وأشارت إلى أن نظام العدالة الجنائية يحاول تجنب تجريم السلوكيات المراهقة التقليدية، إلا أن الاعتقالات قد تكون صادمة للشباب، وتترك آثارًا طويلة المدى مثل القيود على السفر أو الإلزام بفحوصات أمنية مشددة.
من جانبه، قال مات هاردكاسل، الشريك في كينغسلي نابلي للمحاماة، إن هناك خطرًا متزايدًا يواجه الأطفال على الإنترنت، يتمثل في سهولة وصولهم إلى محتوى جنسي وعنيف، موضحًا أن العديد من الآباء لا يدركون مدى سهولة تعرض أطفالهم لهذه التطبيقات والمخاطر المترتبة عليها.