عرب لندن

أطلقت وزارة الداخلية البريطانية حملة جديدة لحثّ مُلّاك العقارات على توفير مساكن لطالبي اللجوء، بالتزامن مع الارتفاع الملحوظ في أعداد المهاجرين العابرين للقناة الإنجليزية.

وتُقدم شركة سيركو، وهي إحدى ثلاث شركات مقاولات خاصة متعاقدة مع الوزارة، عروض إيجار مضمونة لمدة خمس سنوات لمُلاك العقارات، بتمويل من أموال دافعي الضرائب. وتفخر الشركة في منشوراتها الدعائية بإيواء أكثر من 30 ألف طالب لجوء ضمن محفظة تضم أكثر من 7000 عقار في توسع مستمر.

ووفقاً لموقع "التلغراف" Telegraph، جاء إطلاق هذه الحملة عقب تسجيل رقم قياسي جديد في عدد المهاجرين الوافدين يوميًا عبر القوارب الصغيرة في وقت سابق من الشهر الجاري، وسط توقعات بارتفاع إضافي مع تحسن الطقس الأسبوع المقبل وارتفاع درجات الحرارة إلى 27 درجة مئوية.

وتتزايد التوترات السياسية مع تفاقم أزمة الإسكان، حيث تعهد أحد مرشحي حزب العمال بإغلاق فندق محلي للاجئين قبيل الانتخابات المحلية وانتخابات رونكورن الفرعية المقبلة. واتُهم الحزب بأنه يمنح المهاجرين "عروضًا أفضل" من البريطانيين الذين عاشوا وعملوا ودفعوا الضرائب طوال حياتهم.

ودعت سيركو مُلّاك العقارات إلى حضور فعالية ستقام الشهر المقبل في فندق أربع نجوم في مالفرن هيلز لاستقطاب ملاك ومستثمرين ووكلاء عقارات في شمال غرب إنجلترا وميدلاندز وشرقها، لتأجير عقاراتهم لأكثر من خمس سنوات. وتعد الشركة بدفع الإيجار شهريًا دون تأخير، وتوفير خدمات الصيانة، وإدارة العقارات مجانًا، وتحمل تكاليف المرافق وضريبة المجلس.

ويُعد توفير السكن الخاص لطالبي اللجوء أوفر من الفنادق، حيث تبلغ التكلفة اليومية 14 جنيهًا إسترلينيًا مقارنة بنحو 145 جنيهًا للإقامة الفندقية.

وكان حزب المحافظين قد بدأ استخدام مساكن القطاع الخاص لطالبي اللجوء منذ أكثر من عشر سنوات. ومع تصاعد أعداد المهاجرين، وسعي الحكومة إلى إنهاء الاعتماد على الفنادق، يواصل حزب العمال توسيع هذا النظام.

وخلال حملته الانتخابية، تعهد زعيم حزب العمال، السير كير ستارمر، بإنهاء استخدام الفنادق لطالبي اللجوء، مما يوفر مليارات الجنيهات على دافعي الضرائب. ومع ذلك، تُظهر بيانات وزارة الداخلية أن نحو 38 ألف طالب لجوء كانوا يقيمون في الفنادق حتى ديسمبر الماضي، بتكلفة يومية بلغت 5.5 مليون جنيه إسترليني، بزيادة عن يونيو الماضي.

وسجلت وزارة الداخلية عبور 9,638 مهاجرًا القناة الإنجليزية هذا العام، بزيادة بنسبة 44.5% مقارنة بالعام الماضي، وهو أعلى رقم منذ بداية عبور القوارب الصغيرة عام 2018.

وأفادت الوزارة بأن شركات المقاولات مسؤولة عن إيواء نحو 65,700 طالب لجوء، وهو أعلى رقم منذ عشر سنوات. وتستهدف الحملة الجديدة ملاك وحدات الإسكان المشترك (HMOs)، والعقارات العائلية، ودور الرعاية ومساكن الطلاب السابقة.

وتقدّر الوزارة وجود نحو 16 ألف وحدة سكنية مؤقتة تُديرها شركات المقاولات الثلاث: ميرز، وكليرسبرينغز، وسيركو. وتثير هذه السياسة قلقًا واسعًا، مع وجود 1.3 مليون شخص على قوائم انتظار السكن الاجتماعي وسط أزمة نقص حاد في المساكن بأسعار مناسبة.

وقالت وزيرة المالية في حكومة الظل، راشيل ريفز، إن إنفاق 4.6 مليار جنيه إضافية على الفنادق ساهم في زيادة عجز الميزانية إلى 22 مليار جنيه، محملةً المحافظين المسؤولية.

في المقابل، تعهدت الحكومة الحالية بتقليص الاعتماد على الفنادق، وتسريع عملية اتخاذ القرارات المتعلقة باللجوء، وترحيل أكثر من 24 ألف شخص لا يحق لهم البقاء في المملكة المتحدة، في أسرع معدل منذ ثماني سنوات.

وقال متحدث باسم وزارة الداخلية: "لدينا واجب قانوني بدعم طالبي اللجوء المحتاجين، ونواصل تقليل الاعتماد على الإقامة الفندقية لصالح حلول أكثر كفاءة وأقل تكلفة لدافعي الضرائب".

غير أن كريس فيلب، وزير الداخلية في حكومة الظل، اتهم الحكومة بالتقاعس، قائلًا إن منح شروط إيجار سخية عبر شركة سيركو يمثل "إخفاقًا مخزيًا"، مؤكدًا أن على الحكومة ترحيل المهاجرين غير الشرعيين بدلًا من توفير مساكن فاخرة لهم.

ورد مصدر من حزب العمال بأن هذه السياسة معمول بها منذ عام 1999، بما في ذلك أثناء فترة فيلب نفسه في وزارة الداخلية، مضيفًا أن المحافظين ورثوا نظامًا معطلًا فاقم الاعتماد على الفنادق بدلًا من إصلاحه.

وحذر مسؤولون محليون وجمعيات خيرية من أن استخدام العقارات الخاصة لطالبي اللجوء يؤدي إلى رفع أسعار الإيجار وإقصاء السكان المحليين من سوق السكن. وقال أحد قادة المجالس: "تشجع شركة سيركو مُلّاك العقارات على استغلال أموال دافعي الضرائب، مما يزيد العبء على الخدمات المحلية ويهدد التماسك الاجتماعي".

وأفادت صحيفة "ذا صن" أن إحدى شركات الفنادق حققت أرباحًا سنوية بلغت 700 مليون جنيه من استضافة طالبي اللجوء.

وقال إنفر سولومون، الرئيس التنفيذي لمجلس اللاجئين: "نحتاج إلى إصلاح جذري لنظام إيواء اللاجئين عبر شراكات موثوقة مع السلطات المحلية بدلًا من الاعتماد على مقاولين من القطاع الخاص".

ورفضت شركة سيركو التعليق، بينما أكدت وزارة الداخلية إلغاء فعالية مالفرن هيلز عقب اتصال صحيفة التلغراف بها.

السابق بريطانيا تحظر لوحات أرقام سيارات تمجّد بريكست والهولوكوست والمخدرات
التالي بريطانيا ترفع سقف الغرامات على شركات التكنولوجيا التي تسمح بمرور محتوى جرائم السكاكين