بريطانيا تدرس تقييد استغلال المهاجرين غير الشرعيين لاتفاقيات حقوق الإنسان
عرب لندن
تبحث الحكومة البريطانية فرض قيود على استغلال المهاجرين غير الشرعيين للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان (ECHR) لتعطيل عمليات ترحيلهم، في خطوة تهدف إلى تشديد تطبيق القوانين المتعلقة بالهجرة.
وبدأت وزيرة الداخلية، إيفيت كوبر، بمراجعة كيفية تطبيق المادة 8 من الاتفاقية، التي تضمن الحق في الحياة الأسرية، في محاكم الهجرة، لضمان تفسيرها بطريقة "معقولة" و"متناسبة".
كما أوعزت كوبر بإجراء دراسة حول كيفية تطبيق هذه القوانين في دول أوروبية أخرى، مثل الدنمارك، التي يُعتقد أن محاكمها تتخذ نهجًا أكثر صرامة تجاه مثل هذه القضايا.
ومن المتوقع أن يتم الإعلان عن أي تعديلات قانونية أو توجيهات جديدة ناتجة عن هذه المراجعة ضمن ورقة بيضاء حول سياسات الهجرة، والتي ستصدر في الربيع أو أوائل الصيف.
وتأتي هذه الخطوة عقب كشف صحيفة "التلغراف" عن عدة حالات استغل فيها مهاجرون غير شرعيين ومجرمون أجانب المادة 8 للبقاء في المملكة المتحدة أو وقف ترحيلهم.
ومن بين هذه الحالات، كان مجرم ألباني نجا من الترحيل بعد أن زعم أن ابنه يعاني من حساسية تجاه قطع الدجاج المستوردة، ومتحرش باكستاني بالأطفال، سُجن بسبب جرائم جنسية، لكنه تجنب الترحيل بحجة أن ذلك سيكون "قسوة مفرطة" على أطفاله.
وتشير الإحصائيات إلى وجود ما يزيد عن 34 ألف استئناف معلق لقضايا الهجرة، معظمها تستند إلى دعاوى حقوق الإنسان، مما قد يُعيق جهود حكومة حزب العمال في ترحيل المهاجرين غير الشرعيين.
وقد تعهد رئيس الوزراء كير ستارمر، بسد ثغرة قانونية سمحت لعائلة فلسطينية من غزة بالحصول على حق اللجوء في بريطانيا عبر برنامج اللاجئين الأوكرانيين.
كما أفادت "التلغراف" أن كوبر ستستخدم سلطات جديدة لفرض سياسات حازمة كارتداء أساور إلكترونية وحظر تجول وتحديد مناطق محظورة على الأجانب الخطرين الذين تفادوا الترحيل مستغلين قوانين حقوق الإنسان.
كما تقود وزارتها مراجعة حول ما إذا كانت المحاكم البريطانية أكثر صرامة في تفسيرها للمادة 8 مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى أو حتى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان نفسها في ستراسبورغ.
وفي هذا السياق، صرّح توم بالدوين، كاتب سيرة رئيس الوزراء، بأن هذه المراجعة تفتح الباب أمام إمكانية إصدار توجيهات جديدة أو تمرير تشريعات لمنع استغلال الاتفاقية الأوروبية من قبل “صناعة المحاماة المختصة بحقوق الإنسان”.
وعند سؤاله عن هذه الخطوة، أكد المتحدث باسم ستارمر أن “"لقوانين تُسن في البرلمان وليس في المحاكم"، مشيرًا إلى أن وزيرة الداخلية تواصل مراجعة تطبيق المادة 8 وستعلن عن التفاصيل لاحقًا.
وأكدت مصادر حكومية أن الوزراء لا يخططون للانسحاب من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان أو تعطيل القوانين المتعلقة بها، لكنهم قد يعيدون تفسير طريقة تطبيقها.
وصرّح مصدر حكومي: "نحن ندرس بشكل خاص كيفية تطبيق هذه القواعد في دول أخرى. بعض الدول تمكنت من تضييق نطاق استخدامها، ونحن نسعى إلى التأكد من تطبيق الإطار القانوني بطريقة عقلانية ومتناسبة".
وأشار المسؤولون إلى الدنمارك باعتبارها نموذجًا في اتباع سياسة هجرة "محافظة للغاية"، والتي بدأتها الأحزاب اليمينية واستمرت تحت حكم الحزب الديمقراطي الاجتماعي.
وأوضح أحد المراقبين القانونيين أن "الدنمارك تنتهج توازنًا دقيقًا على الحدود الفاصلة بين ما يعد انتهاكًا لحقوق الإنسان وما لا يعد كذلك".
ورغم أن الدنمارك كانت أول دولة تصادق على اتفاقية اللاجئين لعام 1951، فقد واجهت عدة قضايا في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان خلال السنوات الست الماضية.
ومع ذلك، من بين 11 قضية نظرت فيها المحكمة، تم الحكم ضد الدنمارك في ثلاث فقط لانتهاكها المادة 8.
وإلى جانب المراجعات المحلية، تدرس بريطانيا العمل داخل مجلس أوروبا لإصلاح الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، حيث يُعتقد أن الأزمة العالمية للهجرة تدفع المزيد من الدول الأوروبية إلى تبني نهج أكثر تشددًا.