عرب لندن

قال رئيس الوزراء، كير ستارمر، أن أوروبا “عند مفترق طرق تاريخي”، مشددًا على ضرورة التحرك لدعم أوكرانيا من أجل تحقيق سلام دائم في القارة.

وجاء ذلك خلال قمة دفاعية حاسمة في لندن، حيث أكد ستارمر أن المملكة المتحدة وفرنسا ستقودان تحالفا، في محاولة لإنهاء القتال وتأمين ردع فعّال ضد روسيا، بحسب "الغارديان". 

وجاءت القمة التي عُقدت في الأجواء الفخمة لمبنى لانكستر هاوس، جاءت عقب الاجتماع "الكارثي" الذي جمع بين الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، والرئيس الأمريكي، دونالد ترامب في البيت الأبيض، حيث تعرض زيلينسكي لانتقادات حادة أمام الكاميرات من قِبَل ترامب ونائبه جي دي فانس، مما زاد من توتر العلاقات بين كييف وواشنطن.

وخلال الـ48 ساعة التي سبقت القمة، انخرط ستارمر في جهود دبلوماسية مكثفة لإنقاذ موقف أوروبا، ولضمان أن أي خطة لوقف إطلاق النار سيتم تنفيذها بالتعاون مع الولايات المتحدة، التي لا يزال دعمها العسكري يمثل ركيزة أساسية لردع موسكو.

وكشف ستارمر عن صفقة جديدة ضمن حزمة الدعم البريطاني، تتيح لأوكرانيا استخدام 1.6 مليار جنيه إسترليني من التمويل التصديري لشراء أكثر من 5000 صاروخ دفاع جوي، يتم تصنيعها بواسطة شركة "Thales" في بلفاست، وهو ما سيوفر فرص عمل جديدة داخل المملكة المتحدة، تماشيًا مع خطة الحكومة لتحفيز النمو الاقتصادي.

ورغم هذه الجهود، لم ينجح ستارمر في انتزاع التزامات ملموسة بزيادة الدعم العسكري من بقية أعضاء الناتو خلال القمة. لكن رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، تعهدت بطرح خطة "لإعادة تسليح أوروبا" يوم الخميس المقبل، مؤكدة أن الهدف هو تحويل أوكرانيا إلى "كيان فولاذي" عصيٍّ ضد أي غزو محتمل.

وفي تصريحاته لصحيفة "Le Figaro" الفرنسية، كشف الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أنه ناقش مع ستارمر اقتراحًا لوقف إطلاق النار لمدة شهر، يشمل الأجواء والمياه والبنية التحتية للطاقة، بهدف تهدئة التصعيد الروسي، لكن ماكرون أقر بصعوبة فرض هدنة شاملة بسبب امتداد جبهة القتال.

وفي خطوة أخرى، دعا ماكرون إلى مراجعة قواعد الإنفاق المالي في الاتحاد الأوروبي، مشددًا على ضرورة اعتماد “تمويلات ابتكارية” لدعم الإنفاق الدفاعي للدول الأعضاء.

كما أكد ستارمر أن أي اتفاق لوقف إطلاق النار يجب أن يكون مصحوبًا بضمانات أمنية من الولايات المتحدة، حيث شدد مسؤولون بريطانيون على أن كييف بحاجة إلى دعم لوجستي واستخباراتي وجوي مستمر لردع أي انتهاكات روسية مستقبلية.

لكن موقف ترامب لا يزال غامضًا، إذ يواصل رفضه تقديم التزامات عسكرية مباشرة، مقترحًا بدلًا من ذلك “شبكة أمان اقتصادية” تعتمد على استثمارات أمريكية في قطاع المعادن الأوكراني، وهو نهج يرى البعض في الحكومة البريطانية أنه قد يكون كافيًا لتوفير الحماية لكييف.

من جانبه، دعا السفير البريطاني في واشنطن، بيتر ماندلسون، أوكرانيا إلى اتخاذ خطوة جريئة من خلال الالتزام بوقف إطلاق النار أولًا، متحديًا روسيا أن تحذو حذوها.

ومع تراجع الآمال في تحريك الموقف الأمريكي، تحوّلت بريطانيا إلى التركيز على بناء "تحالف الراغبين"، حيث اتفق القادة في القمة على استمرار تدفق الدعم العسكري لأوكرانيا حتى بعد أي اتفاق لوقف إطلاق النار، لضمان قدرة كييف على مواجهة أي هجمات مستقبلية.

وفي خطوة مالية لزيادة الضغط على موسكو، ستوقع وزيرة الخزانة البريطانية، راشيل ريفز، على قرض بقيمة 2.3 مليار جنيه إسترليني يسمح لأوكرانيا بشراء المزيد من الأسلحة، يتم تسديده باستخدام أرباح الأصول الروسية المجمدة والخاضعة للعقوبات. 

كما أعلنت عن تعديل في آلية الصندوق الوطني للثروة بقيمة 27.8 مليار جنيه إسترليني، لتوسيع نطاق استخدامه ليشمل تمويل الدفاع، إلى جانب مشاريع البنية التحتية.

وفي أعقاب القمة، أكدت فون دير لاين أن قادة أوروبا يدركون الحاجة الملحة “لإعادة تسليح القارة”، مضيفة: “يجب أن نستعد للأسوأ، ونزيد من دفاعاتنا”.

وبعد مغادرته القمة، توجّه زيلينسكي للقاء الملك تشارلز في قصر ساندرينغهام، في خطوة فُسّرت في الأوساط السياسية البريطانية على أنها رسالة واضحة لمعادلة لقاء ترامب، الذي تلقى مؤخرًا دعوة رسمية لزيارة رسمية ثانية إلى المملكة المتحدة.

وفي حديث لاحق مع الصحافيين، أعرب زيلينسكي عن أسفه لكون لقائه مع ترامب قد جرى علنًا أمام الكاميرات، قائلًا: “لا أعتقد أن مثل هذه المحادثات يجب أن تكون مفتوحة بالكامل، لأن الخصوم يمكنهم استغلال المعلومات والتوترات الناتجة عنها”.

السابق لندن تتفوق على برشلونة بحرارتها في مارس.. أسبوع مشمس بامتياز!
التالي تحذيرات من انهيار خطة تقليص قوائم الانتظار في (NHS) بسبب خلافات مالية