عرب لندن

حذر تقرير حديث من أن مرضى السرطان في بريطانيا يُحرمون من علاجات متطورة بسبب العقبات البيروقراطية التي تعيق وصول الأدوية الجديدة إلى سوق هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS).

وكشف التقرير، الذي شاركته مجموعة Blood Cancer Alliance مع صحيفة “التلغراف” The Telegraph، أن ما يقرب من 40% من علاجات سرطان الدم التي خضعت للتقييم من قبل المعهد الوطني للتميز في الرعاية الصحية (NICE) خلال السنوات الخمس الماضية تم سحبها، بينما حصل 54% فقط على الموافقة.

وأشار مصنعو الأدوية إلى أن العقبة الأساسية أمام توفير هذه العلاجات في المملكة المتحدة هي معايير فعالية التكلفة الصارمة التي يفرضها NICE، ما دفع الشركات إلى توجيه تركيزها نحو أسواق أخرى مثل فرنسا وألمانيا وكندا، حيث تتوفر هذه الأدوية بالفعل.

ووجد التقرير أن المملكة المتحدة متأخرة عن نظيراتها في تبني علاجات سرطان الدم، حيث تم ترخيص ثلاثة أرباع الأدوية لعلاج أنواع السرطان الأخرى في NHS، بينما لم يُسمح سوى لـ 14% فقط من أدوية سرطان الدم بالوصول إلى المرضى، فيما تم رفض البقية.

وبينما سُحبت بعض الأدوية حتى بعد استخدامها بنجاح في تجارب سريرية ضمن NHS، ظلت متاحة في دول أوروبية أخرى، ما أثار انتقادات واسعة من الخبراء وجمعيات المرضى.

وقالت فيونا هازيل، الرئيسة المشاركة لمجموعة Blood Cancer Alliance:ة"من غير المقبول أن يتمكن المرضى في الاقتصادات المماثلة من الحصول على علاجات مبتكرة بينما يُحرم مرضى NHS في إنجلترا منها."

ومن جانبها، أعربت صوفي كاستيل، الرئيسة المشاركة للمجموعة، عن قلقها من أن القيود التنظيمية تعرقل وصول المرضى إلى العلاجات الحديثة، مما يؤدي إلى تراجع معدلات البقاء على قيد الحياة في المملكة المتحدة مقارنة بالدول الأخرى.

ومن بين الأدوية التي تم سحبها علاج CAR-T "Cilta-Cel"، وهو نهج مبتكر للعلاج المناعي، كان يستخدم في تجارب NHS لعلاج الورم النقوي المتعدد، لكنه لم يحصل على موافقة NICE. ويعد هذا العلاج متاحًا حاليًا في فرنسا وألمانيا.

كما يتوفر في الأسواق الأوروبية عقار Abecma، إلى جانب أربع علاجات مركبة أخرى لعلاج ورم النخاع، بينما لا تزال هذه العلاجات غير متاحة في بريطانيا.

وفي هذا السياق، قال ديفيد ويليامز، أحد المرضى الذين تلقوا علاج CAR-T خلال تجربة سريرية في بريستول:
“كان العلاج بمثابة معجزة، ومن المحزن أن يُحرم منه مرضى آخرون في بريطانيا.”

وطالبت الجمعيات الخيرية والمرضى الحكومة وNHS بإصلاح معايير التقييم واعتماد نهج أكثر مرونة في تسعير العلاجات الحديثة، خاصة مع ارتفاع تكاليف تطوير العلاجات القائمة على الخلايا والجينات.

وأكد روبرت كيتل، مدير التفاوض على الأدوية في NHS England، أن الهيئة لعبت دورًا رائدًا في إتاحة علاجات سرطان الدم، مشيرًا إلى أن أكثر من 20% من هذه العلاجات تم توفيرها بفضل المرونة التجارية لـ NHS.

أما NICE، فقد دافعت عن سياساتها، مؤكدة أنها قدمت أكثر من 100 توصية إيجابية لعلاجات سرطان الدم منذ عام 2001، وأن 90% من قراراتها الأخيرة بشأن هذه العلاجات كانت لصالح المرضى.

ورغم هذه التطمينات، يبقى القلق قائمًا بشأن التأخر في اعتماد العلاجات الجديدة، مما يهدد فرص مرضى سرطان الدم في الوصول إلى أحدث الخيارات العلاجية المنقذة للحياة.

السابق التأخيرات في علاج أمراض العيون تهدد المرضى بفقدان البصر
التالي خفض المساعدات البريطانية قد يتسبب في وفاة مئات الآلاف من الأطفال في الدول الفقيرة