عرب لندن

حذر الخبراء من أن خفض المملكة المتحدة تمويلها لبرنامج اللقاحات قد يؤدي إلى وفاة مئات الآلاف من الأطفال في أفقر دول العالم، نتيجة لخفض المساعدات الخارجية. ووفقًا للبيانات التي جمعها التحالف العالمي للقاحات والتحصين (Gavi)، وهو منظمة كانت المملكة المتحدة من المساهمين الرئيسيين فيها، فإن أي تقليص في تمويل المملكة المتحدة سيؤدي إلى تقليص عدد التطعيمات بملايين، مما يتسبب في أعداد هائلة من الوفيات التي يمكن الوقاية منها.

وذكر موقع صحيفة "الغارديان" Guardian، أن التوقعات التي جمعتها وكالات الإغاثة، استنادًا إلى سجلات Gavi، تكشف عن ضغوط إضافية على الحكومة البريطانية بشأن خططها لتقليص المساعدات الخارجية، في وقت تعتزم فيه تحويل الأموال إلى الإنفاق الدفاعي. جاء ذلك بعد استقالة آنيليز دودز، وزيرة التنمية الدولية، احتجاجًا على هذه السياسة يوم الجمعة.

كما أظهرت التوقعات، التي كانت قائمة قبل التخفيضات الأخيرة، أنه حتى إذا تم الحفاظ على مستوى المساهمة البريطانية في Gavi دون زيادة بنسبة 10% كما كان مأمولًا، فإن ذلك سيؤدي إلى انخفاض عدد الأطفال الذين تم تطعيمهم بمقدار 8 ملايين طفل، مما يتسبب في وفاة حوالي 200,000 طفل.

وتوقعت وكالات الإغاثة هذا الخفض في ميزانية المملكة المتحدة لـ Gavi قبل إعلان يوم الثلاثاء بشأن تقليص المساعدات الخارجية. وفي حال خفضت المملكة المتحدة المساعدات بنسبة 40%، فإن ذلك سيؤدي إلى انخفاض إجمالي حجم المساعدات الخارجية، مما ينذر بوفاة مئات الآلاف من الأطفال الذين كان من الممكن إنقاذهم.

وأشارت وزارة الخارجية البريطانية إلى أنه لن يتم اتخاذ قرار بشأن برامج المساعدات المحددة قبل مراجعة الإنفاق الشهر المقبل، وذكرت تعهد كير ستارمر، زعيم حزب العمل، بدعم جهود التطعيم والإغاثة في مناطق مثل السودان وغزة. ومع ذلك، فإن المسؤولين عن المساعدات يستعدون لتخفيضات كبيرة في ميزانية المساعدات.

ويُتوقع أن ينخفض الإنفاق على المساعدات من 0.5% من إجمالي الناتج المحلي إلى 0.3% بحلول عام 2027، وهو ما قد يقلص المبلغ المخصص للإنفاق الخارجي إلى 0.23% فقط، وهي أدنى نسبة منذ بدء التسجيل. هذا التراجع يأتي في وقت حساس، بعد أن قام الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بإغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، مما أوقف العديد من البرامج الخاصة باللقاحات.

وعلى مدار السنوات الأربع الماضية، قدمت المملكة المتحدة أكثر من 2 مليار جنيه إسترليني إلى Gavi، حيث كانت من أبرز المساهمين جنبًا إلى جنب مع الولايات المتحدة ومؤسسة بيل وميليندا جيتس.

وتشير إحصائيات Gavi إلى أن المنظمة قامت بتطعيم أكثر من 1.1 مليار طفل في 78 دولة خلال 25 عامًا، مما أسهم في منع ما يقارب 18 مليون حالة وفاة. وقال أحد مسؤولي وكالات الإغاثة: "إن خفض التمويل البريطاني لـ Gavi سيكون سهلًا من الناحية المالية، ولكنه سيكون كارثيًا. سيؤدي إلى وفاة عدد كبير من الأرواح ولا يمكننا تجنب هذا الواقع."

ومن جانبها، أعربت Gavi عن قلقها بشأن هذا الخفض المحتمل، وأكدت أن تقليص التمويل سيؤدي إلى تراجع سنوات من التقدم المحرز، مما يجعل العالم أقل أمانًا في مواجهة الطوارئ الصحية المستقبلية.

كما حذر المجلس البريطاني من أنه قد يواجه تخفيضات محتملة في ميزانيته بقيمة 250 مليون جنيه إسترليني، مما قد يؤدي إلى تقليص وجوده في ما يصل إلى 40 دولة. في هذا السياق، شدد سكوت ماكدونالد، الرئيس التنفيذي للمجلس، على ضرورة الحفاظ على أهمية القوة الناعمة لبريطانيا، التي تساهم في بناء التحالفات والتأثير العالمي، وذلك لضمان تأثير طويل الأمد في مجالات مثل محو الأمية الإعلامية ومكافحة التضليل.

وأضاف ماكدونالد: "من الأهمية بمكان أن يتم تنفيذ تخفيضات ميزانية المساعدات بطريقة لا تؤثر سلبًا على سمعة المملكة المتحدة وقوتها الناعمة".

السابق عقبات بيروقراطية في NHS تحرم مرضى السرطان من علاجات منقذة للحياة
التالي المملكة المتحدة تواجه موجة ثانية من نوروفيروس: زيادة 150% في حالات المستشفيات