آبل تلغي أقوى ميزاتها الأمنية في بريطانيا بسبب ضغوط حكومية
عرب لندن
اتخذت شركة آبل خطوة غير مسبوقة بإزالة أداتها الأمنية الأعلى مستوى من مستخدميها في المملكة المتحدة، بعدما طالبت الحكومة بالحصول على حق الوصول إلى بيانات المستخدمين بحسب ما ورد في موقع هيئة الإذاعة البريطانية “البي بي سي” BBC.
وكانت ميزة الحماية المتقدمة للبيانات (ADP) تتيح لمستخدمي آبل فقط إمكانية الوصول إلى محتوياتهم المخزنة على iCloud، مثل الصور والمستندات، عبر تقنية التشفير من طرف إلى طرف،بحيث لا يمكن لأي جهة حتى Apple نفسها فك تشفيرها.
لكن في وقت سابق من هذا الشهر، طلبت الحكومة البريطانية صلاحية الاطلاع على تلك البيانات، مما دفع آبل إلى اتخاذ قرار بإيقاف القدرة على تفعيل ADP في المملكة المتحدة، ما يعني أن بيانات المستخدمين لن تكون محمية بالكامل بالتشفير المتقدم.
وسيظل جزء من بيانات مستخدمي iCloud في المملكة المتحدة مشفرًا باستخدام التشفير القياسي، وهو ما يسمح لشركة آبل بالوصول إليه وتقديمه للسلطات عند الطلب بموجب أمر قضائي.
وفي بيان لها، أعربت آبل عن "خيبة أملها العميقة" جراء هذه الخطوة، مؤكدة أنها "لم ولن تنشئ بابًا خلفيًا أو مفتاحًا رئيسيًا للوصول إلى بيانات المستخدمين".
كما رفضت وزارة الداخلية البريطانية التعليق على الأمر، قائلة: "نحن لا نعلق على المسائل التشغيلية، بما في ذلك تأكيد أو نفي وجود أي أوامر بهذا الخصوص".
هذا وتُعد خدمة الحماية المتقدمة للبيانات (ADP) ميزة اختيارية، حيث يتعين على المستخدمين تفعيلها يدويًا للحصول على مستوى الحماية الإضافي. ومنذ الساعة 15:00 بتوقيت غرينتش يوم الجمعة، بدأ المستخدمون في المملكة المتحدة بمواجهة رسائل خطأ عند محاولة تشغيلها.
أما المستخدمون الحاليون لهذه الميزة، فسيتم إيقافها لديهم في وقت لاحق، لكن لم يُحدد بعد متى سيتم ذلك. ولم يتم الكشف عن عدد مستخدمي ADP في المملكة المتحدة منذ إطلاقها في ديسمبر 2022.
البروفيسور آلان وودوارد، الخبير في الأمن السيبراني بجامعة سري، وصف هذه الخطوة بأنها "تطور مخيب للآمال للغاية"، مشيرًا إلى أنها "تمثل ضررًا ذاتيًا من قبل الحكومة البريطانية".
وأضاف: "كل ما حققته الحكومة هو إضعاف أمن وخصوصية المستخدمين في المملكة المتحدة"، معتبرًا أنه "من السذاجة الاعتقاد بأن بإمكان الحكومة إجبار شركة تقنية أمريكية على تغيير سياساتها عالميًا".
وجاء الطلب البريطاني بموجب قانون صلاحيات التحقيق (IPA)، الذي يمنح السلطات الحق في إجبار الشركات على تقديم بيانات المستخدمين لإنفاذ القانون.
ورغم امتناع آبل ووزارة الداخلية عن التعليق على الإجراء، إلا أن مصادر متعددة أكدت الأمر لصحيفتي BBC و واشنطن بوست، مما أثار انتقادات واسعة من قبل المدافعين عن الخصوصية الذين وصفوه بأنه "هجوم غير مسبوق على بيانات الأفراد".
كما أعرب مسؤولان أمريكيان رفيعا المستوى عن قلقهما، معتبرين أن القرار يشكل تهديدًا للأمن القومي الأمريكي، ودعيا الحكومة الأمريكية إلى إعادة النظر في اتفاقيات تبادل المعلومات الاستخباراتية مع المملكة المتحدة ما لم يتم التراجع عنه.
ولم يتضح بعد ما إذا كان قرار آبل سيعالج هذه المخاوف بالكامل، إذ إن الأمر البريطاني بموجب IPA يسري عالميًا، بينما ستواصل ADP العمل في دول أخرى.
وفي بيان لها، شددت آبل على أهمية التشفير المتقدم قائلة: "تعزيز أمن التخزين السحابي عبر التشفير من طرف إلى طرف بات أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى".
وأضافت: "آبل تظل ملتزمة بتقديم أعلى مستويات الأمان لبيانات مستخدمينا، ونأمل أن نتمكن من استعادة هذه الميزة مستقبلًا في المملكة المتحدة".
ويأتي هذا الخلاف وسط تزايد الضغوط الأمريكية لمواجهة اللوائح التنظيمية التي تفرضها بعض الحكومات الأجنبية على شركات التكنولوجيا.
وفي خطاب له خلال قمة AI Action Summit في باريس أوائل فبراير، أعرب نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس عن قلق بلاده حيال مثل هذه الإجراءات، قائلًا:
"إن إدارة ترامب قلقة بشأن تقارير تفيد بأن بعض الحكومات الأجنبية تسعى إلى فرض قيود مشددة على شركات التكنولوجيا الأمريكية التي تعمل عالميًا".