عرب لندن 

تعاني الجامعات البريطانية من أزمة مالية حادة أدت إلى تقليص الميزانيات والاستغناء عن عدد كبير من الموظفين، حيث أعلنت واحدة من كل أربع جامعات رائدة عن خطط لتسريح أعداد كبيرة من العاملين، ما قد يؤدي إلى فقدان نحو 10 آلاف وظيفة. وأثار هذا الوضع مخاوف بشأن مستقبل التعليم العالي في بريطانيا ومكانته عالميًا، وسط مطالبات عاجلة بالتدخل لإنقاذ القطاع.

وحسب ما ذكرته صحيفة الغارديان "The Guardian" في الأسبوع الماضي، كشفت أربع جامعات، من بينها اثنتان من مجموعة "راسل" البحثية المرموقة، عن خطط لتسريح 1,000 موظف بسبب العجز المالي. وتخضع نحو 90 جامعة حاليًا لإعادة هيكلة تشمل برامج تسريح طوعي وإجباري، في محاولة لخفض التكاليف.

من بين الإجراءات المثيرة للجدل، أعلنت جامعة كارديف عن تقليص برامج التمريض المصنفة ضمن الأفضل في المملكة المتحدة، إلى جانب تخفيض وظائف في تخصصات العلوم الإنسانية. ويشير محللون إلى أن "الضغوط المالية تطال جميع الجامعات، سواء المرموقة أو غيرها"، مما يعكس خطورة الأزمة على مستقبل التعليم العالي. 

وحذرت الكلية الملكية للتمريض "RCN" من أن هذه الأزمة قد تؤدي إلى انهيار برامج التمريض الجامعية، حيث أفاد معظم محاضري التمريض بتجميد التوظيف أو فقدان وظائفهم، رغم وجود أكثر من 40 ألف وظيفة شاغرة في القطاع الصحي.

وأكدت هيلين وايلي، المديرة التنفيذية لـ RCN في ويلز: “مدرسة التمريض في جامعة كارديف تُخرج ممرضين أكفاء يسهمون في النظام الصحي المحلي. أي تخفيض في هذه البرامج سيؤثر بشكل خطير على عدد الممرضين الجدد، مما يزيد من أزمة نقص الكوادر في NHS والرعاية الصحية.”

مع استمرار الضغوط المالية، تتزايد المخاوف بشأن قدرة الجامعات البريطانية على الحفاظ على جودة التعليم والبحث العلمي، في وقت تواجه فيه تحديات غير مسبوقة قد تعيد تشكيل مستقبلها بالكامل.

وحذرت مؤسسات بحثية بارزة، مثل صندوق "ويلكوم تراست" والجمعية الملكية للكيمياء، من أن تخفيض ميزانيات الجامعات قد يهدد مكانة المملكة المتحدة كقوة علمية عالمية.

وسجلت برامج الكيمياء الجامعية تراجعًا في أعداد الطلاب المسجلين بأكثر من 25٪ منذ عام 2019. وأعلنت جامعة هال أن الطلب على برنامجها في الكيمياء أصبح غير كافٍ لاستمراره، رغم تصنيفها القوي في جداول الترتيب الأكاديمي.

ودعت نقابة الجامعات والكليات (UCU) الحكومة إلى التدخل العاجل لمنع إدارات الجامعات من اتخاذ قرارات قد تؤثر على حياة الموظفين وجودة التعليم.

وحذرت جو جرادي، الأمينة العامة للنقابة، قائلة: “إذا لم يتراجع نواب رؤساء الجامعات عن هذه القرارات، ويتعاونوا معنا لحماية الوظائف، فإن وقوع اضطرابات صناعية واسعة النطاق سيكون أمرًا لا مفر منه.”

وبدأت الأزمة تتفاقم منذ أن جمدت الحكومة البريطانية رسوم الدراسة الجامعية عند 9,250 جنيهًا إسترلينيًا سنويًا منذ عام 2017، مما أدى إلى تآكل ميزانيات الجامعات مع ارتفاع معدلات التضخم. كما شهدت الجامعات التي تعتمد على الطلاب الدوليين انخفاضًا كبيرًا في أعدادهم بعد تغييرات التأشيرات الأخيرة، مما زاد من الضغوط المالية.

ورغم إعلان وزيرة التعليم بريدجيت فيليبسون عن رفع الرسوم إلى 9,535 جنيهًا إسترلينيًا اعتبارًا من سبتمبر المقبل، تتوقع هيئة تنظيم التعليم العالي في إنجلترا أن يواجه القطاع عجزًا ماليًا قدره 1.6 مليار جنيه إسترليني بحلول عام 2025-2026، حتى بعد هذه الزيادة.

ولا تقتصر تداعيات الأزمة على إنجلترا، إذ تواجه جامعات في ويلز واسكتلندا وأيرلندا الشمالية تحديات مماثلة. وتشمل المؤسسات المتأثرة جامعات كوينز بلفاست، أبيريستويث، جلاسكو، وأبردين، التي بدأت بالفعل في تنفيذ تدابير تقشفية.

وأكد البروفيسور روبرت فان دي نورت، نائب رئيس جامعة ريدينج، أن إعادة هيكلة قطاع التعليم العالي أصبحت "حتمية"، لكنه شدد على أهمية الاستثمار في الابتكار والبحث كوسيلة للتكيف مع الظروف الراهنة. وأشار إلى أن جامعته أطلقت منحًا دراسية جديدة في مجال الاستدامة بهدف جذب قادة المستقبل.





























 

السابق اكتشاف عملتين نادرتين بمناسبة البريكست تساويان أكثر من 40 ألف جنيه إسترليني!
التالي ضربة جديدة لراشيل ريفز مع إلغاء أسترازينيكا استثمارًا بقيمة 450 مليون جنيه إسترليني