بقلم المستشار القانوني علي القدومي 

في السنوات الأخيرة، أدخلت المملكة المتحدة تغييرات كبيرة على سياسات الهجرة، خاصة تحت قيادة حكومة حزب العمال. كان من بين هذه التغييرات البارزة تعليق تأشيرة الإذن الإلكتروني بالسفر (ETA) للمواطنين الأردنيين، وهو ما أثر بشكل كبير على الجالية الأردنية ورجال الأعمال. كانت ETA تُعد أداة رئيسية لتسهيل دخول الأردنيين إلى المملكة المتحدة لفترات قصيرة لأغراض متعددة، ولكن تم تعليقها بسبب إساءة الاستخدام، وفقًا لبيان وزارة الداخلية. هذا القرار أثر على العديد من العائلات الأردنية المقيمة في المملكة المتحدة وأقاربهم في الأردن.

ما هي تأشيرة ETA؟

تُعتبر ETA تأشيرة إلكترونية مخصصة للزيارات القصيرة تصل إلى ستة أشهر، دون الحاجة للإجراءات التقليدية المعقدة. كانت هذه التأشيرة مثالية للزيارات العائلية والسياحية وحتى التجارية، حيث كان التقديم عليها يتم عبر الإنترنت، مع رسوم منخفضة تبلغ 10 جنيهات إسترلينية فقط.

تعليق ETA للأردنيين وتأثيره

أعلنت وزارة الداخلية البريطانية تعليق تأشيرة ETA للمواطنين الأردنيين بعد تقارير عن إساءة استخدامها من قبل بعض المسافرين الذين استخدموها للإقامة غير القانونية أو للعمل دون تصريح. هذا القرار أثر بشكل خاص على العائلات الأردنية في المملكة المتحدة والأردن، حيث كانت ETA توفر وسيلة مريحة وسريعة للأقارب لزيارة بعضهم البعض، وهو أمر أصبح الآن أكثر تعقيدًا وتكلفة بسبب التقديم عبر النظام التقليدي.

تأثير تعليق ETA على العائلات ورجال الأعمال

تعليق ETA لم يضر فقط العائلات التي كانت تعتمد على التأشيرة للزيارات المتكررة، ولكنه أثر أيضًا على رجال الأعمال الأردنيين الذين اعتادوا السفر السريع لإتمام الصفقات والاجتماعات التجارية. مع تعليق ETA، أصبح من الصعب إدارة الأعمال التجارية بسبب التكاليف والوقت الذي تتطلبه التأشيرات التقليدية.

العائلات الأردنية في المملكة المتحدة وأقاربهم في الأردن تأثروا بشكل كبير، حيث أصبحت عملية زيارة العائلات أكثر تعقيدًا. الانتقال إلى النظام التقليدي للتأشيرات يفرض وقتًا أطول وكلفة أكبر، مما جعل الزيارات الأسرية قصيرة الأمد أكثر صعوبة.

التغييرات الأوسع في سياسات الهجرة تحت حكومة حزب العمال

في الآونة الأخيرة، أدخلت المملكة المتحدة تغييرات كبيرة على سياسات الهجرة بهدف تقليل أعداد المهاجرين، خاصة فيما يتعلق بتأشيرات العمل والدراسة. تتبنى الحكومة الحالية نهجًا صارمًا يركز على تعزيز القوى العاملة المحلية وتقليص الاعتماد على العمالة الأجنبية، خاصة في القطاعات التي كانت تعتمد سابقًا على المهاجرين.

أحد التغييرات الرئيسية التي تم إدخالها هو رفع الحد الأدنى للرواتب المطلوبة للحصول على تأشيرة العمالة الماهرة إلى 38,700 جنيه إسترليني، بزيادة تبلغ 48% مقارنة بالمعدل السابق. يهدف هذا الإجراء إلى ضمان أن الشركات التي توظف العمال الأجانب تدفع لهم أجوراً تتناسب مع الأجور المحلية. كما ألغت الحكومة الخصومات التي كانت متاحة لأصحاب العمل عند توظيف العمال الأجانب في بعض المهن التي تعاني من نقص في الأيدي العاملة، وذلك لضمان عدم الاستغلال.

كما تضمنت السياسات الجديدة قيودًا صارمة على تأشيرات الطلاب، حيث تم منع معظم الطلاب الدوليين من إحضار أفراد عائلاتهم إلى المملكة المتحدة. وشهدت هذه التغييرات انخفاضًا بنسبة 80% في عدد طلبات تأشيرات الطلاب في بداية عام 2024. كما تراقب الحكومة بعناية تأشيرات الخريجين، التي تسمح للطلاب بالبقاء في المملكة المتحدة بعد انتهاء دراستهم للعمل، وتعمل على منع استغلال هذا المسار كطريق "خلفي" للعمل في البلاد.

تدابير لتعزيز الامتثال للقوانين

تعمل الحكومة على تعزيز الامتثال لقوانين الهجرة من قبل أصحاب العمل من خلال فرض عقوبات أكثر صرامة على الشركات التي تستغل العمال الأجانب أو تنتهك قوانين العمل. تهدف هذه التدابير إلى حماية حقوق العمال المهاجرين وضمان دفعهم أجورًا عادلة وعدم تقويض فرص العمل للعمال البريطانيين.

تأثير السياسات على الاقتصاد

بينما تسعى هذه التغييرات إلى تقليل الهجرة بشكل عام، لا يزال هناك بعض التحديات التي تواجه الاقتصاد البريطاني في ظل هذه القيود، خاصة في القطاعات التي تعاني من نقص حاد في العمالة مثل قطاع الرعاية الصحية وتكنولوجيا المعلومات. وقد بدأت بعض الجهات بالتحذير من أن هذه السياسات قد تؤدي إلى نقص في العمالة في بعض الصناعات الحيوية، رغم أنها تهدف إلى تحفيز الشركات على تدريب العمال المحليين وتوظيفهم.

جهود إعادة تفعيل ETA

في ظل هذه التحديات، هناك جهود مستمرة من قبل الجالية الأردنية والمنظمات المختلفة للضغط على الحكومة لإعادة النظر في تعليق ETA. يقوم المنتدى الأردني في المملكة المتحدة بحملات مكثفة لإعادة تفعيل هذه التأشيرة، مشيرًا إلى التأثير السلبي الكبير على العائلات ورجال الأعمال. نتيجة لهذه الجهود، هناك تفاؤل بأن يتم إعادة النظر في القرار قريبًا، مما سيساعد في تسهيل دخول الأردنيين إلى المملكة المتحدة مجددًا.

التوقعات المستقبلية

تتوقع بعض الجهات أن يتم إعادة تفعيل ETA في المستقبل القريب نتيجة لجهود المنتدى الأردني في المملكة المتحدة الذي يقوم بحملات مكثفة لإعادة النظر في القرار. هذه الجهود قد تساعد في تسهيل دخول الأردنيين إلى المملكة المتحدة مجددًا، مما سيخفف من الأعباء المفروضة على العائلات ورجال الأعمال.

الخلاصة

تعليق تأشيرة ETA تحت سياسات الهجرة الجديدة لحكومة حزب العمال أثّر بشكل كبير على العائلات الأردنية ورجال الأعمال. ومع ذلك، هناك جهود مستمرة لإعادة تفعيل هذه التأشيرة، والتي كانت توفر وسيلة مريحة وسريعة للزيارات القصيرة إلى المملكة المتحدة. في حال إعادة تفعيلها، يمكن أن تعود لتسهيل حياة الكثير من الأفراد وتخفف من التحديات الناتجة عن الأنظمة الجديدة للتأشيرات.
 

السابق لماذا يلتزم الغرب ومعظم العالم الصمت حيال الإبادة الجماعية في غزة؟
التالي لماذا ألغت الحكومة البريطانية الفيزا الإلكترونية للأردنيين؟