كما قدم السفير إحاطة شاملة عن مجمل المبادرات السياسية والجهود الدبلوماسية والقانونية على المستوى الإقليمي والدولي الرامية للتوصل لاتفاق بين حركة حماس وحكومة نتنياهو، بما يضمن وقف الأعمال العسكرية وإطلاق النار بشكل دائم وشامل من جهة، وإنهاء الاحتلال ونظام الفصل العنصري الإسرائيلي، والاعتراف بالدولة الفلسطينية وشرعيتها على حدود 5 حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية من جهة ثانية.
واستهل السفير حديثه بالقول: "نحن نشهد اليوم بشكل جلي لا لبس فيه عملية إبادة جماعية.. مئات الآلاف سقطوا بين قتيل وجريح جراء هذه الحرب.. أكثر من 80% من سكان غزة أجبروا على النزوح قسرا وترك منازلهم، وهم الآن أصبحوا عاجزين عن العودة إليها نتيجة تدمير 70% من التجمعات والاحياء السكنية في القطاع بشكل كامل أو جزئي".
وأضاف زملط بأن مدينة غزة تحتاج ما لا يقل عن 500 شاحنة مساعدات يومياً، بينما لا يسمح سوى بدخول عدد ضئيل جدا، لا يكفي لسد العجز والنقص الحاد في احتياجات السكان الضرورية من غذاء ودواء مع استمرار إسرائيل بقطع الماء والكهرباء، الأمر الذي يفاقم المعاناة الإنسانية ويترك ملايين المدنيين تحت خطر المجاعة وتفشي الأمراض والأوبئة.
وفي معرض إجابته عن أسئلة بعض الصحافيين، أشاد السفير بالحراك الشعبي والمظاهرات الحاشدة التي تخرج أسبوعياً في العاصمة لندن وسائر مدن المملكة المتحدة منذ بدء العدوان على غزة، واصفاً إياها بالأكثر سلمية في التاريخ الحديث، كونها لم تسجل حالة عنف واحدة أو تشهد أي خروج على القوانين وقواعد النظام العام، معتبراً أن كل من يحاول تشويه تلك الصورة الحضارية، ينبغي عليه أن يشعر بالعار، منتقداً في الوقت ذاته، حالة الفوضى التي عمّت البرلمان البريطاني الأسبوع الفائت أثناء جلسة تصويت تدعو لوقف إطلاق النار، وما تخللها من تجاذبات سياسية ومزايدات حزبية على حساب أرواح ودماء آلاف الأبرياء في غزة .
وفي ما يخص التصريحات العنصرية التي طالت عمدة لندن صديق خان بعد أن اتهمه نائب في حزب المحافظين بسيطرة الجماعات الإسلامية على مواقفه، قال زملط: " ينبغي علينا مكافحة الإسلاموفوبيا مثلما نكافح معاداة السامية وكل أشكال التطرف والتعصب دون تمييز واستثناء بين أي دين أو عرق أو لون .. نشهد تنامي متسارع في خطاب الكراهية والأعمال العدائية ضد المسلمين في المملكة المتحدة، تجاوزت على مدار الـ 5 أشهر المنصرمة نسبة 335 %، وهذا ما يدفع ثمنه المسلمين والفلسطينيين حول العالم، وأدى إلى مقتل طفل بريء في الولايات المتحدة الأمريكية فقط لمجرد كونه فلسطيني والعديد من الحوادث الأخرى".
من جهة ثانية، حذر السفير من خطورة التهديدات الإسرائيلية باجتياح منطقة رفح، وما سوف ينجم عن ذلك من عواقب إنسانية كارثية غير مسبوقة، محملاً الإدارة الأمريكية مسؤولية لجم حكومة نتنياهو وردعه عن المضي في الهجوم العسكري المزمع تنفيذه برياً.
وفي إجابته على سؤال طرحه "موفد عرب لندن للمؤتمر"، حول مدى جدوى المسار القانوني وجلسات الاستماع في محكمة العدل الدولية بشأن الإبادة الجماعية والآثار القانونية المترتبة على الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، قال السفير: "إن الدعوى القضائية المقدمة من دولة جنوب أفريقيا لدى محكمة العدل الدولية في ما يتعلق بمقاضاة إسرائيل إزاء ما ترتكبه من جرائم حرب وإبادة جماعية بحق المدنيين، بيّنت لنا كيف تتصرف الدول التي تتمتع بقدر عالي من المسؤولية، وهي سابقة قانونية وتعد خطوة مهمة جداً والأولى من نوعها، وبما أن محكمة العدل الدولية هي أعلى سلطة قضائية على المستوى العالمي، فيجب أن تطبق الأحكام الصادرة عنها والتي تنص على توقف الحكومة الإسرائيلية عن القيام بأعمال القصف والقتل والتدمير، وعدم عرقلة دخول قوافل الإغاثة.. حيث لا يمكن السماح لإسرائيل بالتلاعب بالأدلة التي تثبت قيام جيشها بعملية الإبادة الجماعية، وانتهاكها للتدابير المؤقتة التي أعلنت عنها المحكمة في جلسة سابقة.. أنها لحظة تاريخية شديدة الاهمية وينبغي على النظام القضائي الدولي الإيفاء بتعهداته والالتزام بالأسس التي بُنيّ عليها".