عرب لندن
صور رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك حزبه المحافظ الحاكم على أنه قوة التغيير في الانتخابات العامة المقبلة رغم قضائه 13 عاما في السلطة وتزايد مشاعر الاستياء حياله في أوساط الناخبين.
وفي خطاب استمر أكثر من ساعة خلال مؤتمر الحزب السنوي، تعهد سوناك بأن المحافظين الذين يتجهون لتكبد هزيمة في الانتخابات المقبلة وفق استطلاعات الرأي، سيحطمون القالب الذي شكل الحكومة على مدى السنوات الثلاثين الأخيرة.
وقال للحاضرين "سنتصرف بجرأة وبشكل جذري. سنواجه مقاومة وسنكون لها".
وأضاف "سنعطي البلاد ما تحتاجه بشدة ولكنها حرمت منه مرات عديدة".
وتابع "حان وقت التغيير ونحن التغيير".
ويؤذن خطاب سوناك الذي تضمن إعلانات مهمة مرتبطة بالسياسة بما فيها إلغاء جزء من مشروع لسكة قطارات سريعة، بانطلاق حملة الانتخابات.
وخلال المؤتمر، الذي بدأ الأحد، سعى المحافظون لتحديد الفوارق بينهم وبين حزب العمال المعارض. شمل ذلك إثارة قضايا "الحرب الثقافية" مثل تلك المرتبطة بالبيئة وحقوق المثليين والمتحولين جنسيا.
لكن استطلاعات الرأي الأخيرة تشير إلى أن أمام المحافظين مهمة صعبة إذا كانوا ينوون الفوز بولاية سادسة في السلطة.
وأشار استطلاع جديد لشركة "سافانتا" ن شر قبل إلقاء سوناك خطابه إلى تقدم العمال بعشرين نقطة مئوية، وتأخر سوناك عن زعيم حزب العمال كير ستارمر في شعبيته على الصعيد الشخصي بـ12 نقطة.
ويتعين على سوناك، وزير المال السابق الذي انتخبه أعضاء الحزب كزعيم للمحافظين في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، الدعوة إلى الانتخابات بحلول كانون الثاني/يناير 2025 على أبعد تقدير.
وتسود تساؤلات بشأن موعد سعيه لتأكيد تفويضه من قبل الحزب في أوساط القاعدة الانتخابية الأوسع، فيما يحاول خفض التضخم المرتفع الذي أدى إلى أزمة تكاليف معيشة وإضرابات في عدد من القطاعات.
وكما هو متوقع، أكد سوناك صحة الشائعات بأنه سيلغي القسم الثاني من مشروع خط سكة الحديد "إتش إس2" HS2 بين برمنغهام في وسط انكلترا ومانشستر.
وقال "سألغي ما تبقى من مشروع HS2 وبدلا منه، سأعيد استثمار كل فلس، 36 مليار جنيه إسترليني (43,6 مليار دولار)، في مئات مشاريع النقل الجديدة في الشمال وفي ميدلاندز (وسط) وفي أنحاء البلاد".
كان من المقرر أن تكون مانشستر المحطة الأخيرة لمشروع البنى التحتية الضخم الذي تخللته مشاكل مرتبطة بالتكاليف الباهظة وتأخر عمليات التسليم.
أثار القرار غضب سياسيين محليين في شمال انكلترا، علما بأن العديد من تلك المناطق انتقلت من تأييد العمال إلى المحافظين في آخر انتخابات جرت عام 2019 بعد وعود التعامل مع عدم المساواة اقتصاديا على الصعيد الإقليمي.
وأفاد رئيس بلدية مانشستر من حزب العمال آندي بورنهام بأن هناك "اختلاف تام بين خطة نقل تم تركيبها في غرف الفنادق خلال مؤتمر حزبي.. وخطة نقل عمل قادة في الشمال عليها على مدى سنوات".
وذكر سوناك بأنه مستعد للتعامل مع الانتقادات، مشددا على أن "الوقائع تغيرت والأمر الصحيح الذي ينبغي القيام به عندما تتغير الوقائع هو امتلاك الشجاعة لتغيير التوجهات".
وفي أجزاء أخرى من خطابه الذي ركز إلى حد كبير على القضايا الداخلية، اقترح سوناك تشديد حملة مكافحة التدخين عبر اتباع النهج النيوزيلاندي القائم على رفع الحد العمري الأدنى لشراء السجائر بسنة كل عام.
كما تعهد بإدخال إصلاحات على قطاع التعليم.
وقدمت سوناك على المسرح زوجته أكشاتا مورتي إذ أشادت بميزاته ليتحول خطابه الأول كرئيس للوزراء إلى محاولة لكسب التأييد لقيادته.
لكن إقناع الناخبين باختيار المحافظين مجددا سيشكل مهمة صعبة للغاية، نظرا إلى تململ كثر من الحزب الذي ما زال في السلطة منذ 2010 وفترات الاضطرابات التي شهدها عهدا سلفيه ليز تراس وبوريس جونسون.
ويمكن لثلاث جولات انتخابات تكميلية وشيكة أن تكشف حجم المهمة المحدقة، إذ يواجه المحافظون خطر خسارة كل منها رغم فوزهم في اثنتين عام 2019.
وبدا أن العديد من أنصار الحزب رحبوا بخطاب سوناك، إذ قوبل بتصفيق حار فيما وقف البعض تأييدا له.
لكن الخبراء يؤكدون بأن الأهم هي المواقف خارج القاعة.
وقال الاستاذ المساعد في السياسية العامة والاستراتيجيات في جامعة أنغليا روسكين ريتشارد كار لفرانس برس "الحقيقة هي أنه لم تعد لديهم (المحافظون) مساحة" للمناورة.
وتابع "في مواجهة معارضة عمالية تبدو أمورها منظمة، تبدو النتيجة الأرجح هزيمة انتخابية كبيرة".