حازم المنجد - لندن

بدعوة من أكاديمية الفنون والتراث العربي في بريطانيا جرى التوقيع خلال أمسية ثقافية يوم السبت 24/62023 على إصدار رواية سمعت كل شي للكاتبة والإعلامية العراقية سارة الصراف في قاعة Village club hall barrow وسط حضور وتفاعل كبير من شخصيات أدبية واجتماعية عراقية وعربية مقيمة داخل مدينة لندن وخارجها على حد سواء.

وخلال الأمسية التي أدارتها المخرجة زينة الجواري، وبعد الترحيب الحار بالحضور جرى التعريف عن جزء من فصول الرواية والسياق العام وطبيعة الظروف التي تمخضت عنها هذه الرواية، كما قدمت الجواري لمحة عن أحداث الرواية التي تدور في مدينة بغداد إبان سنوات الحرب العراقية-الإيرانية وما تمخض عنها من قصص إنسانية مأساوية وكارثية، وكذلك وضعت الجواري الحضور في الجو العام الذي كان سائداً من ناحية انعدام الاستقرار الأمني والنفسي وحتى المكاني الذي انعكس على بناء الشخصيات وتفاصيلها في تلك الفترة الحرجة والصعبة التي مرّت بها الكاتبة وعموم الشعب العراقي، فقد استغرقت كتابة الرواية ما يقارب 14 عاما قبل أن تبصر النور.

وقالت الجواري بأن القارئ العراقي بشكل خاص والعربي بشكل عام سوف يعيش تفاصيل التفاصيل في الرواية من خلال تصوير حياة الشخصيات بطريقة تلامس الواقع والأحاسيس، مؤكدة في ذات الوقت بأن حكاياتها نسجت بلغة جميلة، واستعملت بعض المصطلحات والمفردات الشعبية سوف تجذب القراء، وتحرك مشاعرهم وعواطفهم، وتبعث فيهم ذكريات الحنين والشوق للعيش في بلد جميل يمثل واحدة من أقدم وأعرق حضارات العالم.

كما أعربت الجواري في نهاية حديثها عن فخرها مثلها مثل بقية العراقيين في ولادة روائية نسائية جديدة تبرز دور المرأة العراقية ومكانتها على اعتبار أنها امرأة قوية مقاومة صنديدة تحب الحياة ومتمسكة بالأمل، بالرغم من كل الظروف والصعوبات التي مرت بها خلال سلسلة من الحروب المتتالية.

من جهتها تحدثت الكاتبة سارة الصراف عن بعض الشخصيات الأساسية في الرواية مثل "عشتار" وهي شخصية محورية في الرواية تغوص بعمق في مشاعر المرأة التي تعيش في ظل ظروف الحرب والحب عبر مراحل الطفولة، مرورا بفترة المراهقة وصولا إلى حالة الزواج وتأسيس العائلة.

وأقرت الصراف في خضم حديثها عن وجود شخصيات في الرواية مقربة إلى نفسها، وترتبط بها عائلياً، مثل شخصية عماد المقتبسة من واقع وأنماط العلاقات الاجتماعية وتشعباتها التي كانت سائدة زمن الحرب، وهو في الحقيقية "خالها" الذي يتوفى في سن مبكرة أثناء إحدى الهجمات العسكرية، وهذا المشهد الوجداني، وظفته على حد قولها في نص الرواية بين "عماد وعايدة"، وأيضاً مشهد عودة ثائر الذي تعرض لجراح خطيرة عندما كان يحارب على جبهة الموت وتصوير مشهد العناق مع عائلته لاسيما والدته التي هي في الحقيقة "جدتها" في مشهد يتبارى فيه الموت والحياة، وتختلط فيه مرارة الحرب بحلاوة اللقاء.

وفي معرض إجابتها عن سؤال من قبل أحد الحضور، أشارت الصراف إلى تجربتها في الكتابة وجملة العوامل التي ساعدتها في إنجاز رواية "سمعت كل شي"، فقد لعبت مكتبة جدها التي احتوت بين رفوفها على كتب متنوعة وغنية وهو "العلامة أحمد نسيم سوسة" دوراً هاماً في نشوء ملكة الكتابة لديها، وقالت إنها كانت تمضي ساعات طويلة منكبة على القراءة في عصر غاب عنه الإنترنت والهاتف المحمول ووسائل الاتصال الحديثة، وأضافت بأن الشعور بجينات وبذور حب القراءة والكتابة كان يتملكها وولد معها منذ الطفولة، يضاف إلى ذلك عنصر الشغف وسنوات الهجرة الطويلة الحبلى بمشاعر الشوق والحنين للوطن؛ وبالتالي الأفكار تتخمر لتخط السطر الأول من فصول تلك الرواية وبتشجيع منقطع النظير من ثلة من أصدقائها وزملائها المقربين إليها.

ونوهت الصراف أيضا إلى جانب مهم في مسيرتها الإعلامية وهي تجربة العمل الصحفي داخل القناة العراقية، وتتلمذها على أيدي صحفيين مخضرمين، مما جعلها تكتسب مهارات جديدة، وتصقل موهبتها وتنمّي قدراتها في الكتابة بلغة عربية صحيحة وسليمة.

وأردفت الصراف بأنها كانت تعيش بعد منتصف التسعينيات حياة يسودها استقرار اجتماعي نفسي وعاطفي صحبة زوجها وأطفالها في بغداد، لكن بعد استشهاد ولادتها في أحد التفجيرات عقب احتلال العراق 2003 بدأت رحلة الهجرة إلى دولة الإمارات وتحديدا مدينة دبي باعتبارها آنذاك إحدى الوجهات المفضلة للصحفيين لاحتوائها على مدينة إعلامية ضخمة يعمل بها العديد من الوكالات الإخبارية والفنية العربية وحتى العالمية ازدادت على إثرها خبرة العيش لديها في كنف الغربة.

وأفصحت الصراف في ختام حديثها عن الأفكار التي بدأت تراودها في الهجرة العكسية ومشروعها الذي شرعت بالتخطيط له، والذي يتمثل في العودة إلى حضن الوطن لعدم قدرتها على مقاومة مشاعر الحنين وذكريات الطفولة بين أزقة وشوارع مدينة بغداد التي تغلبها بين الفنّية والأخرى، ولا تزال ترافقها في أي بلد تقيم فيه أو أي أرض تحل بها. 

جدير بالذكر أن اقتناء رواية "سمعت كل شيء" يُمثل فرصة مميزة لمحبي وعشاق قراءة الروايات الأدبية، وذلك لما تحمله بين صفحاتها وسطورها من قصص وصور وتفاصيل إنسانية، نقلتها الكاتبة في سياق درامي ممتع وقالب لغوي شيق وبسيط لا يخلو من الرصانة الممزوجة باللهجة العراقية المحببة تنقل أحداث يومية بعيدا عن أطروحات السياسية وتعقيداتها التي كانت سائدة في حقبة صاخبة بالأحداث والآلام من تاريخ العراق.

 

 

السابق علماء بريطانيا المسلمون يشككون في صحة رصد السعودية لهلال الشهر الجديد ويدعون لاستطلاعه محليا
التالي ناشطون يتظاهرون أمام السفارة الإسرائيلية في لندن تأكيداً على دعمهم للشعب الفلسطيني