حازم المنجد - لندن

لا يعرف المرء ماذا تخبئ له الحياة من أقدار بحلوها ومرها، ولا يدري بأي أرض قد تحط أقدامه في نهاية المطاف، فكثيرة هي قصص السوريين وحكاياتهم التي انتشرت مع انتشارهم في شتى بقاع الأرض غربًا وشرقًا، وبكل ما تحمله في طياتها من صعوبات وتحديات وطموحات.

هذا ما ينطبق على قصة الفنان علاء شاشيط التي أجبرته ظروف الحرب القاسية على الهجرة خارج سوريا، بحثا عن ملاذ آمن يمكنه من مواصلة دراسته في المجال الفني، ويتيح له فرصة العمل على تحقيق حلم الطفولة بامتلاك مرسم يعرض من خلاله أعماله ولوحاته الفنية.

تخرج علاء من كلية الفنون الجميلة في دمشق عام 2011، وهو العام الذي ترافق مع اضطراب الأوضاع في سوريا، والتي بدأت تأخذ منحى عنفيا ودمويا تصاعديا، حينها قرر المغادرة والسفر تاركًا وراءه المرسم الذي يعمل به بكل ما يحتويه من ريش وأدوات ورسومات ومن علاقات وذكريات فنية، فضلا عن ألم فراق الأهل والبعد عن الوطن.

سافر علاء مؤقتًا إلى لبنان، ومكث فيها لفترة وجيزة، وبعدها اختار السفر إلى ماليزيا كونها إحدى أفضل الخيارات المتاحة أمامه، وهنالك بدأ رحلة جديدة مليئة بالتحدي والطموح وغنية بالتجارب والخبرات والاحتكاك مع ثقافات مختلفة، استطاع اكتساب مهارات جديدة، وتمكن من متابعة تحصليه العلمي-الفني، فحاز شهادة ماجيستر في الفن المعاصر، وعمل في إحدى الشركات التي تبنت أعماله ولوحاته وآمنت بموهبته وقدراته الفنية.

وقال شاشيط أثناء حديثه لموقع "عرب لندن"، إنه بعدما شاءت الأقدار أثناء سفره في رحلة عمل مع شركته إلى بريطانيا للمشاركة في إحدى المعارض الفنية، أن يتفشى وباء كورونا الذي نجم عنه إغلاق الحياة العامة مبكرًا في ماليزيا نظرا لقربها من الصين، مما جعله يفكر مليا قبل اتخاذ قراره بتقديم طلب لجوء في بريطانيا، ليبدأ معه فصل جديد في رحلة حياته بين إثبات الذات وتحقيق الطموح.

وأوضح شاشيط بأن لوحاته تعكس ما يعرف بالفن التجريدي الانطباعي، وهو فن غير مألوف، وقد يبدو غريبًا لدى كثير ممن يشاهدوه للوهلة الأولى، لكنه يجسد في تلك اللوحات والأعمال الفنية تجاربه الإنسانية وعلاقتها بالمحيط الذي عاش وتأثر به، من خلال محاولته الدمج بين عناصر من التاريخ والحرب والطفولة والثقافات، بقصد التعبير عن الهوية والانتماء، وكذلك تصوير المعاناة والتشرد.

وجدير بالذكر أنه نظرًا للصعوبات المالية التي يواجهها شاشيط، يتخذ من إحدى الغرف الصغيرة المجاروة لمكان غرفة سكنه في إحدى مباني مدينة لندن مركزا لرسم لوحاته، على أمل أن يفتتح في المستقبل معرض خاص بأعماله الفنية.

السابق دعوة لحضور حفل أوبرا في بيت الأوبرا الملكي بلندن بمشاركة المغنية إيناس مصالحة.. إليك التفاصيل
التالي فيديو: حوار مفتوح للجالية العربية في بريطانيا بحضور نخبة من الأكاديميين والناشطين والصحافيين