عرب لندن
طرأ تأخير، يوم السبت، على استعدادات وكالة الفضاء الاميركية (ناسا) لإطلاق صاروخها العملاق الجديد نحو القمر، قبل ساعات من الموعد المقرر له، بعدما كانت أرجأت في مطلع الاسبوع إقلاع هذه المهمة التي تستهل بها الولايات المتحدة برنامجها للعودة إلى القمر "أرتيميس"، بعد 50 عاما على آخر رحلة ضمن برنامج "أبولو" (الصورة من الموقع الرسيمي لوكالة ناسا الأميركية /nasa.gov ).
ويأمل عشرات الآلاف من المتفرجين أن يكون انتظارهم في محله ليختبروا مشهدا مذهلا لإطلاق صاروخ "اس ال اس" البرتقالي والأبيض من منصة 39B في مركز كينيدي الفضائي في فلوريدا والذي ي عتبر الأكبر في العالم.
ومن المقرر أن يقلع الصاروخ عند الساعة 14,17 بالتوقيت المحلي (18,17 بتوقيت غرينتش) مع احتمال تأخير يصل إلى ساعتين إذا استلزم الأمر.
اما الظروف الجوية فهي مؤاتية بنسبة 60% في المرحلة الأولى من الإطلاق ثم تتحسن تدريجيا لتصل إلى 80%.
وقبل دقائق من حلول الساعة السادسة صباحا بالتوقيت المحلي، أعطت مديرة الإطلاق تشارلي بلاكويل-تومسون الضوء الأخضر لبدء عملية ملء خزانات الصاروخ بالوقود المبرد الذي يتألف في المجموع من نحو ثلاثة ملايين لتر من الهيدروجين والأكسجين السائلين.
ولكن بعد أكثر من ساعة بقليل، تم اكتشاف تسرب عند أسفل الصاروخ، على مستوى الأنبوب الذي يمر الهيدروجين من خلاله إلى الخزان. وأوقف التدفق موقتا، قبل استئنافه بعدما أعادت الفرق العملية يدويا .
وكانت محاولة الإقلاع الأولى الاثنين ألغيت في اللحظة الأخيرة بسبب مشاكل فنية أبرزها في تبريد المحركات.
وإذا حالت أي عقبة دون إنجاز العملية السبت قد يعاد تحديد موعد آخر لإطلاق الصاروخ وربما يكون الاثنين أو الثلاثاء. وسيتعين بعد ذلك الانتظار حتى 10 أيلول/سبتمبر على أقرب تقدير لأسباب تتعلق بموقعي الأرض والقمر.
ويتمثل هدف مهمة "أرتيميس 1" غير المأهولة في إطلاق كبسولة "أوريون" في المدار حول القمر للتحقق من أن المركبة آمنة لرواد الفضاء المستقبليين.
وبفضل هذه الكبسولة الجديدة، تعتزم وكالة الفضاء الأميركية استئناف الاستكشافات البشرية البعيدة في الكون، إذ ان القمر يبعد عن الأرض مسافة تفوق تلك التي تفصلنا عن محطة الفضاء الدولية بألف مرة.
لكن قبل كل شيء، تهدف ناسا من خلال هذا البرنامج إلى ترسيخ وجود بشري دائم على القمر، قبل أن تعتمد نقطة انطلاق لمهمة على المريخ.
ويتوقع أن يصل عدد الحاضرين لمشاهدة عملية إطلاق الصاروخ خلال عطلة نهاية الأسبوع في الولايات المتحدة إلى 400 ألف شخص اعتمدوا الشواطئ المحيطة للاستقرار عليها.
وقام بهذه الخطوة عدد كبير من رواد الفضاء من بينهم الفرنسي توما بيسكيه.
وفي حال نجحت عملية إطلاق الصاروخ، يفترض أن تسقط بعد دقيقتين من الإقلاع المعززات الصاروخية في المحيط الأطلسي. وبعد ثماني دقائق، ينفصل الجزء الرئيسي بدوره. وبعد حوالى ساعة ونصف الساعة، ستؤدي عملية اندفاع أخيرة للجزء العلوي إلى تثبيت الكبسولة في المسار المؤدي إلى القمر الذي ستستغرق عملية الوصول إليه أيام عدة.
ويتوقع أن تستمر المهمة ستة أسابيع. وستصل الكبسولة إلى 64 ألف كيلومتر ما بعد القمر، أي أبعد من أي مركبة فضائية أخرى صالحة لنقل البشر حتى الآن.
ويتمثل الهدف الرئيسي لـ"أرتيميس 1" في اختبار الدرع الحرارية للكبسولة أثناء عودتها إلى الغلاف الجوي للأرض، بسرعة تقرب من 40 ألف كيلومتر في الساعة ودرجة حرارة توازي نصف حرارة سطح الشمس.
وفي المجموع، يفترض أن تجتاز الكبسولة نحو 1,2 كيلومترا حتى هبوطها في المحيط الهادئ.
وسيشكل النجاح الكامل للمهمة ارتياحا لناسا التي كانت تعتزم أصلا إطلاق الصاروخ سنة 2017. وبحسب تدقيق حسابي رسمي، ستتخطى المبالغ التي استثمرتها الوكالة في برنامج العودة إلى القمر بحلول نهاية عام 2025 الـ90 مليار دولار.
واستوحي اسم "أرتيميس" من الأخت التوأم للإله اليوناني أبولون، في تشابه بالأسماء مع برنامج أبولو الذي أرسل إلى القمر بين عامي 1969 و1972 رواد فضاء من ذوي البشرة البيضاء فقط.
وترغب ناسا من خلال "أرتيميس" أن ترسل إلى القمر اول شخص من أصحاب البشرة الملونة واول امرأة.
وبعد هذه المهمة الأولى، ستنقل "أرتيميس 2" رواد فضاء إلى القمر في العام 2024، من دون أن تهبط على سطحه. وأول هبوط لمهمة مأهولة سيحصل لطاقم "أرتيميس 3" في العام 2025 على أقرب تقدير. وتسعى "ناسا" إلى إطلاق مهمة واحدة سنويا بعدها.
والهدف من ذلك هو إنشاء محطة فضائية ("غايتواي") في مدار حول القمر بالإضافة إلى قاعدة على سطحه.
وترغب ناسا في استخدام هذه المحطة لإجراء اختبارات على التقنيات الأساسية لإرسال البشر إلى المريخ ومن بينها بزات جديدة، ومركبات تنقل واستخدام محتمل للمياه الموجودة في القمر.
ويشير مدير ناسا بيل نيسلون إلى محاولة إجراء رحلة إلى المريخ على متن أوريون وتستمر سنوات عدة في نهاية العقد الثالث من القرن الحالي.