عرب لندن
يرقد الكاتب البريطاني سلمان رشدي، الذي أصدر مؤسس الجمهورية الإسلامية آية الله روح الله الخميني فتوى بهدر دمه في 1989 بسبب روايته "آيات شيطانية"، في المستشفى، حيث وضع على جهاز تنفس اصطناعي بعدما طعنه رجل في عنقه وبطنه خلال مؤتمر في ولاية نيويورك تم توقيفه لاحقا، ما أثار سلسلة إدانات دولية.
ولم يتم الكشف عن أي معلومات بشأن تطور الوضع الصحي للكاتب الموصول بجهاز تنفس اصطناعي في مستشفى في مدينة ايري في ولاية بنسلفانيا، على ضفة بحيرة تحمل اسم المدينة نفسها وتفصل بين الولايات المتحدة وكندا.
واعتقل المهاجم على الفور وأوقف قيد التحقيق. ولفتت الشرطة إلى أنه يدعى هادي مطر وعمره 24 عاما ويقطن في مدينة فيرفيلد في ولاية نيوجيرزي.
وأعلنت النيابة المحلية، السبت، أن مطر "ملاحق رسميا بتهمة محاولة القتل والاعتداء"، مضيفا أن محققين من الشرطة الفدرالية "اف بي آي" يعملون على الجريمة ذات البعد الدولي.
وأثار الهجوم موجة من الإدانات الدولية، واعتبره البيت الأبيض "عمل عنف مروعا".
وأعلنت صحيفة "شارلي إيبدو" الفرنسية الساخرة، والتي استهدف هجوم إسلامي قام منفذه بإعدام جميع أعضاء هيئة تحريرها تقريبا عام 2015، أن "لا شيء يبرر فتوى، لا شيء يبرر حكما بالإعدام".
وأشار علي قاسم تحفة رئيس بلدية قرية يارون في جنوب لبنان إلى أن هادي مطر "من أصول لبنانية". وتابع، في حديث مع وكالة فرانس برس، "ولد ونشأ في الولايات المتحدة، ووالده ووالدته من يارون".
وهنأت صحيفة "كيهان" الإيرانية المحافظة المتشددة، السبت، منفذ الهجوم. وكتبت الصحيفة التي يعين المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي رئيسها "مبروك لهذا الرجل الشجاع المدرك للواجب، الذي هاجم المرتد والشرير سلمان رشدي". وأضافت "لنقب ل يد من مزق رقبة عدو الله بسكين".
وفي سوق الكتب في طهران، السبت، الجميع على علم بالهجوم الذي تعرض له الكاتب البريطاني سلمان رشدي في الولايات المتحدة، لكن مؤيدي العملية فقط هم من يعبرون عن آرائهم.
وقال مهراب بيغدلي الذي يقد م نفسه على أنه شيعي متدين "سررت جدا لسماع النبأ. أيا يكن منفذه (منفذ الهجوم) أقبل يده (...) لعن الله سلمان رشدي".
وفور وقوع الاعتداء على سلمان رشدي ومحاوره في قاعة محاضرات في مركز ثقافي في تشوتوكوا بشمال غرب ولاية نيويورك، نقل الكاتب في مروحية إلى أقرب مستشفى حيث خضع على وجه السرعة لعملية جراحية، وفق ما أفاد الميجور في شرطة ولاية نيويورك يوجين ستانيزيفسكي للصحافيين.
وكانت الشرطة أعلنت قبيل الساعة 11,00 (15,00 ت غ) أن رجلا "اندفع إلى مسرح (المدرج) وهاجم سلمان رشدي ومحاوره" موضحة أنه "طعن" الكاتب "في رقبته" و"بطنه".
وصرح وكيل أعمال الكاتب أندرو وايلي مساء الجمعة لصحيفة نيويورك تايمز أن "الأنباء ليست جيدة". وقال إن سلمان رشدي البالغ 75 عاما "سيفقد إحدى عينيه على الأرجح وقطعت أعصاب ذراعه وتعرض كبده للطعن والتلف"، مشيرا إلى أن الكاتب موصول بجهاز تنفس اصطناعي.
أما المحاور رالف هنري ريس (73 عاما) فأصيب "بجروح طفيفة في الوجه"، حسب المصدر نفسه، وخرج من المستشفى.
وسلمان رشدي مولود في 19 حزيران/يونيو 1947 في بومباي قبل شهرين من استقلال الهند، ونشأ في عائلة من المثقفين المسلمين الأثرياء والتقدميين. وأثار غضب العالم الإسلامي بروايته "آيات شيطانية" مما دفع آية الله روح الله الخميني إلى إصدار فتوى في 1989 تدعو إلى قتله.
واضطر الروائي منذ ذلك الحين إلى التواري والعيش في السري ة تحت حماية الشرطة.
وعانى عزلة شديدة تفاقمت مع انفصاله عن زوجته الروائية الأميركية ماريان ويغينز التي أهداها كتابه "آيات شيطانية". وهو يعيش منذ سنوات بعيدا عن الأنظار في نيويورك حيث استأنف حياة شبه طبيعية تدريجيا، مواصلا الدفاع في كتبه عن حرية التهكم وعدم احترام الأديان.
لكن "الفتوى" لم تلغ واستهدفت هجمات العديد من مترجمي كتابه جرح بعضهم وقتل آخرون مثل الياباني هيتوشي إيغاراشي الذي أصيب بعدة طعنات في 1991.
وأجرت مجلة "شتيرن" الألمانية مقابلة مع رشدي قبل أيام من تنفيذ الهجوم في نيويورك، ونشرت منها مقطعا السبت قال فيه الكاتب البريطاني "منذ بدأت أعيش في الولايات المتحدة، لم يعد لدي مشاكل (...) عادت حياتي إلى طبيعتها".
وأكد رشدي خلال المقابلة أنه "متفائل"، لكنه لفت أيضا إلى أن "التهديدات بالقتل أصبحت يومية".
في الولايات المتحدة، شهدت مواقع البيع عبر الإنترنت، مثل أمازون، زيادة في الطلبات على شراء "آيات شيطانية".
وندد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو السبت بـ"الهجوم الجبان" و"الإساءة لحرية التعبير".
وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجمعة في تغريدة "منذ 33 عاما، يجسد سلمان رشدي الحرية ومحاربة الظلامية (...) نضاله هو نضالنا، وهو نضال عالمي. اليوم، نقف إلى جانبه أكثر من أي وقت مضى".
بدوره، دان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الهجوم "المروع" مؤكدا أن "العنف لا يمكن في أي من الأحوال أن يكون ردا على الكلام".
وصدر تنديد مماثل من الامين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش.