عرب لندن
رغم مخاطر التعرض لإجراءات رد من الاتحاد الأوروبي، هددت الحكومة البريطانية، الثلاثاء، باللجوء إلى التشريع في الأسابيع المقبلة من أجل التراجع عن الضوابط التي فرضت بعد بريكست وأغرقت ايرلندا الشمالية في أزمة سياسية.
بسبب المأزق السياسي في ايرلندا الشمالية واضطراب التبادل التجاري بين ايرلندا الشمالية وبقية انحاء بريطانيا، تريد لندن إعادة التفاوض بالعمق حول البروتوكول الايرلندي الشمالي المبرم مع الاتحاد الاوروبي فيما أبدت بروكسل استعدادها فقط لتعديلات.
بعد أشهر من المحادثات غير المثمرة، قالت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس امام النواب ان الحكومة تريد "عرض مشروع قانون في الأسابيع المقبلة لإدخال تغييرات على البروتوكول".
وأضافت الوزيرة "لا يتعلق الأمر بإلغاء البروتوكول" ومشروع القانون المقترح يتوافق مع التزامات بريطانيا في مجال القانون الدولي.
وتابعت "لا نزال نفضل حلا تفاوضيا مع الاتحاد الاوروبي وفي موازاة ذلك ادخال التشريع، نبقى منفتحون على اجراء محادثات جديدة اذا كان بإمكاننا الحصول على نفس النتيجة بفضل اتفاق متفاوض عليه".
من جهته حذر الاتحاد الأوروبي من انه سيرد "بكل الوسائل بحوزته" على الاعمال الاحادية من جانب لندن وأكد نائب رئيس المفوضية الأوروبية ماروس سيفكوفيتش ان "اعمالا أحادية تتعارض مع اتفاق دولي، غير مقبولة".
سبق ان حذر الأوروبيون من ان العودة عن وضع ايرلندا الشمالية الذي تم التفاوض عليه بصعوبة، يمكن ان يهدد بشكل عام اتفاق التبادل الحر الذي يسهل المبادلات بين بريطانيا والاتحاد الاوروبي ويفتح الطريق امام حرب تجارية في إطار من التضخم الشديد.
لم يتم عرض مشروع القانون بعد واعتماده يمكن ان يستغرق اسابيع لكن الحكومة البريطانية تتعرض لضغوط من أجل التحرك بسرعة. لأنه منذ الفوز التاريخي للجمهوريين من حزب شين فين في الانتخابات المحلية في 5 أيار/مايو، تواجه المؤسسات في ايرلندا الشمالية شللا.
ويرفض "الحزب الديموقراطي الوحدوي" المؤيد للمملكة المتحدة، المساعدة في تشكيل إدارة تنفيذية قبل تغيير البروتوكول لإلغاء عمليات التدقيق التجاري بين إيرلندا الشمالية وبر بريطانيا العظمى الرئيسي، والذي يعتقد أنها تهدد وضع المقاطعة ضمن المملكة المتحدة.
ويعتزم الوحدويون المتمسكون بالاتحاد مع المملكة المتحدة الاحتجاج على البروتوكول الايرلندي الشمالي الموقع بين لندن وبروكسل لحل المسالة الحساسة المتعلقة بالحدود بين ايرلندا الشمالية، المقاطعة البريطانية، وجمهورية ايرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي، بعد بريكست. وأنشأ هذا النص حدودا جمركية بحكم الأمر الواقع مع بريطانيا ويهدد، بحسب قولهم، مكانة المقاطعة في بريطانيا.
في صلب هذا الصراع السياسي، زعيم الحزب الوحدوي جيفري دونالدسون الذي طالب بـ"أفعال" لا بـ"أقوال"، وقال الاثنين "أريد رؤية الحكومة تقر قانونا يؤمن الحل الذي نحتاج إليه".
في المقابل يعارض الجمهوريون من حزب شين فين بشدة مشروع القانون البريطاني.
وندد الجمهوريون بالتهديد الذي لوحت به بريطانيا ويشبه التهديدات الصادرة عن "دولة مارقة" بحسب ما كتبت على تويتر رئيسة هذا الحزب ماري لو ماكدونالد.
ينص مشروع القانون على مرور البضائع المتداولة والمتبقية داخل المملكة المتحدة عبر "قناة خضراء جديدة" وتحريرها من الإجراءات الإدارية. وستظل البضائع الموجهة إلى الاتحاد الأوروبي خاضعة لجميع الضوابط وعمليات التدقيق المطبقة بموجب قانون الاتحاد الأوروبي.
قالت تروس إن "الشركات ستتمكن من الاختيار بين احترام المعايير البريطانية او الاوروبية في نظام مزدوج جديد".
للرد على قلق الاتحاد الأوروبي بشأن حماية السوق الموحدة، تعد لندن بمشاركة المزيد من البيانات.
أوضح رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الذي حاول الثلاثاء القيام بوساطة بين القوى السياسية في ايرلندا الشمالية، ان الحكومة ترغب في "التخلص من بعض العراقيل الصغيرة نسبيا أمام التجارة". وقال "أعتقد أن هناك حلولا مشتركة براغماتية جيدة ومعقولة. علينا العمل مع أصدقائنا في الاتحاد الأوروبي للتوصل الى ذلك".
أما جمهورية ايرلندا المجاورة لإيرلندا الشمالية والعضو في الاتحاد الاوروبي، فهي قلقة بشكل خاص من تداعيات قرار بريطاني احادي محتمل. وعبر وزير الخارجية الايرلندي سيمون كوفيني عن قلقه من ضربة "للثقة" تجعل من الصعب اكثر "التوصل الى حلول" قائلا انه "يأسف بشدة" لما يصدر عن بريطانيا.