عرب لندن
تحدثت صحيفة الفايننشال تايمز في تقريرا لها عن موجة نزوح للشركات من بريطانيا إلى هولندا، بسبب تعقيدات الجمارك عبر بحر الشمال، الذي يفصل بريطانيا عن القارة الأوروبية، وهو التقرير الذي يركز على إقبال متزايد من الشركات البريطانية على استئجار مساحات تخزين في هولندا، لتفادي التجارة عبر الحدود بين بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي.
وحسب أرقام هيئة "استثمر في هولندا" الحكومية، التي استند إليها أحمد مصطفى، في مقال له بعنوان " "هجرة جماعية" للشركات من بريطانيا إلى هولندا... فما الأسباب؟"، على صحيفة إندبندنت، فإنه منذ 2017، أي العام التالي لاستفتاء "بريكست" في بريطانيا، قام أكثر من 90 مستثمراً ببناء أو استئجار مخازن ومساحات للبضائع. نصف هذا العدد في العام الماضي 2021 وحده. من بين تلك الشركات "هوبو" المتخصصة في توفير المتطلبات اللوجيستية لشركات مبيعات التجزئة الإلكترونية (البيع أونلاين).
وتنقل الفايننشال تايمز، حسب أحمد مصطفى، عن الرئيس التنفيذي لـ"هوبو"، مارتن بايش، قوله إنه اضطر إلى التصرف بعدما هجرها زبائنها عندما وصلت مفاوضات اتفاق "بريكست" بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي إلى نقطة حاسمة في ديسمبر (كانون الأول) 2020. وأضاف "خسرنا نحو عشرة في المئة من عائداتنا نتيجة هجرة زبائننا من بريطانيا إلى أوروبا".
وعلى الرغم من التوصل إلى اتفاق في اللحظة الأخيرة قبل الخروج الرسمي لبريطانيا في يناير (كانون الثاني) 2021، فإنه تضمن رسوم جمارك ومعايير لسلامة الأغذية والسلع وقيوداً ضريبية.
ويشكو أصحاب الشركات من أن تلك التعقيدات الجديدة لم تكن واضحة، ولم تفسر السلطات بدقة ما عليهم فعله. يقول بايش "لم نكن نعرف ماذا علينا أن نفعل، ولم تكن هناك أي نصائح أو إرشادات من الحكومة".
وإذا كانت شركة هوبو قررت نقل أعمالها إلى هولندا، فهناك الكثير من الشركات الصغيرة قررت ببساطة وقف التجارة مع دول الاتحاد الأوروبي، لأنها لا تستطيع فهم الإجراءات الجديدة وكمية التعقيدات والنماذج الورقية. وساهم في توقف عمل تلك الشركات مع دول الاتحاد الأوروبي خشيتها من ارتكاب عمل لا يتسق مع القواعد الجديدة فتقع تحت طائلة القانون.
لكن الشركات الكبرى سارت على درب "هوبو"، التي نقلت عملياتها إلى منشأة جديدة في أيندهوفن بهولندا قرب الحدود مع بلجيكا ويعمل بها الآن 40 شخصاً. ويقول رئيس الشركة "إن هولندا بلد رائع لتؤسس فيه شركة. فهم على استعداد دائماً للمساعدة، كما أنهم قريبون من الأسواق الرئيسة".
هناك شركات في بريطانيا تتداول أصلاً ببضائع أوروبية، مثل شركة "سناغ"، التي تبيع ملابس داخلية إيطالية للسوق البريطانية ولبعض دول أوروبا. وفي العام الماضي اختارت بناء مركزها للتوزيع في أوروبا وليس بريطانيا.
يقول أحمد مصطفى:"غالباً ما تفكر الشركات في أماكن مثل ألمانيا، التي تمثل سوقاً كبيرة، أو غيرها من الدول الأوروبية. لكن هولندا تتمتع بميزات عدة. أهمها التسهيلات التي تقدمها السلطات لبدء نشاط أو فتح شركة. لكن الشركات البريطانية تواجه صعوبة في توظيف العمالة، حيث لا تزيد نسبة البطالة في هولندا على ثلاثة أو أربعة في المئة ما يعني سوق عمل ضيقة. فضلاً عن أن في هولندا نظام رعاية اجتماعية وحقوق عمال أفضل بكثير من بريطانيا، ما يجعل من الصعب على الشركات التوظيف المؤقت هناك".
ويضيف الكاتب الصحافي:"وغالباً ما تلجأ شركات التجارة الإلكترونية للعمالة المؤقتة، فتزيد العدد في وقت النشاط وتتخلص منه في أوقات ضعف البيع والنشاط. لكن كما يقول توم مارتن، رئيس شركة سناغ "أجور العمالة الدائمة أعلى بنسبة عشرة في المئة عما هي عليه في بريطانيا. أما العمالة المؤقتة فتكلفك الضعف. كما أنه في هولندا يتحمل صاحب العمل كلفة المواصلات للعاملين". مع ذلك فهو يرى الوضع أفضل اقتصادياً للعمل من بريطانيا بعد "بريكست".
من العوامل الأخرى، التي تجعل المستثمرين يفضلون هولندا، حسب الكاتب، أن بها أكبر ميناء أوروبي في روتردام. ويرتبط أيضاً بطريق نقل نهري عبر نهر الراين، الذي يصل إلى قلب المناطق الصناعية في ألمانيا. ومنذ عام 2017 بدا الميناء الهولندي في التوسع على ما يبدو استعداداً لما بعد "بريكست". فضاعف مساحة أعماله إلى أربعة ملايين متر مكعب، أي نحو 400 فدان. ووصل حجم أعمال الميناء العام الماضي إلى أعلى مستوى ليتناول 15.3 مليون حاوية من حجم 20 قدماً.
وسهلت السلطات الهولندية إجراءات التعامل في الميناء وملحقاته من مخازن وغيرها، بحيث لا يستغرق التخليص في الميناء أكثر من أربع دقائق في المتوسط.