بقلم: محمد عايش
لا يوجد إحصائية دقيقة عن عدد البريطانيين العرب، ولكنك لا تكاد تجد حياً في المملكة المتحدة إلا وفيه مطعم سوري أو مخبز لبناني أو بقالة عراقية أو مقهى عربي، فيما تتحول الثقافة العربية تدريجياً الى جزء مهم من الثقافة البريطانية والحياة العامة في البلاد، وهو ما يدل على أن أعداد البريطانيين العرب كبيرة وتزداد بشكل يومي.
الى جانب المواطنين البريطانيين ذوو الأصول العربية فثمة شريحة مهمة من العرب تتدفق على لندن سنوياً، وهم السياح العرب وخاصة الخليجيين الذين يسجلون أعداداً ضخمة لا يُستهان بها سنوياً، فالسعودية وحدها يأتي منها نحو 200 ألف سائح سنوياً الى بريطانيا، ومجمل السياح الخليجيين الذين يقصدون لندن يزيد عددهم عن النصف مليون شخص سنوياً، ما يعني أن السياح العرب بالمجمل ممن يقصدون بريطانيا سنوياً يصل عددهم الى مليون شخص، وهذا عدد هائل يزيد عن تعداد سكان بعض الدول العربية المستقلة!
لكن أهمية الجالية العربية في بريطانيا لا يتوقف عند هذه الأرقام فقط، فهي أرقام مجردة، إذ ثمة ما هو أهم من ذلك، وهو أن السائح العربي يُنفق في بريطانيا عشرات أضعاف ما ينفقه السائح الأوروبي. وتقول الجمعية التجارية البريطانية في أحدث تقاريرها أن المواطنين العرب الذين يقصدون بريطانيا للزيارة يضخون فيها أكثر من 1.3 مليار جنيه استرليني سنوياً.
كما تشير الجمعية ذاتها إلى أن معدل إنفاق السائح السعودي يبلغ 2487 جنيه استرليني، وهو الأعلى على الاطلاق يليه الاماراتي يمعدل إنفاق 2395 جنيه للشخص الواحد ثم الكويتي الذي ينفق 1965 جنيه استرليني.
قبل سنوات انتبهت السلطات البلدية في لندن الى أهمية الجالية العربية، فأطلقت وبرعاية مباشرة من عمدة لندن الذي كان آنذاك بوريس جونسون، أطلقت مهرجاناً ثقافياً عربياً هو الأول من نوعه في أوروبا بأسرها، وأطلقت عليه اسم "مهرجان شبّاك"، ووصفته بأنه "نافذة على الثقافة العربية المعاصرة"، وهو مهرجان استقطب آلاف العرب من البريطانيين المقيمين في البلاد، أو من الطلبة الدارسين، أو السياح الزائرين، وكان أشبه بالملتقى العربي الذي يجمع العرب على اختلاف جنسياتهم الـ22 في لندن التي أصبح العربُ جزءاً منها.
العرب في بريطانيا جالية مهمة، ومكون مهم من هذا المجتمع، أضف الى ذلك أن هذا الوجود العربي انعكس بشكل ملموس على السياسة البريطانية، وبات يوجد في كل من حزب المحافظين وحزب العمال كتل عربية مؤثرة، كما أن الصوت العربي أصبح ذو أهمية وذو اعتبار في الانتخابات العامة.. وهنا من المهم الاشارة الى أن الانتخابات البرلمانية الأخيرة شهدت فوز أول سيدة عربية في تاريخ البلاد، وهي النائبة عن حزب الديمقراطيين الأحرار ليلى موران.. الشابة البريطانية العربية التي تعود أصولها الى الأراضي الفلسطينية المحتلة.
خلاصة الكلام هنا هو أن عرب بريطانيا شريحة مهمة من أبناء هذه البلاد، وهم ليسوا عابرين وإنما يمكن أن يكونوا ذوو تأثير وأصحاب بصمة مهمة على هذه البلاد، وكل ما يحتاجونه هو فقط أن يدركوا ذلك، وأن يندمجوا أكثر في الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية حتى يكون صوتهم مسموعاً، وحتى تستفيد بلادهم الأم منهم ومن جهودهم.